[b]مناخ العالم العربي
موقع العالم العربي وآثاره المناخية
...
13- مناخ العالم العربي:
13- 1- موقع العالم العربي وآثاره المناخية:
يقع العالم العربي في جملته في العروض المدارية والمعتدلة الدافئة، حيث إن بعض أطرافه الجنوبية تقترب من خط الاستواء، بل إنها تصل في أحد المواضع، وهو الطرف الجنوبي للصومال إلى خط عرض 3 ْجنوبًا، ولهذا فباستثناء الجبال المرتفعة، فإن الصفة المناخية السائدة في كل العالم العربي هي شدة الحرارة في الصيف واعتدالها في الشتاء.
ويمتد هذا العالم بشكل نطاق عظيم وسط أكبر تجمع قاري في العالم، ولهذا فإن الصفة القارية هي الصفة المناخية السائدة فيه، وذلك على الرغم من أن له سواحل ممتدة لبضعة آلاف من الكيلو مترات على المحيطين الأطلسي والهندي وعلى البحرين الأحمر والمتوسط وعلى الخليج العربي؛ لأن تأثير هذه المسطحات على مناخه لا يتوغل كثيرًا في الداخل إلا في مناطق محدودة، بينما ينحصر في أغلبها في أشرطة ضيقة يتوقف اتساعها على طبيعة المسطح المائي نفسه وعلى تضاريس الساحل واتجاه الرياح السائدة، فالبحر الأحمر مثلًا تأثيره محدود بسبب ضيقه وإحاطة الجبال والصحاري به من الشرق والغرب، وارتفاع درجة حرارة مياهه، وهبوب الرياح السائدة عليه من الاتجاهات الشمالية، أما البحر المتوسط فتأثيره أكبر من تأثير البحر الأحمر لعدة أسباب منها أنه أكبر اتساعًا وامتدادًا، وأن مياهه أقل حرارة بصفة عامة وأن الرياح السائدة عليه تهب من الاتجاهات الشمالية والغربية وتصل إلى بعض المناطق الساحلية بعد أن تكون قد قطعت رحلة طويلة فوق مياهه، ويكون اتجاهها متعامدًا تقريبًا على امتداد بعض هذه السواحل، كما أن هذا البحر له تأثير قوي على الضغط الجوي وعلى النشاط الإعصاري الذي يؤدي إلى حدوث معظم الاضطرابات الجوية وسقوط معظم الأمطار في البلاد المحيطة به، وسنعود لمعالجة هذا الموضوع عند الكلام على الضغط الجوي والدورات الهوائية.
ويلاحظ أن تأثير المحيط الهندي على مناخ العالم العربي لا يتناسب مع حجمه أو موقعه؛ إذ إن تأثيره ينحصر عمومًا في زيادة رطوبة الهواء على السواحل المجاورة له وفي تزويد المناطق الجنوبية والشرقية من شبه الجزيرة العربية بالهواء المداري البحري الرطب الذي يؤدي إلى سقوط الأمطار إذا ما تهيأت الظروف اللازمة لرفعة إلى أعلى وهو ما يحدث عادة عند مرور المنخفضات الجوية أو حدوث عواصف الرعد.
أما المحيط الأطلسي فتأثيره في مناخ البلاد العربية أكبر بكثير من تأثير المحيط الهندي لأن القسم الاستوائي منه، وهو القسم الذي يشمل خليج غانة، هو مصدر الهواء المداري البحري الذي يحمل معظم أمطار السودان والحبشة والقرن الإفريقي ومرتفعات اليمن وجنوب المملكة العربية السعودية، كما أن قسمه الممتد بجوار غربي إفريقيا وجنوب غربي أوروبا هو مصدر الهواء الرطب الذي يحمل معظم الأمطار التي تسقط على المغرب العربي.
وعلى العموم فإن الآثار البحرية التي تنتج من وجود المسطحات المائية التي ذكرناها لا تكفي لتغيير الحقيقة الخاصة بقارية المناخ في معظم أجزاء العالم العربي، حيث إن المناطق التي تظهر في مناخها الصفات البحرية الكاملة وأهمها انخفاض المدى الحراري وارتفاع رطوبة الهواء وكثرة السحب والضباب والأمطار أغلبها عبارة عن أشرطة ساحلية متباينة الاتساع في سوريا ولبنان وشمالي فلسطين وبرقة والمغرب العربي، وفيما عدا ذلك فإن كثيرًا من المناطق الساحلية لا يظهر فيها من صفات المناخ البحري إلا ارتفاع نسبة الرطوبة في الهواء وانخفاض المدى الحراري وخصوصًا المدى الحراري اليومي، وفي كثير من هذه المناطق تمتد الصحاري حتى تصل إلى شاطئ البحر مباشرة، ولكن نظرًا لوجود بعض المظاهر البحرية في مناخ هذه الصحاري فإنها توضع عادة ضمن نوع مناخي صحراوي خاص هو "المناخ الصحراوي الساحلي أو البحري" وينطبق هذا على معظم المناطق الساحلية في شبه الجزيرة العربية، وفي شمالي مصر وليبيا وفي غربي المملكة المغربية.
وبالإضافة إلى أن قارية المناخ في معظم أجزاء العالم العربي ترجع إلى موقعه الجغرافي في وسط وأكبر كتلة قارية في العالم فإن موقعه بالنسبة لنطاقات الضغط الجوي الدائمة وللدورة الهوائية العامة التي ترتبط بها يعتبر هو الآخر سببًا من أسباب جفافه وانتشار الصحاري فيه حيث إن أغلبه يقع في نطاق الضغط المرتفع وراء مدار السرطان، وهنا يكون الهواء دائمًا ميالًا للهبوط فلا يتيح الفرصة لارتفاع الهواء وتشكيل السحب الممطرة، كما أن الرياح السائدة على العالم العربي هي الرياح التجارية التي تهب من الاتجاهات الشمالية والتي تكون عادة جافة بسبب قدومها من اليابس.
13- 2- الآثار التضاريسية على مناخ العالم العربي:
تلعب التضاريس دورًا رئيسيًّا في تنوع المناخ، وهو دور يسهل إدراكه من مقارنة الأنواع المناخية على الجوانب المتقابلة للجبال، ومن مقارنة مناخ الوديان والسهول بمناخ المرتفعات المجاورة لها. ويظهر تأثير هذا العامل واضحًا في كل العناصر المناخية، ولكنه يبدو واضحًا بصفة خاصة بالنسبة لعنصري الحرارة والأمطار، فبالنسبة للحرارة يساعد الارتفاع عن سطح البحر على خلق أنواع مناخية معتدلة أو باردة نسبيًّا في وسط المناطق السهلية الحارة أو الدافئة، كما أنه قد يؤدي كذلك إلى رفع درجة حرارة الوديان والسهول الواقعة في حضن الجبال بسبب هبوط الهواء نحوها من الجبال وارتفاع درجة حرارته بسبب انضغاطه كما يحدث في ظاهرة "الفهن1 "fohn" وهي ظاهرة.
يمكن ملاحظتها في جبال لبنان وجبال أطلس وجبال شمالي ليبيا، وعندما تضطر الرياح لعبورها والانحدار على جوانبها نحو الوديان والسهول المجاورة.
