الرياح
تعريف الرياح ونظام هبوبها
...
6- الرياح
6- 1- تعريف الرياح ونظام هبوبها:
المقصود بالرياح هو الحركة الطبيعية للهواء سواء أكانت بطيئة أو سريعة والعامل الرئيسي لهبوب الرياح هو اختلاف الضغط الجوي من مكان إلى آخر. وتهب الرياح دائمًا من مناطق الضغط المرتفع إلى مناطق الضغط المنخفض القريبة منها، وتتبع عند هبوبها نظامًا ثابتًا حيث تنحرف دائمًا إلى اليمين من هدفها في نصف الكرة الشمالي وإلى اليسار منه في نصفها الجنوبي على حسب قانون فيريل ferrel.
ويحدث هذا الانحراف بسبب "التأثير الكوريولي "أو القوة الكوريولية" 1Coriolis effect or force وهو التأثير الناتج من دوران الأرض حول نفسها من الغرب إلى الشرق، وتناقص سرعة دوران محيطها كلما اتجهنا من الدائرة الاستوائية نحو القطبين. فعلى الدائرة الاستوائية تبلغ سرعة الدوران 1700كم/ ساعة، ثم تتناقص ناحية القطبين لتصل إلى نصفها تقريبًا عند دائرة عرض60 ْثم إلى الصفر عند القطب نفسه.
وبمقتضى هذا الانحراف فإن الرياح العامة في نصف الكرة الشمالي تنحرف نحو الغرب إذا كانت متجهة نحو خط الاستواء ونحو الشرق إذا كانت متجهة نحو القطب الشمالي. بينما يحدث العكس في نصف الكرة الجنوبي.
ويحدث انحراف الرياح بصورة أوضح عند هبوبها حول المرتفعات الجوية والمنخفضات الجوية حيث تميل الرياح في نصف الكرة الشمالي للهبوب في اتجاه متفق مع اتجاه عقرب الساعة حول المرتفع الجوي ومضاد له حول المنخفض الجوي، ويحدث العكس في نصف الكرة الجنوبي "شكل 24" وتصدق نفس القاعدة عند هبوب الرياح حول مراكز الأعاصير والدوامات الهوائية.
والدائرة الاستوائية هي الدائرية العرضية الوحيدة التي لا تنحرف الرياح عند عبورها لها سواء عند هبوبها من الشمال أو من الجنوب، وذلك لأن التأثير الكوريولي ينعدم على هذه الدائرة ثم يتزايد كلما ابتعدنا عنها نحو الشمال ونحو الجنوب حتى يصل إلى أقصاه عند القطبين.
ويرجع ذلك إلى أن اتجاه التأثير الكوريولي يكون على الدائرة الاستوائية ومتعامدًا على الاتجاه الأفقي للرياح ومتناسبًا تناسبًا مباشرًا مع سرعتها، ولهذا فإن اتجاه الرياح يكون موازيًا لمحور الأرض، ولكن انحرافها يتزايد كلما اتجهنا نحو القطبين بسبب تزايد تأثير القوة الكوريولية حتى إن اتجاهها يكون عند القطب عموديًّا على محور الأرض حيث يكون التأثير الكوريولي قد وصل إلى أقصاه ويكون انحراف الرياح قد وصل إلى أقصاه كذلك.
والواقع أن تأثير القوة الكوريولية لا يقع على الرياح وحدها بل يقع على حركة الجسم أي جسم متحرك على سطح الأرض تحركًا تلقائيًّا مثل التيارات البحرية ومياه الأنهار، فعلى الدائرة الاستوائية يكون اتجاه حركة الجسم موازيًا لمحور الأرض، أما عند القطب فيكون عموديًّا عليه، وفيما بين هاتين النهايتين يكون اتجاه الحركة متوسطًا بين هذين الاتجاهين بدرجة تتناسب مع الدرجة العرضية حيث يكون الاتجاه هو محصلة حركتين إحداهما موازية لمحور الأرض والثانية عمودية عليه، وتتزايد الأولى كلما اتجهنا نحو الدائرة الاستوائية بينما تتزايد الثانية نحو القطبين.
سرعة الرياح
مدخل
...
6- 2- سرعة الرياح:
تتوقف سرعة الرياح على عدة عوامل أهمها:
انحدار الضغط الجوي Pressure grsdient، وهو سرعة تناقص الضغط الجوي نحو مركز الضغط الجوي،
2- الاحتكاك بالسطح الذي تهب عليه الرياح Friction،
3- قوة الطرد المركزية حول مركز المنخفض الجوي.
