ما أحوج الإنسان إلى الحلفاء الحقيقيين الذين يساندونه في حياته ويكونون سبباً من أسباب بلوغ تطلعاته، وما أحوجه إلى الشعور بالعرفان والامتنان لكل من يقف إلى جانبه ويمد يده للمساعدة.
إننا نقول لأولئك المتفردين بأنفسهم بعيداً عن أقرانهم: رويدكم لا تغلقوا جوارحكم، بل افتحوها وابدءوا صفحة جديدة تسطّرون فيها معنى التكامل ومدّ الجسور ومعنى العمل لبلوغ الهدف المشترك، فليس هناك أثمن من التعاون في تحقيق الأهداف.
ومن منطلق \" كلنا راعٍٍ وكلنا مسئول عن رعيته \" أدعو إلى التفحص في المشهد التربوي الإعلامي فسنجد أن هناك وقفات واستنتاجات حريّة بالتوقف أمامها؛ حيث تأتي ردود الأفعال ضعيفة سلبية أبرز صورها انغلاق وصمّ الآذان عن سماع الهدير الذي علا في أرض الإعلام التربوي النسائي. إننا بحاجة - أيها السادة إلى مبدأ التقويم الجاد المستمر. نحن بحاجة إلى قيادة صانعة للمعرفة وناقدة لبنودها ومدركة لحقيقتها من خلال قراءتنا وتثمين منتجاتنا، قيادة تقدّر الإبداع وتقدّر المخزون الثقافي المعتمد على الجدية والتطوير والقادر على تحقيق مخرجات مثمرة.
إن أغلال الإهمال بات طوق إحباط في عنق الإعلام ، بل أصبح صمت المسئول يكاد يكون قاب قوسين أو أدنى من التضييق على الفكر. ولعل التساؤل الذي يطرح نفسه من البداية يدور حول جاهزية المرجعية الدقيقة والمرنة في آن واحد ، تلك المرجعية المتمثلة في فئات مبدعة داخل البيئة الإعلامية، تلك الفئات التي تنبعث رسائلها من رؤيا واضحة لطبيعة الواقع وقضاياه وهمومه. فأين التكامل الإعلامي ؟ وأين الرؤية الفاعلة من أجل المستثمر القادم؟
أقول: نحن بحاجة إلى مسئولين لديهم قرون استشعار تتحسس التغيير في كل مكان وتكشف الغرض والإمكانات في كل ميدان.
نحن بحاجة إلى المسئول غير المعزول عن نشاط الحركة الفكرية والاجتماعية . مسئول لديه القدرة على استقراء المشاكل والتوقعات ورسم الحلول لها وجعلها مادة بحث معتمدة. نحن بحاجة إلى المسئول الذي يرى بعين الغد، مسئول يدعو إلى التحرر من الروتين الذي كبّل الواقع بقيود النمطية ، مسئول يعيد ألوان الصورة الباهتة لمكانة الإعلام التربوي وتنميته في الوظائف الرسمية داخل المجتمع التربوي في كل مكان.
إننا بحاجة إلى صياغة مرجعية دقيقة لاختيار المسئول الذي ينتقد ويُقيّم الأداء. إننا بحاجة إلى محاورين أكفاء لمنتجاتنا الثقافية بل هو شرط هام لتحقيق أنظمة وأهداف إعلامنا التربوي.
أيها السادة:
الذي أعنيه هو: أي تغيير ننشد؟ وأي طريق نسلك؟ وأي محاذير نتجنبها في خططنا ومشاريعنا؟ إن الزمن لا يرحم من يتخلف عن الركب ولا المتقاعسين عن العمل الجاد للحاق به . انتبهوا . إن الخطا تتباعد مع الزمن والبناء القوي يبدأ من القاعدة ولدينا جيوش من الذين ما زالوا يفتشون عن العمق والأثر البعيد، حيث إن فقد الحماس وضعف الانتماء وإقصاء التجديد والتطوير والاعتماد على نمطية الأداء إنما هي إجراءات أثبت الزمن فشلها وضعف تأثيرها.
وأمام صفوف المنتظرين والمنتظرات المشمرين والمشمرات المجتهدين والمجتهدات يحق لي في هذا المقام أن أتساءل عن الفرص الثمينة التي تهدر من رصيد الأمة وتستنفذ من مخزونها في ظل غياب الاستراتيجيات الموجهة لاحتواء الطاقة المخزونة في الإنسان، فلا شك أن الوقت والعمر يمثلان قيمة عظيمة في معادلة بناء الإنسان وتفعيل أدواره في الحياة.
فإلى متى نفقد التواصل التام بين جهات صنع القرار والميدان؟ وإلى متى نظل في تفعيل الإعلام التربوي من خلال إقامة ورش عمل وحلقات حوار حول مستجداته وليس لنا إلا رجع الصدى؟
هل بقي من الزمن ما نضيعه لتفعيل دور الإعلام بما يخدم المشاريع التربوية و
إلى متى تسف رياح اللامبالاة صوابية فكرة التكريم المعنوي الذي يستند إلى نظرة الوفاء والتقدير للإعلامي المسئول؟ لماذا لا يشعر المسئول بالضرر المباشر أو غير المباشر والتي هي السر وراء انطلاق الكثير من الأعمال الفردية أو الجماعية بهمة تفوق الوصف. نعم، إن المبادرة تفي في حقيقتها حرص المسئول ورغبته الشديدة في تقديم الخدمة إحساساً منه بالمسئولية وشعوراً منه بالواجب ورغبة منه في إضافة النافع والمفيد إلى المجتمع الذي يرغب دائماً أن يراه قوياً صالحاً سليماً من الخلل أو العيب.
وبالله التوفيق.
مديرة وحدة الإعلام التربوي بمحافظة جدة
أميمة عبدالعزيز زاهد
نشر بتاريخ 11-07-2009