وتلعب التضاريس دورًا رئيسيًّا كذلك في توزيع الأمطار التي تسقط أغلبها على المنحدرات المواجهة لهبوب الرياح الرطبة، بينما تقل أو تنعدم على المنحدرات والمناطق التي تقع في الجانب الآخر أي في "ظل المطر" ولهذا فإن السلاسل الجبلية تعتبر من أهم الحواجز المناخية، وتظهر أهميتها بصفة خاصة في المناطق التي تمتد جبالها موازية للساحل، والتي تهب رياحها السائدة من ناحية البحر في مواجهة الجبال، كما هي الحال على المنحدرات البحرية لجبال أطلس وجبال برقة وجبال لبنان، وهي تعتبر من أكثر أجزاء البلاد العربية مطرًا، وتوجد في العالم العربي كذلك بعض المناطق الجبلية البعيدة عن البحر المتوسط، ومن أهمها الجبال الممتدة على جانبي البحر الأحمر ومرتفعات اليمن وعمان وشمالي العراق وجنوبي السودان وغربيه، ولكل منها ظروفها الخاصة ومناخها الخاص الذي يميزها عن المناطق المنخفضة التي حولها.
13- 3- الضغوط الجوية الرئيسية المؤثرة على مناخ العالم العربي:
إن الضغط الجوي وما يطرأ عليه من تغيرات فصلية أو شهرية أو خلال فترات أطول من ذلك أو أقصر هو في الواقع العامل الأساسي الذي يتحكم في الدورات الهوائية وما يصاحبها من مظاهر جوية مختلفة، ولهذا فلا بد لنا من تحديد أهم مناطق الضغط الجوي التي لها أدوار مهمة في مناخ العالم العربي وما يطرأ عليها من تغير على مدار السنة، تبعًا لتغير الأحوال الحرارية التي تترتب على حركة الشمس الظاهرية من جهة وعلى توزيع الماء واليابس من جهة أخرى.
ففي فصل الصيف "يوليو" تكون أهم الضغوط المؤثرة في مناخ العالم العربي كما يأتي:
1- الضغط المنخفض الاستوائي، الذي يتزحزح نحو الشمال ليغطي كل شمالي إفريقيا وغربي آسيا وجنوبها، ويكون له مركزان رئيسيان أحدهما على شمالي السودان ويعرف باسم "منخفض السودان الموسمي" والثاني على باكستان وشمال غربي الهند، ويعرف باسم "منخفض الهند الموسمي".
ويلعب هذان المركزان أدوارًا مهمة من الأحوال الجوية والمناخية في كل البلاد العربية تقريبًا، وخصوصًا في المشرق العربي وحوض النيل والصومال.
ويلاحظ أن تزحزح الضغط المنخفض الاستوائي "وغيره من نطاقات الضغط العامة" نحو الشمال في هذا الفصل يترتب عليه انتقال الجبهة بين المدارية "أو الاستوائية" ITCZ1 في نفس الاتجاه حتى إنها تكون في منتصف الفصل تقريبًا ممتدة مع دائرة العرض 15 ْشمالًا تقريبًا، ويتبع ذلك حدوث تعديلات جوهرية في الدورة الهوائية العامة، حيث تندفع الرياح التجارية القادمة من جنوبي خط الاستواء نحو الشمال وتتحول إلى جنوبية غربية على شمالي المحيط الهندي والبحر العربي والقرن الإفريقي ونطاق السودان، بل إن بعضها قد يواصل اندفاعه شمالًا إلى جنوبي شبه الجزيرة العربية وجنوبي الصحراء الكبرى.
2- الضغط المنخفض الموسمي الذي يتكون على أواسط آسيا بسبب ارتفاع درجة الحرارة. وهو يلتقي بالضغط المنخفض الاستوائي الذي سبق ذكره ويتكون منهما أعظم نطاق للضغط المنخفض على سطح الكرة الأرضية, وهو الذي يتحكم في مناخ كل النصف الشمالي من العالم القديم في هذا الفصل، وتتكون في نطاقه سلسلة من الجبهات القطبية والمدارية التي تندفع نحوها الرياح من الاتجاهات المختلفة.
3- الضغط المرتفع وراء مدار السرطان "الآزوري" الذي يتزحزح في هذا الفصل نحو الشمال، ويختفي من فوق آسيا وجنوبي أوربا وشمالي.
إفريقيا، بينما يبقى متمركزًا على المحيط الأطلسي حول جزر أزورس، ويمتد منه على الرغم من ذلك ذراع طويل فوق سطح البحر المتوسط والأطراف الشمالية من إفريقية والأطراف الغربية من آسيا.
ويحدث التحول من الضغط المنخفض الشتوي على البحر المتوسط إلى الضغط المرتفع الصيفي فوقه تدريجيًّا، ففي أواسط إبريل يكون قد تكون لسان من الضغط الجوي المرتفع على أراضي البحر المتوسط الإفريقية، بينما يظل الضغط منخفضًا على البحر نفسه حتى أواسط شهر مايو، ثم يأخذ في الاختفاء خلال الأيام العشرة الأخيرة منه ليحل محله ضغط مرتفع ممتد من الضغط المرتفع الذي سبق تكونه على شمالي إفريقيا، إلا أن الضغط المرتفع الآزوري لا يتمكن من السيطرة تمامًا على كل حوض البحر المتوسط إلا بعد 25 يونيو، وقد كان لهذا التأخر آثار مناخية مهمة، حيث إن شهر يونيو يكون في معدل حرارته أقرب إلى أشهر الربيع منه إلى أشهر الصيف وأن الجفاف الصيفي الحقيقي لا يبدأ في هذا الشهر بل يتأخر حتى أوائل شهر يوليو1.
4- الضغط المرتفع وراء مدار الجدي، وهو يتزحزح شمالًا في هذا الفصل بحيث يمتد بين خطي عرض 25 ْو30 ْ جنوبًا على الماء واليابس، ويلاحظ أن هذا الفصل يكون شتاء في الجنوب، ولكن نظرًا لصغر مساحة اليابس بالنسبة للماء نطاق الضغط المرتفع يمتد عليهما بشكل نطاق متصل ولكنه يكون أعلى نسبيًّا على أستراليا وجنوبي إفريقيا حيث تكون البرود أشد منها على المحيطات.
ومن هذا النطاق تهب الرياح التجارية الجنوبية الشرقية التي تعبر خط الاستواء لتتحول إلى جنوبية غربية، وتصل في هبوبها التي شمالي السودان والصومال وجنوبي شبه الجزيرة العربية وخصوصًا اليمن وتكون رطبة أو جافة على حسب طبيعة المناطق التي تجيء منها أو تمر عليها.
