سَدُّ مَأْرِبٍ جَاءَ فِي النَّصِّ اللَّاحِقِ فِي غَسَّانَ. وَكَانَ وَادِي مَأْرِبٍ يَأْخُذُ مِنْ سَرَاةِ الْيَمَنِ الْوَاقِعَةِ شَرْقَ صَنْعَاءَ إلَى الْجَنُوب، وَيَذْهَبُ مُشَرِّقًا فَيَضِيعُ فِي رِمَالِ الْأَحْقَافِ، وَكَانَ يَمُرُّ بَيْنَ جَبَلَيْنِ صَلْدَيْنِ، فَسَدَّ الْيَمَنِيُّونَ مَا بَيْنَهُمَا فَتَكَوَّنَتْ وَرَاءَ السَّدِّ بُحَيْرَةٌ، وَجَعَلُوا فِي السَّدِّ فَتَحَاتٍ يَفْتَحُونَهَا إذَا بَغَوْا الْمَاءَ، وَيَسُدُّونَهَا إذَا اكْتَفَوْا مِنْهُ، وَحَاقَ بِهِمْ مَا حَاقَ بِالْأُمَمِ فَتَهَدَّمَ السَّدُّ فَدَمَّرَ مَزَارِعَهُمْ، وَمَنَازِلَهُمْ فَتَفَرَّقُوا «أَيْدِي سَبَأٍ» فَكَانَتْ مِنْهُمْ، الْبُطُونُ الْآتِي ذِكْرُهَا، وَمَا زَالَ السَّدُّ مَاثِلًا يَشْهَدُ عَلَى عَظَمَةِ حَضَارَةِ الْعَرَبِ الْبَائِدَةِ.
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ تَفَرُّقَهُمْ فِي التَّنْزِيلِ حِينَ قَالَ: فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إلَّا الْكَفُورَ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيْ وَأَيَّامًا آمِنِينَ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ.
فَتَفَرَّقَ بَنُو سَبَأٍ فِي الدِّيَارِ، فَكَانَ مِنْهُمْ: غَسَّانُ، بِالشَّامِ. وَبَنُو قَيْلَةَ «الْأَنْصَارُ» فِي الْمَدِينَةِ. وَخُزَاعَةُ، بِمَكَّةَ. وَالْأَزْدُ «أَزْدُ شَنُوءَةَ» بِالسَّرَاةِ بَيْنَ الطَّائِفِ وَصَنْعَاءَ. وَأُزَدْ عُمَان، بِعُمَانَ. وَغَيْرُهُمْ مَنْ تَشَتَّتَ فِي الْيَمَنِ وَحَضْرَمَوْتَ وَبِقَاعِ أُخَرَ.