bbc ليست هذه هي مدينة واشنطن لاسيما في مثل هذه الأيام من عام الانتخابات.
شوارع العاصمة الأمريكية خالية من كل شي تقريبا. تندر السيارات في الشوارع. ولا يكاد يسمع القليل من الناس، الذين اضطرتهم الضرورة القصوى للخروج من منازلهم، إلا حفيف الأشجار التي تعصف الرياح بأغصانها.
الرياح المصحوبة بالأمطار المستمرة منذ صباح الاثنين، هي بوادرالإعصار" ساندي" الذي يجرف الساحل الشمالي الشرقي للولايات المتحدة، وتستعد له واشنطن بكل امكاناتها.
إخلاء الشوارع أحد وسائل الاستعداد. فقد نصحت سلطات واشنطن، بصرامة وإلحاح واضحين، الناس بأن يلزموا منازلهم حتى يمر الإعصار على خير.
واستمع الناس للنصيحة بعد أن أوقفت السلطات شبكة النقل العام بما فيها مترو الأنفاق، حتى إشعار آخر، ستحدد موعده الأوزار التي سيضعها الإعصار.
وقالت السلطات إن هذه الخدمات "سوف تستأنف عندما يكون من السلامة أن تعود للعمل".
سعادة لم تكتمل
غير أن المؤشرات تقول إن الانتظار سوف يطول.
فقد قالت هيئة النقل في منطقة واشنطن في بيان رسمي ظهر الاثنين" استعدادا لما بعد العاصفة، يحتاج المسؤولون في شبكة المترو إلى إجراء تقويم شامل للأضرار بما في ذلك خطوط السكة الحديد، والجسور والمحطات والمرافق المتصلة بالشبكة".
واعتاد سائقو السيارات على معاناة القيادة في شارع Constitution ( الدستور) الشهير. ففي هذا الشارع يقع عدد من مؤسسات الدولة المهمة، مثل وزارة الخارجية وبنك الاحتياط الفيدرالي. ولذا فإنه دائم الزحام في الأيام العادية، خاصة في أوائل أيام أسبوع العمل.
لكن السائق آندى بدا سعيدا وهو يطوف بي في الشارع والأحياء المحيطة به في أٌقل من سبع دقائق.
غير أن سعادته لم تكتمل لأن سببها هو ندرة الزبائن في مثل هذه الأجواء.
ليس آندى هو الشاكي الوحيد.
عيد هلاوين مختلف
ففي شارع M Street ( إم ستريت) يشكو أصحاب مطاعم الوجبات السريعة من " وقف الحال" الذي ابتلاهم به الإعصار المرتقب. وفي الشارع نفسه، وهو جزء رئيسي من مدينة جورج تاون المزدحمة دائما، والتي هى جزء من العاصمة، أغلقت كل المتاجر على اختلاف أنشطتها، وحتى الصيدليات.
" أنت ثالث زبون يدخل هذا المكان منذ الصباح"، قالت كاثي، الموظفة في أحد مطاعم Subway( صبواي) . وأضافت بمرارة "نستعد لأن نغلق المتجر مع اقتراب الإعصار الذي فاجأنا".
من المتوقع أن يتسبب الإعصار في خسائر بالمليارات مع اقتراب عيد الهلاوين Halloween (في الحادي والثلاثين من أكتوبر).
وبعض هذه الخسائر، ناتج عن الغاء جميع الرحلات الجوية من وإلى مطاري واشنطن دوليس ورونالد ريجان الدوليين، كما أوقف العمل في شبكة السكة الحديد لأول مرة منذ 9 سنوات.
في هذا العيد، اعتاد الامريكيون، كغيرهم في دول العالم، على ارتداء ملابس تجعلهم يشبهون الأشباح.
لن يكون هلاوين عام 2012 كسابقيه.
الآن، وقبل العيد بثلاثة أيام، يشعر زائر واشنطن بأنه بفعل أجواء الإعصار التي تخيم على المدينة، أتت الأشباح قبل موعدها.
فتلك ليست عاصمة أقوى الدول نفوذا في عالم، يترقب نتائج انتخاباتها الرئاسية السابعة والخمسين.
أوقات صعبة
"ساندي" أنسى الأمريكيين، من سكان واشنطن وغيرها، أجواء الانتخابات.
فباستثناء الإعلانات السياسية في محطات التليفزيون، لا حديث عن صناديق الانتخابات، بل عن اجراءات السلامة وما يمكن أن يفعله الإعصار بحياة الأمريكيين بعد أن يمر.
وكغيرها من عشرات المدن، أعلنت حالة الطوارئ في واشنطن، التي عاد إليها أوباما بعد قطع آخر جولاته الدعائية قبل يوم التصويت النهائي في السادس من الشهر المقبل. وبالمثل، ألغى منافسه الجمهوري ميت رومني حملاته الدعائية ليومي الاثنين والثلاثاء.
واضطرت السلطات أيضا لالغاء التصويت المبكر في الانتخابات ( والذي جرت العادة على أن يبدأ قبل موعد التصويت النهائي بـ 15 يوما على الأكثر توفيرا للوقت).
وحتى المحكمة العليا، اضطرت، وهو نادرا مايحدث، أن تلغى جلساتها الثلاثاء.
وانشغلت وسائل الإعلام في الإجابة على سؤال: هل العاصمة الأمريكية مستعدة لمواجهة الإعصار؟.
ورغم تأثر ملامح وجهه الواضح بما فعله الاعصار بنيويورك، وما قد يفعله واشنطن، سأل صحفي أوباما( بعد القاء كلمة للأمة استغرفت ست دقائق بعد ظهر الاثنين) عن تأثير الاعصار على الحملة الانتخابية.
ورد أوباما ، وقد بدت عليه وجهه علامات الاستياء، إن سلامة الناس لها الأولوية الآن.
وقبل أن يعطي ظهره للصحفيين قال: "الشئ العظيم في بأمريكا، هو أنه عندما نمر بأوقات صعبة مثل هذه، فإننا جميعا نتحد".
ستكون حالة واشنطن، بعد الاعصار، اختبارا لاعتقاد أوباما هذا.