وفي فصل الشتاء "يناير" تظل الضغوط الصيفية موجودة، ولكنها تتعرض لتغيرات أساسية كما يأتي:
1- يتزحزح نطاق الضغط المنخفض الاستوائي نحو الجنوب فيقع أغلبه إلى الجنوب من خط الاستواء، وعلى الرغم من أنه يمتد بدون انقطاع على الماء واليابس إلا أن أعمق مراكزه تكون على أستراليا وجنوبي إفريقيا بسبب شدة حرارتهما في هذا الفصل "وهو الصيف الجنوبي" وفي إفريقيا بالذات نلاحظ أن هذا النطاق لا ينتقل بأكمله إلى الجنوب من خط الاستواء، بل ويظل قسم منه واقعًا إلى الشمال منه، ويرجع ذلك إلى اتساع القسم الشمالي من القارة وبقاء درجة حرارته مرتفعة إلى حد ما. وتكون الجبهة الاستوائية ITCZ ممتدة عندئذ حوالي خط عرض 5 ْجنوبًا.
2- الضغط المرتفع وراء مدار السرطان، وهو يتزحزح قليلًا نحو الجنوب، ويتكون منه نطاق متصل على المحيط الأطلسي وكتلة أوراسيا وشمالي الصحراء الكبرى، وتساعد برودة آسيا في هذا الفصل على تكون مرتفع جوي موسمي فوقها، وبالتقاء هذا الضغط بالضغط المرتفع وراء مدار السرطان يتكون منهما معًا أعظم نطاق من الضغط المرتفع في العالم، وهذا النطاق هو الذي يسيطر على مناخ كل أوراسيا ومعظم إفريقيا.
3- الضغط المنخفض الذي يتكون على البحر المتوسط بسبب دفئه بالنسبة لليابس المحيط به، ويكون الامتداد العام لهذا الضغط بين الشمال الغربي والجنوب الشرقي، فيفصل في هذه الحالة بين الضغط المرتفع الآسيوي والضغط المرتفع الآزوري، ويعتبر البحر المتوسط عندئذ ممرًا رئيسيًّا للمنخفضات الجوية1.
الضغط المرتفع وراء مدار الجدي، وهو يتزحزح جنوبًا في هذا الفصل حتى يقع في جملته بين خطي عرض 30 ْ و35 ْ جنوبًا، وليس لهذا الضغط تأثير كبير على مناخ العالم العربي في هذا الفصل، إلا أن بعض التيارات الهوائية قد تندفع منه نحو جنوبي الصومال وجنوبي السودان حيث تصلها.
بشكل رياح جنوبية غربية، بعد أن كانت جنوبية شرقية قبل عبورها لخط الاستواء.
5- المنخفضات الجوية، ويقصد بها المنخفضات التي تتكون في العروض المعتدلة في نصف السنة الشتوي، وهي المسئولية عن معظم التقلبات الجوية في معظم البلاد العربية في نصف السنة الشتوي، وعلى الرغم من أن هذه المنخفضات تتحرك عادة من الغرب إلى الشرق، وأن خطوط سيرها توجد غالبًا على جنوبي أوروبا وحوض البحر المتوسط فإن تأثير بعضها قد يمتد نحو الجنوب حتى شمال السودان وجنوب شبه الجزيرة العربية، ويعتبر البحر المتوسط نفسه منطقة رئيسية من مناطق نشأة هذه المنخفضات، وإن كان بعضها قد ينشأ على الأراضي المجاورة له أو يغزوه من ناحية الغرب.
وقد دل إحصاء المنخفضات الجوية خلال عشر سنوات من 1929 حتى 1939 على أن مجموع ما ظهر منها في الأشهر المبتدئة بأكتوبر والمنتهية بمايو من هذه السنوات بلغ 442 منخفضًا وأن 74 منها نشأ في المنطقة الواقعة بين تونس وإيطاليا بينما نشأ 30 منها جنوب جبال أطلس، وقد لوحظ أن المنخفضات التي تنشأ إلى الجنوب من جبال أطلس تنشأ غالبًا في الربيع بل وينشأ بعضها في فصل الصيف1.
13- 4- الدورات الهوائية والرياح المترتبة على الضغوط الجوية:
في ضوء الدراسة السابقة للضغوط الجوية, وتوزيع مناطقها وما يطرأ عليها من تغير بين الصيف والشتاء يمكننا أن نرسم صورة عامة لنظام الرياح السائدة على مختلف أجزاء العالم العربي فيما يلي: من الطبيعي أن تكون الرياح التجارية التي تهب من الاتجاهات الشمالية عمومًا هي أوسع أنواع الرياح العامة انتشارًا في العالم العربي بسبب وقوع القسم الأكبر منه في نطاقها، وهي في جملتها رياح منتظمة ذات تأثير ملطف وخصوصًا في الصيف، إلا أن تزحزح الجبهة.
الاستوائية ITCZ نحو الشمال في هذا الصيف ونحو الجنوب في فصل الشتاء يترتب عليه تغير في موقع الحد الجنوبي للنطاق الذي تسوده هذه الرياح من فصل إلى آخر.
ففي فصل الصيف تكون الجبهة الاستوائية ممتدة على شمال إفريقيا وغربي آسيا مع خط عرض 15ْ شمالًا تقريبًا، ويكون هذا الخط هو الحد الجنوبي لنطاق الرياح التجارية والحد الشمالي لنطاق الرياح الموسمية الجنوبية الغربية التي كانت في الأصل تجارية جنوبية شرقية ثم انحرفت بعد عبورها لخط الاستواء أما في فصل الشتاء فيتغير الوضع حيث تأخذ الجبهة ITCZ في التزحزح تدريجيًّا نحو الجنوب حتى تصل إلى الجنوب من خط الاستواء، وهكذا فإن الحد الجنوبي لنطاق الرياح التجارية يتمشى في هذا الفصل مع خط الاستواء تقريبًا، بينما يتزحزح الضغط المرتفع الآزوري في نفس الاتجاه, ويمتد على شمال إفريقيا وغربي آسيا كما سبق أن بينا، ونتيجة لهذا يدخل شمال الوطن العربي "حتى خط عرض 29ْ شمالًا تقريبًا" في منطقة الانتقال بين الرياح الغربية والرياح التجارية ويكون معرضًا للتقلبات التي يسببها النشاط الإعصاري على البحر المتوسط الذي يكون عندئذ مركزًا لضغط منخفض. ولذلك فإن اتجاهات الرياح تكون متقلبة.
وبناء على التوزيع السابق للضغط الجوي والرياح يمكننا أن نقسم العالم العربي على أساس اتجاهات الرياح السائدة إلى ثلاثة نطاقات هي:
1- النطاق الواقع شمالي خط عرض 29ْ شمالًا، وهو الخط الذي تقع عليه مدينة الكويت ويمر إلى الشمال من حائل وتبوك في المملكة العربية السعودية وبمدينة بني سويف على نهر النيل وواحة سيوة بصحراء مصر العربية وواحات جغبوب وجالو وغدامس في شمال ليبيا. ففي كل المناطق الواقعة شمال هذا الخط تكون الرياح التجارية سائدة في فصل الصيف، ويتوقف اتجاهها على موقع المنطقة بالنسبة لمركز الضغط الآزوري في الشمال وللمنخفضات الواقعة على امتداد الجبهة الاستوائية ITCZ في الجنوب، وأهمها منخفض السودان الموسمي ومنخفض الهند الموسمي، إلا أن أغلبها يكون شماليًّا غربيًّا أو شماليًّا، ففي مدينة الإسكندرية مثلًا تكون النسبة المئوية للرياح الشمالية الغربية في شهر يوليو 52% والنسبة المئوية للرياح الشمالية 29% بينما لا تكاد تهب رياح تذكر من الاتجاهات الجنوبية "راجع جدول 38".
