الصَّفْرَاءُ مِنْ اللَّوْنِ الْأَصْفَرِ:
جَاءَتْ فِي قَوْلِ هِنْدِ بِنْتِ أُثَاثَةَ تَرْثِي عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
لَقَدْ ضَمَّنَ الصَّفْرَاءَ مَجْدًا وَسُؤْدُدًا ... وَحُلْمًا أَصِيلًا وَافِرَ اللُّبِّ وَالْعَقْلِ
عُبَيْدَةُ فَابْكِيهِ لِأَضْيَافِ غُرْبَة ... وَأَرْمَلَةٌ تَهْوِي لِأَشْعَثَ كَالْجِذْلِ
قُلْت: كَانَتْ الصَّفْرَاءُ قَرْيَةً، تُعْرَفُ الْيَوْمَ بِاسْمِ الْوَاسِطَةِ، ثُمَّ أَعْطَتْ اسْمَهَا لِوَادِي يَلْيَلَ، وَهَذَا الْعَطَاءُ قَدِيمٌ جِدًّا حَيْثُ نَجِدُ مَضِيقَ الصَّفْرَاءِ وَغَيْرَهُ، وَكَأَنَّ الِاسْمَ أَصِيلٌ لِلْوَادِي وَأَنَّ الْقَرْيَةَ كَانَتْ قَرْيَةَ الصَّفْرَاءِ، غَيْرَ أَنَّ الْخَبَرَ الْوَارِدَ فِي غَزَاةِ بَدْرٍ سَمَّى الْقَرْيَةَ الصَّفْرَاءَ، وَهُوَ أَوَّلُ خَبَرٍ عَنْهَا وَعَنْ الْوَادِي.
وَوَادِي الصَّفْرَاءِ مِنْ أَوْدِيَةِ الْحِجَازِ الْفُحُولِ، كَثِيرُ الْقُرَى كَثِيرُ الْخُيُوفِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهَا انْدَثَرَ الْيَوْمَ، إذَا خَرَجْت مِنْ الْمَدِينَةِ فَتَجَاوَزْت الْفِرِّيشَ فَأَنْتَ فِي أَوَّلِ نَوَاشِغَ وَادِي الصَّفْرَاءِ، ثُمَّ تَسِيرُ فِيهِ مَارًّا بِالْمُسَيْجِيد ِ وَالْخَيْفِ وَالْوَاسِطَةِ حَتَّى تَتَجَاوَزَ بَدْرًا، أَيْ إنَّهُ يَلْقَاك عَلَى (51) كَيْلًا مِنْ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ يُفَارِقُك عَلَى (163) كَيْلًا مِنْهَا. ثُمَّ يَدْفَعُ فِي الْبَحْرِ عَلَى آثَارِ مَدِينَةِ الْجَارِ التَّأْرِيخِيَّةِ. وَسُكَّانُ هَذَا الْوَادِي الْيَوْمَ بَنُو سَالِمٍ مِنْ حَرْبٍ، لَا يُخَالِطُهُمْ فِيهِ إلَّا نَزِيلٌ. وَكَانَ قَدِيمًا لِغِفَارِ مِنْ كِنَانَةَ، وَيَبْدُو أَنَّ بَنِي غِفَارٍ انْصَهَرَتْ فِي حَرْبٍ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْقَبَائِلِ تَفْعَلُ ذَلِكَ حِفَاظًا عَلَى أَوْطَانِهَا وَأَمْلَاكِهَا.