مَآبُ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَآخِرُهُ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ: جَاءَ فِي النَّصِّ: أَنَّ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إلَى الشَّامِ فِي بَعْضِ أُمُورِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ مَآبَ مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ، وَبِهَا يَوْمَئِذٍ الْعَمَالِيقُ رَآهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ. ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ إدْخَالِ عَمْرِو بْنِ لُحَيٍّ الْخُزَاعِيِّ الْأَصْنَامَ بِلَادَ الْعَرَبِ.
كَذَا ذَكَرَ أَنَّهَا مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ. وَفِي مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ: أَنَّهَا فُتِحَتْ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ. فَهِيَ إذَنْ شَمَالَ مُؤْتَةَ، وَإِلَّا لَذُكِرَتْ مَعَهَا أَوْ قَبْلَهَا. وَيُورِدُ يَاقُوتٌ بَيْتًا لِحَاتِمِ طَيِّئٍ يَقُولُ فِيهِ:
سَقَى اللَّهُ رَبَّ النَّاسِ سَحًّا وَدَيْمَة َ
جَنُوبَ السَّرَاةِ مِنْ مَآبٍ إلَى زُغْرِ
وَيَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ الْأَنْصَارِيُّ فِي سَيْرِهِمْ إلَى مُؤْتَةَ:
فَلَا وَأَبِي مَآبَ لَنَأْتِيَنْهَا
وَإِنْ كَانَتْ بِهَا عَرَبٌ وَرُومُ
وَفِي الْمُنْجِدِ: ط 17 ص 518: مُؤَابٌ، بِلَادٌ شَرْقِيَّ بَحْرِ لُوطٍ.
وَبَحْرُ لُوطٍ: وَهُوَ مَا يُسَمَّى الْيَوْمَ الْبَحْرَ الْمَيِّتَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُنْجِدِ مَآبًا.
وَلَمْ تَذْكُرْ الْمَرَاجِعُ الْقَدِيمَةُ مُؤَابًا. - ذَلِكَ أَنَّ اللَّفْظَةَ الْأُولَى عَرَبِيَّةٌ، وَالْأَخِيرَةَ عِبْرَانِيَّةٌ. وَيُقَالُ: إنَّ مُؤَابًا اسْمٌ لَابْنِ لُوطٍ، وَنَسَلَ مِنْهُ شَعْبُ مُؤَابٍ الَّذِي أُعْطِيَ اسْمُهُ لِهَذِهِ الْبُقْعَةِ. مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ نَعْرِفُ أَنَّ «مَآبَ» هِيَ السَّرَاةُ الَّتِي تَمْتَدُّ بِمُحَاذَاةِ الْغَوْرِ الْأُرْدُنِّيِّ مِنْ الشَّرْقِ، وَتَقَعُ عَلَيْهَا مُدُنُ: الْبَتْرَاءِ، وَالْكَرْكِ، وَالسَّلْطِ وَعَجْلُونٍ، وَرُبَّمَا جُرَشٌ وَعَمَّانُ.
وَمِيَاهُ هَذِهِ السَّرَاةِ تَنْحَدِرُ غَرْبًا عَلَى الْبَحْرِ الْمَيِّتِ وَنَهْرِ الْأُرْدُنِّ، وَأَوْدِيَتُهَا الشَّرْقِيَّةُ تَعُودُ مَرَّةً أُخْرَى إلَى الْغَوْرِ، كَوَادِي عَمَّان، بَيْنَمَا يَذْهَبُ بَعْضُهَا إلَى الصَّحْرَاءِ الْعَرَبِيَّةِ شَرْقًا. وَهِيَ سَرَاةٌ جَبَلِيَّةٌ كَثِيرَةُ الْقُرَى وَالزَّرْعِ، وَتُغَطِّي قِمَمَهَا الْأَشْجَارُ، وَهِيَ الْيَوْمَ فِي الْمَمْلَكَةِ الْأُرْدُنِّيَّةِ الْهَاشِمِيَّةِ.