أما في فصل الشتاء فتكون الرياح في هذا النطاق متقلبة الاتجاه وتكون موزعة على جميع الاتجاهات بنسب متقاربة مع ميل إلى زيادة نسب مرات الهبوب من الاتجاهات الشمالية والغربية، ويرجع ذلك إلى أن هذا النطاق يقع في المنطقة الانتقالية بين النطاق الذي تسوده الرياح التجارية في الجنوب والنطاق الذي تسوده الرياح الغربية "العكسية" في الشمال، وإلى أنه يتعرض في هذا الفصل لغزو كثير من المنخفضات الجوية التي تعبره من ناحية الغرب، والتي تؤدي إلى تقلبات كثيرة في اتجاهات الرياح.
2- النطاق المحصور بين خطي عرض 29ْ و18ْ شمالًا تقريبًا، وهو يضم معظم النطاق الصحراوي المداري من الوطن العربي من الخليج العربي في الشرق حتى ساحل المحيط الأطلسي في الغرب، وفيه تسود الرياح التجارية التي تهب من الاتجاهات الشمالية بصفة دائمة تقريبًا ومعظمها يهب من الشمال والشمال الشرقي، فإذا راجعنا اتجاهات الرياح في وادي حلفا مثلًا "الجدول 38" نجد أن 32% منها اتجاهها شمالي، و9% اتجاهها شمالي غربي كما نجد أن نسب مرات السكون في نفس الشهر مرتفعة جدًّا حيث تصل إلى 45%، ولا يتغير الوضع كثيرًا في شهر يوليو عنه في شهر يناير حيث تظل الرياح التجارية هي السائدة، إلا أن التغيرات التي تطرأ على توزيع مناطق الضغط الجوي الرئيسية في الصيف تؤدي إلى زيادة مرات هبوب الرياح الشمالية الغربية والغربية على حساب الرياح الشمالية والشمالية الشرقية، كما أن تزحزح الجبهة الاستوائية ITCZ نحو الشمال في هذا الفصل يؤدي إلى وصول بعض الرياح الجنوبية الغربية إلى الأجزاء الجنوبية من هذا النطاق في بعض الأحيان جدول "38" النسبة المئوية لاتجاهات الرياح على بعض بلاد مصر والسودان في شهري يناير ويوليو
النطاق الواقع إلى الجنوب من خط عرض 18ْ شمالًا حتى خط الاستواء، وهو نطاق يتميز بنظامه الموسمي الذي يسببه انتقال الجبهة الاستوائية ITCZ نحو الشمال في الصيف ونحو الجنوب في الشتاء، ولهذا فإن الرياح الشتوية تهب كلها تقريبًا من الاتجاهات الشمالية، أما الرياح الصيفية فيهب أغلبها من الاتجاهات الجنوبية، ففي مدينة الخرطوم مثلًا نجد أن 56% من رياح شهر يناير تهب من الشمال و20% منها تهب من الشمال الشرقي و13% من الشمال الغربي، بينما نجد في شهر يوليو أن 36% من الرياح تهب من الجنوب الغربي و31% من الجنوب و9% من الغرب، بينما يندر هبوبها من الاتجاهات الشمالية.
13- 5- الرياح المحلية والزوابع الترابية:
لا يمكننا أن نترك موضوع الرياح في العالم العربي دون أن نشير إلى الرياح المحلية ذات الصفات الخاصة، والتي تسببها عادة تغيرات عارضة في الضغط الجوي، ومن أهمها المنخفضات الجوي التي سبقت الإشارة إليها، أو نشير إلى الزوابع الترابية التي تشتهر بها معظم البلاد الواقعة في قلب الصحاري أو على أطرافها، والتي لا يكاد يخلو منها بلد عربي تقريبًا.
ففي العالم العربي تتمثل كل أنواع الرياح المحلية سواء في ذلك الرياح اليومية التي تشتمل على نسيمي البر والبحر ونسيمي الجبل والوادي، أو الرياح التي تسببها تغيرات في الضغط الجوي وأهمها رياح الخماسين في شمال مصر ورياح القبلي في شمال ليبيا والسموم في المغرب العربي وشبه الجزيرة العربية، وكلها رياح صحراوية حارة تهب في مقدمة المنخفضات الجوية الربيعية، وكثيرًا ما تكون محملة بالأتربة والرمال الناعمة، وهي المسئولة غالبًا عن الموجات الحرارية الشاذة التي تسجل في أثنائها أعلى النهايات الحرارية العظمى.
وتظهر في العالم العربي كذلك رياح جبلية من نوع "الفهن" التي تشتهر بها المنحدرات الشمالية لجبال الألب والتي تكتسب حرارتها نتيجة لانضغاطها عند هبوطها على جوانب الجبال، ولهذا فإن ظهورها يقتصر على الأقاليم الجبلية في المغرب العربي وشمالي ليبيا وجبال سوريا ولبنان وشمالي العراق، وفي هذه المناطق يظهر كذلك نسيما الجبل والوادي، ولكن ظهورها يكون عادة مقصورًا على الأيام التي لا تسودها رياح قوية.
وفي كل البلاد الساحلية في العالم العربي يظهر نسيما البر والبحر واضحين، وخصوصًا في فصل الصيف، ويستفيد صيادو السمك في المياه الساحلية بهذه الظاهرة، حيث تبدأ زوارقهم في التحرك نحو داخل البحر عندما يبدأ نسيم البر بعد الغروب ثم تبدأ رحلة العودة إلى البر في الصباح مع بدء نسيم البحر.
أما الزوابع الترابية والرملية فهي من الظاهرات المألوفة في كل البلاد العربية تقريبًا، ومع ذلك فإن ظهورها نادر في بعض المناطق التي تتميز بكثرة أمطارها وكثافة غطائها النباتي الطبيعي أو الزراعي وبعدها عن مناطق الرمال والأتربة المفككة، ومن أمثلها سهول جنوب السودان ودلتا نهر النيل، وتكثر هذه الزوابع بصفة خاصة في البلاد الواقعة على أطراف الصحاري، عندما ينقطع المطر ويزول الغطاء النباتي الذي يكسو التربة، ويختلف موسمها في البلاد المتأثرة بمناخ البحر المتوسط عنه في البلاد المتأثرة بالمناخ المداري الممطر صيفًا، ففي البلاد الأولى تكثر الزوابع الترابية عادة في أواخر الربيع وأوائل الصيف وأواسطه، وقد يمتد موسمها حتى بداية الخريف، أما في البلاد الثانية مثل سهول وسط السودان وشماله فإنها تكثر بصفة خاصة في الربيع وأوائل الصيف.
وتتوقف شدة الزوابع الترابية والرملية على عدة عوامل أهمها:
1- كثرة الأتربة أو الرمال الناعمة المفككة على سطح الأرض وانتشارها في مساحات واسعة.
2- جفاف الجو، حيث إن هذا الجفاف يساعد على تفكك الرمال والأتربة.
3- نشاط التيارات الهوائية الصاعدة مما يؤدي إلى ارتفاع الأتربة والرمال الناعمة.