ويعتبر انحدار الضغط الجوي العامل الرئيسي الذي يؤدي إلى بدء تحرك الرياح، وكلما كان هذا الانحدار شديدًا كانت سرعة الرياح أكبر، ويمكن توضيح هذا الانحدار بواسطة خطوط الضغط المتساوي، فكلما كانت هذه الخطوط متقاربة وكان الفرق بين قيمة كل خط منها والخط الذي يليه كبيرًا كان هذا دليلًا على شدة انحدار الضغط، وذلك بصورة متشابهة لما تدل عليه الخطوط الكنتورية التي ترسم لتوضيح انحدار سطح الأرض. ويبلغ انحدار الضغط الجوي أشده في الأعاصير التي تصاحبها عادة رياح مدمرة.
وعندما يؤدي انحدار الضغط الجوي إلى بدء تحرك الرياح في اتجاه مركز الضغط المنخفض فإن القوة الكوريولية تؤدي إلى انحرافها إلى اليمين في نصف الكرة الشمالي وإلى اليسار في نصفها الجنوبي، ويأخذ انحرافها في التزايد حتى يصبح هبوبها موازيًا لخطوط الضغط المتساوي، أي يصبح عموديًّا على اتجاه انحدار الضغط الجوي وعندما تكون خطوط الضغط المتساوي ممتدة بشكل أقواس أو دوائر فإن قوة الطرد المركزية تعمل على إبقائها بعيدة عن مركز المنخفض. ومع ملاحظة أن تأثير القوة الكوريولية ينحصر في انحراف الرياح وأنها لا تتدخل في سرعتها.
أما عامل الاحتكاك فإن يؤدي عمومًا إلى إضعاف سرعة الرياح. ويظهر تأثيره في الطبقة الملاصقة للسطح وتتوقف قوته على طبيعة هذا السطح ودرجة خشونته ومدى استوائه أو تعقده، والاختلافات الحرارية المحلية التي توجد عليه بين موضع وآخر. فكل هذه العوامل يمكن أن تؤثر على حركة الهواء فتؤدي إلى عدم انتظامها، وهذه الحالة هي التي يطلق عليها اسم الاضطراب TruBULENCE، أي اضطرب حركة الهواء وفيها يتعرض الهواء للسكون لفترات قصيرة تتعاقب معها هبات سريعة أو دوامات هوائية.
ويكون تأثير الاحتكاك على سرعة الرياح أضعف على المسطحات المائية وغطاءات الجليد منه على الأرض. وخصوصًا إذا كانت غير مستوية، أو كانت مغطاة بالغابات أو المباني.
وحيثما يكون تأثير الاحتكاك قويًّا فإنه لا يقتصر على إضعاف سرعة الرياح بل يؤدي كذلك إلى إضعاف القوة الكوريولية وقوة الطرد المركزية، ونتيجة لهذا فإن الرياح لا تسير موازية لخطوط الضغط المتساوي بل تقطعها عند تحركها حول مركز الضغط المنخفض وذلك بزوايا تتناسب مع قوة الاحتكاك.
شكل "25"
القوى التي تؤثر في سرعة الرياح واتجاهها نحو مراكز الضغط المنخفض في نصف الكرة الشمالي النظام اليومي لسرعة الرياح:
بغض النظر عن التغيرات التي تطرأ على الرياح العامة سواء على النطاق المحلي أو النطاق العام فإننا نلاحظ أن هناك نظامًا يوميًّا لسرعة الرياح في الطبقة الملامسة لسطح الأرض. فهي تبلغ أقصى سرعتها بعد الظهر ثم تتناقص السرعة كلما تقدم المساء، وتستمر في تناقصها في أثناء الليل حتى تبلغ حدها الأدنى قبيل شروق الشمس، ثم تأخذ في التزايد بعد ذلك.
وترجع زيادة سرعة الرياح في أثناء النهار عند سطح الأرض إلى أن ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى حدوث تبادل هوائي بين سطح الأرض الذي يتمدد الهواء الملاصق له وتحدث فيه حركة تصعيد بسبب الحرارة وبين المستويات الجوية الأعلى التي يهبط هواؤها ليحل محل الهواء الصاعد. ونظرًا لأن الهواء الهابط يكون آتيًا من طبقات تتميز بسرعة رياحها فإنه يحافظ إلى حد ما على سرعة حركته مما يؤدي إلى ازدياد سرعة الهواء المجاور لسطح الأرض، بينما يؤدي الهواء الصاعد على العكس من ذلك إلى تقليل سرعة الرياح العليا بسبب قدومه من مستوى يتميز ببطء حركة هوائه.