4- هبوب الرياح سطحية تحمل معها الأتربة والرمال الصاعدة، وتحدث العمليتان الأخيرتان عادة عندما تمر جبهة هوائية باردة على أرض دافئة، ففي هذه الحالة تسخن الأجزاء السفلى من الهواء البارد وترتفع بشكل تيارات صاعدة تحمل معها الأتربة والرمال الناعمة التي تدفعها الرياح أمامها.
ومن الزوابع الترابية ذات الصفات المميزة في الوطن العربي تلك الزوابع التي تشتهر بها السهول الوسطى والشمالية للسودان والتي تعرف محليًّا باسم "الهبوب haboob" وهي تظهر بصفة خاصة في أواخر الربيع وأوائل الصيف، حيث يكون الجو عندئذ حارًا جافًّا وتكون التربة مفككة وخالية من الحشائش، ويتقدم الهبوب عادة بشكل جبهة متصلة يسهل تمييزها عن بعد، وقد يستطيع المراقب في بعض الأحيان أن يلاحظ مولد الهبوب وتجمعه في منطقة نشأته، وعندما يمر الهبوب على أي مكان فإنه يؤدي إلى انخفاض مدى الرؤية عند سطح الأرض إلى الصفر، كما يؤدي إلى ترسيب طبقة سميكة من الغبار الناعم على كل ما يقع في طريقه، وكثيرًا ما يعقب مروره سقوط بعض الأمطار مما يساعد على تنظيف الجو من الغبار، ويكثر حدوث الهبوب بصفة خاصة في منطقة الخرطوم ومنطقتي توكر وكسلا في شمال شرقي السودان.
أنواع الهواء "الكتل الهوائية"
مدخل
...
13- 6- أنواع الهواء "الكتل الهوائية":
إن الموقع الجغرافي للعالم العربي يعرضه لتأثير كل أنواع الهواء المعروفة تقريبًا، ولكن أكثر الأنواع انتشارًا وتأثيرًا هي الأنواع الآتية:
1- الهواء المداري القاري "ct":
وهو أهم الأنواع وأعظمها تأثيرًا، ويرجع ذلك إلى وقوع العالم العربي في العروض المدارية والمعتدلة الدافئة، وإلى طبيعة أرضه وموقعه القاري، ويكاد هذا النوع يكون هو نوع الهواء الوحيد الذي يسيطر في فصل الصيف على مناخ معظم البلاد العربية الواقعة إلى الشمال من خط عرض 15ْ شمالًا، بل إن هذا العالم يعتبر من أهم مناطق نشأة هذا الهواء، ولكنه كثيرًا ما يصل إليه كذلك من الأقاليم القارية الواقعة في شماله أو في شماله الشرقي، حيث يصل عادة بشكل رياح شمالية أو شمالية شرقية ذات تأثير ملطف على حرارة فصل الصيف، إلا أن صفاته تتباين بعض الشيء من مكان إلى آخر على حسب طبيعة السطح الذي يمر فوقه، فإذا كن مروره على مسطحات مائية فإنه يكتسب بعض الرطوبة في أجزائه السفلى بينما تظل قطاعاته العليا جافة، وكثيرًا ما يؤدي هذا الهواء إلى تكون الضباب أو الشابورة على بعض السواحل في ساعات الصباح، ولكن على الرغم من أن الرطوبة النسبية لمثل هذا الهواء تصل أحيانًا إلى مائة في المائة فإنها لا تؤدي عادة إلى تكون سحب كثيفة؛ لأن الطبقة الهوائية الرطبة تكون عادة رقيقة.
الهواء المدارى البحري "mt":
وأهم مصادره هي المحيطان الأطلسي والهندي، فالمحيط الأطلسي هو مصدر الهواء الذي تحمله الرياح الغربية إلى المغرب الغربي وشمال ليبيا وشمال مصر، كما أنه هو مصدر الهواء الرطب الذي يصل إلى أواسط السودان وشماله في فصل الصيف وإلى أجزائه الجنوبية في معظم شهور السنة، وهو مصدر الأمطار التي تسقط على كل هذه المناطق، كما أن بعض هذا الهواء يعبر هضبة الحبشة والبحر الأحمر في فصل الصيف الهواء القطبي القاري "cp":
ومصدره المعتاد هو السهول الشمالية لأوروبا وآسيا، ويرتبط وصوله إلى الأجزاء المختلفة للوطن العربي بمرور المنخفضات الجوية التي تتكون على حوض البحر المتوسط أو على جنوبي أوروبا أو شمالي إفريقيا، ولهذا فإن كثرة وصوله وشدة تأثيره تتوقفان على كثرة هذه المنخفضات وعلى طبيعتها من حيث العمق وشدة انحدار الضغط الجوي نحو
مركزها. كما أن طبيعة هذا الهواء تختلف من فصل إلى آخر، فالهواء الذي يصل في فصل الشتاء يكون عادة شديد البرودة، فيؤدي إلى حدوث موجات باردة غير عادية، وقد تنخفض درجة الحرارة عند وصوله إلى ما دون درجة التجمد حتى في الأجزاء الوسطى والشمالية من شبه الجزيرة العربية، وفي جنوب العراق وشمالي الخليج العربي، وقد تصحبه في بعض الأحيان عواصف ثلجية مدمرة في البلاد الشمالية من المشرق العربي وخصوصًا في سوريا ولبنان، أما في البلاد الواقعة إلى الجنوب من البحر المتوسط فإن موجات البرد التي يجلبها هذا الهواء تكون أقل قسوة منها في البلاد الواقعة إلى الشرق منه؛ لأن مروره على مياه البحر المتوسط الدافئة نسبيًّا يساعد على تخفيف حدة برودته، وعلى زيادة نسبة الرطوبة في قطاعاته السفلى بدرجة تجعله شبيهًا بالهواء القطبي البحري، ولهذا فإنه يؤدي إلى تكوين الضباب والسحب المنخفضة، وقد يؤدي إلى سقوط الأمطار.
وتتوقف المدة التي يستمر فيها غزو الهواء القطبي لأي مكان على مدة بقاء المنخفض الجوي الذي أدى إلى وصوله متمركزًا في مكانه، فعلى الرغم من أن معظم المنخفضات الجوية تواصل تحركها من الغرب إلى الشرق فإن بعضها قد يتوقف في مكان واحد لبضعة أيام، وتعتبر جزيرة قبرص من أشهر المراكز التي تتوقف عندها المنخفضات الجوية في بعض الأحيان لبضعة أيام، فيؤدي هذا إلى استمرار الاضطرابات الجوية المرتبطة بها طول مدة توقفها، وتختلف هذه الاضطرابات من مكان إلى آخر على حسب موقع كل مكان منها بالنسبة لمركز المنخفض الجوي، وقد يؤدي تمركز أحد المخفضات النشطة على هذه الجزيرة لعدة أيام إلى اندفاع الهواء القطبي في مؤخرتها نحو الجنوب حتى أواسط السودان وأواسط شبه الجزيرة العربية حيث يحمل إليها موجات من البرد الشديد.
والهواء القطبي القاري هو أحد العوامل المهمة التي تؤدي إلى حدوث الزوابع الترابية والرملية في أشهر الربيع وأوائل الصيف في المناطق الصحراوية المناطق الواقعة على أطرافها إذ إن سخونة سطح هذه المناطق تؤدي إلى حدوث حالة عدم استقرار في الأجزاء السفلى من الهواء مما يساعد على نشاط التيارات الصاعدة التي تحمل الأتربة والرمال الناعمة إلى أعلى، ويساعدها على ذلك أن سطح الأرض عندئذ جافًّا وفقيرًا حياته النباتية وتكون الرمال والأتربة مفككة وسهلة الحركة.
الهواء القطبي البحري "mp":
يصل هذا النوع من الهواء إلى الوطن العربي من المحيط الأطلسي الشمالي، وكما هي الحال بالنسبة للنوع القطبي القاري فإن وصوله يرتبط بنشاط المنخفضات الجوية في حوض البحر المتوسط والمناطق المحيطة به، وباستثناء البلاد المغربية والموريتانية التي قد يصلها هذا الهواء من شمالي المحيط الأطلسي مباشرة فإن وصوله إلى بقية الوطن العربي يكون عن طريق أوروبا والبحر المتوسط، ولهذا فإن صفاته تكون معدلة بعض الشيء، ولكنه يظل مع ذلك محتفظًا بمعظم صفاته الرئيسية من حيث شدة البرودة وارتفاع نسبة الرطوبة، ويصل هذا الهواء عادة عند مرور الجبهة الباردة أو بعد مرورها مباشرة. وهو المسئول عن تكون السحب وسقوط الأمطار التي تتميز بها هذه المرحلة من مراحل المنخفضات الجوية، حيث إن مرورها على سطح مياه البحر المتوسط الدافئة يساعد على زيادة رطوبته وعلى خلق حالة عدم استقرار بها، والموسم الرئيسي لوصول هذا الهواء هو فصل الشتاء وأوائل الخريف.
الأحوال الحرارية في العالم العربي
مدخل
...
13- 7- الأحوال الحرارية في العالم العربي:
راجع إحصاءات الحرارة والمطر لبعض محطات الدول العربية في الملحق رقم 4.
إن تعدد العوامل التي تتحكم في درجة الحرارة وتباين أهمية الدور الذي يلعبه كل عامل منها في الأماكن المختلفة قد خلق في العالم العربي نماذج حرارية مختلفة، على حسب الظروف المحلية بكل مكان، وأن امتداد هذا العالم من خط عرض 2 ْجنوب خط الاستواء تقريبًا إلى خط عرض 37 ْشماله يعني أنه يمتد عبر حوالي 39 درجة عرضية، وأن بعض أجزائه يقع في العروض الحارة بينما يقع بعضها الآخر في العروض المعتدلة، وقد ترتب على هذا وجود فروق حرارية كبيرة بين أطرافه الشمالية من ناحية وأطرافه الجنوبية من ناحية أخرى. فبينما نجد مثلًا أن المعدل الحراري السنوي في مدينة بربرة الصومالية على خليج عدن يزيد على 30 ْم فإننا نجد أنه لا يزيد على 15 ْفي مدينة حلب بشمالي سوريا، وبينما يرتفع معدل شهر يوليو في بربرة إلى 37 ْفإنه يبلغ 29 ْفي حلب، وبينما لا ينخفض معدل شهر يناير في بربرة عن 24ْ ْفإنه ينخفض إلى 6 ْفي حلب، ومن هذا يظهر أن الفرق الحراري بين هاتين المدينتين يكون صغيرًا في الصيف حيث يبلغ 8 درجات فقط بينما يكون كبيرًا في الشتاء حيث يصل إلى 18 درجة، ومعنى هذا أن كل البلاد العربية تقريبًا، ما عدا البلاد الجبلية والبلاد الواقعة على سواحل البحر المتوسط، تكون حارة في الصيف ولا توجد فروق كبيرة بين بعضها وبعض، أما في الشتاء فإن الأطراف الشمالية وخصوصًا الجبلية منها تكون شديدة البرودة، بينما تظل الأطراف الجنوبية دافئة، وهذا يعني أن أهم الاختلافات الحرارية بين شمالي العالم العربي وجنوبيه ترجع بصفه خاصة إلى شدة برودة الشتاء في الشمال أكثر من رجوعها إلى شدة حرارة الصيف في الجنوب، وذلك لأن الحرارة الشديدة تكون عامة في كل البلاد العربية.
وترجع شدة حرارة الصيف عمومًا إلى صفاء الجو وطول ساعات سطوع الشمس وكبر زاوية سقوط الأشعة، وجفاف التربة بسبب جفاف الهواء وانعدام الأمطار تقريبًا وقلة مظاهر التكثف الأخرى وخصوصًا الندى، بحيث لا تحد التربة أي مصدر يعوضها عما تفتقده من مياه بالتبخر. ولهذا فإن سطح الأرض نفسه يسخن بسرعة في أثناء النهار حتى ترتفع درجة حرارته في الأماكن المكشوفة إلى أكثر من 40 ْم، بل وكثيرًا ما تصل درجة حرارة سطح رمال الصحراء في أواسط النهار إلى 70 ْم أو أكثر، ومما يذكر أن سخونة الرمال بهذا الشكل مع سكون الهواء يترتب عليهما انطلاق الإشعاعات الحرارية بكثرة من سطح الرمال إلى الجو فيؤدي ذلك إلى ظهور "السراب" الذي تشتهر به الصحاري الحارة عمومًا.
وباستثناء المناطق الممطرة صيفًا مثل جنوب السودان ووسطه فإن أشد الشهور حرارة في كل أجزاء العالم العربي الأخرى هي شهرا يوليو وأغسطس، أما في المناطق الممطرة صيفًا فإن معدلات هذين الشهرين تكون قليلة الارتفاع نوعًا ما بسبب كثرة السحب والأمطار بالنسبة للأشهر الجافة التي تسبقها أو التي تعقبها مباشرة، ففي هذه المناطق تكون الحرارة عادة قمتان إحداهما قبل موسم المطر مباشرة والثانية بعدها مباشرة، وتكون القمة الأولى غالبًا أوضح من القمة الثانية، في مدينة الخرطوم مثلًا تكون أشد أيام السنة حرارة هي الأيام الواقعة بين منتصف مايو ومنتصف يونيو، وتليها الأيام الواقعة بين منتصف سبتمبر ومنتصف أكتوبر.
والسبب في ارتفاع القمة الأولى عن القمة الثانية هو أن موسم المطر ينتهي بشكل تدريجي وتظل التربة محتفظة ببعض رطوبتها وبكثير من غطائها النباتي لمدة أسبوعين أو ثلاثة بعد انتهاء موسم المطر، فهذه العوامل كلها تساعد على تخفيف قسوة القمة الثانية نوعًا ما عن القمة الأولى التي تأتي في وقت تكون فيه التربة قي أشد حالات جفافها، وفي أشد حالات فقرها في الغطاء النباتي، ولكن ما إن تبدأ الأمطار في السقوط حتى تتبلل التربة وتبدأ الحشائش في النمو فتنخفض درجة الحرارة بشكل ملحوظ.
ونظرًا لأن طول فصل المطر يزداد كلما اتجهنا جنوبًا فإن قمتي المنحنى الحراري تتباعدان تبعًا لذلك. ففي بلدة المالاكال التي تقع إلى الجنوب من الخرطوم بنحو 6 درجات عرضية تظهر القمة الحرارية الأولى قبل نظيرتها في الخرطوم بحوالي ثلاثين يومًا، كما تظهر القمة الثانية بعد نظيرتها في الخرطوم بنفس المدة تقريبًا، إلا أن القمة الثانية في الماكال لا تكون واضحة بدرجة وضوحها في الخرطوم بسبب كثرة المطر وزيادة رطوبة التربة وكثافة الغطاء النباتي ووجود كثير من المسطحات المائية، وتلعب التضاريس دورًا مهمًّا في توزيع الحرارة، ولا يقتصر أثرها على التناقص الذي يحدث عادة بالارتفاع، بل إن هذا الأثر يظهر كذلك بأشكال أخرى من بينها التأثير الذي يحدثه نسيم الجبل ونسيم الوادي، والتأثير الذي يحدث انضغاط الهواء عند هبوطه على جوانب الجبال أو ارتفاعه عليها حيث يسخن في الحالة الأولى لانضغاطه، كما هي الحال بالنسبة لرياح الفهن المشهورة، بينما يبرد في الحالة الثانية نتيجة لتخلخله عند اندفاعه إلى أعلى.
وتحدث ظاهرة "الفهن" في معظم المناطق الجبلية في الوطن العربي مثل المنحدرات الشمالية لجبال طرابلس في ليبيا، فعندما تهبط الرياح الصحراوية على هذه المنحدرات في بعض أيام الربيع ترتفع درجة الحرارة في السهول المجاورة لها إلى أكثر من 50 ْم. وقد سجلت في هذه السهول بالفعل درجات حرارية لا تعادلها في الارتفاع إلا الدرجات التي سجلت في وادي الموت بكاليفورنيا، وقد وصلت درجة الحرارة في بلدة العزيزية الواقعة في سهل الجفارة إلى الشمال من حافة جبال طرابلس بليبيا في أحد الأيام إلى 56 ْم، وتتكرر نفس الظاهرة تقريبًا في المناطق الجبلية الأخرى وأهمها جبال أطلس وجبال لبنان.
وتلعب الأودية التي تقطع الجبال دورًا مهمًا في توجيه الرياح، التي تؤثر بدورها تأثيرًا واضحًا على درجة الحرارة، كما أن اتجاه المنحدرات الأودية له علاقة مباشرة بتوزيع الإشعاع الشمسي سواء على امتداد ساعات النهار أو على امتداد أشهر السنة.
أولًا- فصل الصيف:
في الفصل تشتد الحرارة في معظم البلاد العربية، ما عدا المناطق الساحلية حول البحر المتوسط، ومناطق الجبال المرتفعة، وعلى أساس شدة الحرارة يمكننا أن نقسم العالم العربي إلى ثلاثة أقسام هي:
1- مناطق الصيف القائظ، وفيها تزيد معدلات شهرين على الأقل من أشهر الصيف على 32 ْم "90 ْف" وقد تصل إلى 37 ْأو أكثر، وفي أمثلتها البلاد الواقعة في قلب الصحراء الكبرى مثل بلدة عين صالح في الجزائر، وبعض بلاد وسط وشمال السودان مثل مدينة بور سودان والمناطق الصحراوية والسهلية في شبه الجزيرة العربية بما في ذلك إمارات الخليج العربي، وتمثلها معدلات الكويت والظهران.
2- مناطق الصيف الحار، وفيها تتراوح معدلات أشهر هذا الفصل بين 27 ْو32 ْم، وتضم المناطق الواقعة إلى الجنوب من الصحاري الحارة، وفيها تسقط الأمطار صيفًا فتلطف نوعًا ما من شدة الحرارة، كما هي الحال في سهول وسط وجنوب السودان واليمن والبلاد المحيطة بخليج عدن وتمثلها معدلات مدن الأبيض وجوبا والخرطوم وصنعاء وبربرة بالصومال.
3- مناطق الصيف المعتدل، وفيها لا تزيد معدلات أشهر الصيف عادة عن 27 ْم، وتشمل كل المناطق المحيطة بالبحر المتوسط، ومرتفعات العراق والمرتفعات المحيطة بالبحر الأحمر، وفي هذه المناطق توجد المنتجعات الصيفية المشهورة في العالم العربي.
ثانيًا: فصل الشتاء:
هذا الفصل الدافئ نسبيًّا في أغلب أجزاء العالم العربي، ولا يستثنى من ذلك إلا الأجزاء الشمالية من المشرق العربي، وخصوصًا المناطق الجبلية التي تشتد البرودة في بعضها بدرجات تتناسب مع وارتفاعاتها، فباستثناء هذه المناطق، فإن المعدلات الحرارية الشهرية الشتوية لا تنخفض في معظم الأجزاء الشمالية من العالم العربي عن 5ْ مئوية، وأبرد الشهور عادة هو شهر يناير الذي يبلغ معدله في حلب 5.5ْم وفي دمشق 6.6ْ وفي الموصل 6.6ْ، أما على الجبال المرتفعة مثل بعض جبال لبنان وبعض جبال أطلس فقد تنخفض المعدلات إلى ما دون درجة التجمد فتتغطى هذه الجبال بالثلوج خلال شهر أو أكثر من أشهر الشتاء.
أما في باقي أجزاء العالم العربي بما في ذلك السواحل المشرفة على البحر المتوسط نفسه فإن الحرارة تكون عادة معتدلة في هذا الفصل، بل إن كل المناطق الواقعة إلى الجنوب من مدار السرطان تقريبًا تكون دافئة أو مائلة للحرارة، كما هي الحال في جنوب السودان والصومال واليمن الجنوبية، حيث لا تنخفض المعدلات الشهرية فيها جميعًا عن 24ْم، كما يتضح من أرقام محطات واو وجوبا والمالاكال في السودان، وأرقام بربرة ومقديشيو وجيبوتي وعدن.
ثالثًا- الفصلان الانتقاليان "الربيع والخريف":
يلاحظ أن الانتقال بين الصيف والشتاء يحدث في بعض المناطق بصورة سريعة بينما يحدث في بعضها الآخر بشكل تدريجي، ويكون الانتقال سريعًا بصفة خاصة في المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية، وفي المناطق الواقعة على أطراف الضغوط الموسمية الكبرى، وأهمها الضغط المرتفع الذي يتكون على آسيا في الشتاء، والضغط المنخفض الذي يتكون عليها وعلى كل شمال إفريقيا في الصيف، وتعتبر العراق وإمارات الخليج العربي وشمالي المملكة العربية السعودية ووسطها من أوضح الأمثلة على ذلك، ويبدو هذا واضحًا بمجرد النظر إلى المنحنيات الحرارية لبعض محطاتها مثل محطات الكويت والبصرة، ويرجع هذا الانتقال السريع إلى أن الضغط المرتفع يأخذ في الارتفاع بسرعة على آسيا بعد انتهاء فصل الصيف بوقت قصير، وإلى أن الضغط المنخفض على نفس القارة وامتداده على شمال إفريقيا يأخذان كذلك في التعمق بسرعة بمجرد شكل "106" مواسم سقوط المطر في العالم العربي
انتهاء فصل الشتاء، وهكذا فإن التيارات الهوائية الباردة سرعان ما تخرج من آسيا نحو العراق والخليج العربي بعد انتهاء فصل الصيف بوقت قصير، كما تبدأ التيارات الصحراوية الحارة في الوصول إليها في أثناء تحركها نحو الضغط المنخفض على آسيا بمجرد انتهاء فصل الشتاء.
رابعًا: المدى الحراري والطبيعة القارية للمناخ:
تتميز معظم أقاليم الوطن العربي بارتفاع المدى الحراري، سواء في ذلك المدى اليومي أو المدى الفصلي بسبب الطبيعة القارية للمناخ، ولكن هذا الحكم العام لا ينطبق على معظم المناطق الساحلية أو المناطق التي يسقط مطرها طول العام أو في معظم الأشهر مثل سهول وهضاب جنوب السودان. ففي هذه المنطقة بالذات يكون المدى الحراري الفصلي أقل منه في أي منطقة أخرى من العالم العربي بسبب كثرة الأمطار وطول فصل سقوطها وكثافة الحياة النباتية وكثرة المستنقعات والبحيرات والمجاري المائية, وهو يتراوح هنا بين 4 و6 درجات مئوية فقط، كما يتضح من أرقام محطات جوبا وواو والمالاكال وغيرها من محطات جنوبي السودان، أما في البلاد الساحلية فإن المدى الفصلي يرتفع عن ذلك كثيرًا ولكنه يظل أقل بكثير منه في المناطق القارية، فهو يتراوح في معظم البلاد الساحلية بين 10 و15 درجة، أما في المناطق البعيدة عن المؤثرات البحرية فقد يرتفع إلى 25ْ، ويكون هذا المدى مرتفعًا بصفة خاصة في سوريا والأردن وشمالي العراق، ويرجع ذلك إلى اشتداد برودة الشتاء في هذه المناطق أكثر من رجوعه إلى اشتداد حرارة الصيف, والسبب في ذلك هو أن هذه المناطق تكون في هذا الفصل خاضعة لنفوذ الضغط الآسيوي والكتل القطبية القارية التي تنشأ في نطاقه والتي يصل هواؤها في كثير من الأحيان إلى هذه المناطق فيؤدي إلى هبوط الحرارة إلى درجة التجمد، ففي شمالي العراق، ووسطه مثلًا نجد أن المدى الحراري الفصلي يبلغ 26 درجة في الموصل و24 درجة في بغداد، كما يبلغ في حلب بشمال سوريا 23 درجة.
وعلى الرغم من أن المدى الحراري الفصلي يكون على السواحل منخفضًا بالنسبة للداخل فإن الظروف المحلية لبعض المناطق الساحلية تؤدي إلى ارتفاع هذا المدى, وينطبق هذا بصفة خاصة على السواحل الصحراوية أو شبه الصحراوية التي تسودها المؤثرات الصحراوية في فصل من الفصول بينما تسودها المؤثرات البحرية في فصل آخر، وكذلك السواحل التي تخضع في الشتاء لنفوذ الضغط المرتفع الآسيوي الذي يؤدي إلى كثرة وصول الهواء القطبي القاري بينما تخضع في الصيف للنفوذ الصحراوي بهوائه القاري الحار.
ومثال ذلك سواحل شبه الجزيرة العربية المشرفة على الخليج العربي، وخصوصًا في أجزائها الشمالية مثل سواحل الكويت، حيث نجد أن المدى الحراري الفصلي يرتفع هنا إلى حوالي 23.5 درجة مئوية، أي أنه لا يختلف في هذه الناحية عنه في قلب الصحراء.
خامسًا: الموجات الباردة والموجات الحارة غير العادية:
تتعرض البلاد الغربية الواقعة حول البحر المتوسط أو المتأثرة بمناخه وخصوصًا في غربي آسيا من البرد القارص غير العادية في بعض أيام الشتاء وموجات من الحر القائظ غير العادية في بعض أيام الربيع وأوائل الصيف، والسبب الرئيسي للموجات الباردة هو وصول هواء قطبي قاري شديد البرودة لعدة أيام في مؤخرة المنخفضات الجوية العميقة إذا ما تمركز أحدها على شرقي البحر المتوسط أو غربي آسيا, وكثيرًا ما تكون الموجات الباردة على الأجزاء الشمالية من المشرق العربي في سوريا ولبنان وشمالي العراق وشمالي الأردن مصحوبة بعواصف ثلجية تتغطى المناطق الجبلية بسببها بالثلوج وتتعطل المواصلات وتتلف كثير من المحاصيل. أما الموجات الحارة فيكون سببها غالبًا هو وصول هواء مداري حار من الصحراء في مقدمة المنخفضات الجوية، حيث تحمله الرياح المحملة التي تشتهر من بينها رياح الخماسين في مصر والسموم في شبه الجزيرة العربية والمغرب العربي والقبلي في ليبيا.
ويبن الجدول "39" النهايات الصغرى والنهايات العظمى المطلقة التي سجلت في بعض البلاد العربية التي تتعرض لموجات البرد وموجات الحر غير العادية، وفيه يتبين أن موجات البرد القارص قد تصل جنوبًا إلى أواسط السودان حيث وصلت النهاية الصغرى المطلقة في مدينة الأبيض مثلًا إلى 0.5 ْم تحت الصفر، ومنه يتبين كذلك أن أشد الموجات الباردة هي التي تحدث في شرقي البحر المتوسط، كما تدل على ذلك النهاية الصغرى المطلقة التي سجلت في بلدة الرطوبة على الحدود الأردنية العراقية وهي 14.4 ْم تحت الصفر.
جدول "39" النهايات العظمى والصغرى المطلقة1 في بعض المحطات العربية "بالدرجات المئوية":
الأمطار
مدخل
...
13- 8- الأمطار
إن الأقاليم التي يمكن وصفها بالمطيرة لا تشغل من العالم العربي إلا نسبة لا تزيد على 5% من مساحته الكلية بينما تمثل الصحاري أكثر من85% هذه المساحة، وفيما بين هذين النوعين توجد مناطق متوسطة يمكن أن توصف بأنها شبه جافة أو شبه صحراوية. وأكثر أجزاء العالم العربي مطرًا هي جنوب السودان الذي تتراوح معدلاته السنوية بين 80 و110 سم. وتأتي بعد ذلك المنحدرات الجبلية المواجهة للبحر المتوسط في سوريا ولبنان وفلسطين والمغرب العربي وشمال برقة في ليبيا, وتتراوح المعدلات السنوية للأمطار فيها بين 70 و100 سنتيمتر.
ونظام المطر السائد في العالم هو نظام البحر المتوسط، ولا يقتصر وجود هذا النظام على المناطق المحيطة بالبحر المتوسط نفسه بل إن بعض مظاهره يمتد نحو الشرق حتى العراق ودول الخليج العربي ونحو الجنوب حتى شمال شرق السودان واريتريا والمناطق المقابلة لها في الحجاز وعسير، وأهم هذه المظاهر هي سقوط كميات محدو