أما في أثناء الليل فإن الهواء المجاور لسطح الأرض يبرد وتزداد كثافته ولهذا فإنه يميل للاستقرار، ويساعده هذا الاستقرار بالإضافة إلى احتكاكه بسطح الأرض على عدم التحرك مع الرياح التي تتحرك بسرعة أكبر في المستويات الأعلى والتي كان من الممكن أن تجره معها بسهولة في حالة عدم استقراره وعدم احتكاكه بسطح الأرض.
قياس سرعة الرياح وتجديد اتجاهها وتوضيحها
...
- قياس سرعة الرياح وتحديد اتجاهها وتوضيحها:
تقاس سرعة الرياح بواسطة الأنيمومتر1 Anemometer وتحسب عادة بالعقدة في الساعة. والعقدة knot ترادف ما يسمى بالميل البحري Nautical Mile، وهو المسافة التي تشغلها الدقيقة الواحدة على خط الاستواء أو على أحد خطوط الطول، وهي تساوي 1.15 ميل قياسي أو 1.84 كيلو متر. والعقدة هي الوحدة التقليدية المستخدمة في تحديد سرعة السفن منذ عهود الملاحة الشراعية، ولهذا فقد استخدمت كذلك لقياس سرعة الرياح، ومع ذلك فإن سرعة الرياح تحسب في بعض الإحصاءات المناخية بالكيلو متر أو الميل في الساعة.
أما اتجاه الرياح فيحدد بواسطة دوارة الرياح Wind vane وتوجد منها عدة أنواع تشترك في أنها تحدد اتجاه الرياح بواسطة ذراع يسهل تحريكه أفقيًّا بواسطة الرياح، ويدل اتجاه مقدمته على الاتجاه الذي تهب منه الرياح.
والطريقة التقليدية لتوضيح اتجاه الرياح على الخرائط المناخية هي الأسهم التي يمكن أن ترسم بسمك وطول واحد، أو ترسم بطول وسمك يتناسبان مع مرات هبوب الرياح، وهي طريقة تستخدم أحيانًا عند رسم الخرائط المناخية لتوضيح الاتجاهات التي تهب منها معظم الرياح، علي حسب المعدلات الشهرية أو السنوية في مناطق واسعة، أما عند تحليل إحصاءات الرياح الخاصة بمحطة أو أكثر من محطات أي منطقة فتوضح النسب المئوية للاتجاهات التي تهب منها الرياح في كل محطة في الشهر أو الفصل أو السنة بواسطة رسم بياني يطلق عليه اسم "وردة الرياح Wind Rose". ويمكن رسمها لتوضيح النسب المئوية للاتجاهات الرياح فقط، وتعرف في هذه الحالة باسم "وردة الرياح البسيطة" كما يمكن رسمها لتوضيح النسب المئوية لاتجاهات الرياح والنسب المئوية للسرعات التي تهب بها رياح كل اتجاه بسرعة معينة. ويطلق عليها في هذه الحالة اسم "وردة الرياح المركبة" وتوضح النسب المئوية للاتجاهات المختلفة لهبوب الرياح بخطوط تتفرع من دائرة صغيرة، وترسم بمقياس رسم معين لتتناسب أطوالها مع النسب المئوية لاتجاهات هبوب الرياح. فإذا ما أريد توضيح السرعات في نفس الشكل فإن السرعات تقسم إلى فئات، وتحسب النسبة المئوية لكل فئة في كل اتجاه، وتقسم الخطوط التي تمثل السرعات إلى أقسام تتناسب أطوالها مع النسب المئوية لفئات السرعة. وفي كلتا الحالتين فإن النسبة المئوية لحالات السكون توضح رقميًّا في الدائرة الصغيرة المتوسطة "شكل 26، 27".
شكل "26" وردت رياح بسيطة لتوضيح نسب هبوب الرياح من الاتجاهات المختلفة في مدن الساحل الشمالي الغربي لمصر في الشتاء والصيف شكل "27" وردة رياح مركبة
وعند تسجيل اتجاهات الرياح في محطات الأرصاد الجوية أو عند تبادل بياناتها بين المحطات المختلفة يحدد الاتجاه بالدرجات التي ينقسم إليها محيط أي دائرة وهي 360 درجة مبتدئة بالصفر في الشمال ومتجهة مع اتجاه حركة عقرب الساعة ومنتهية بدرجة 360ْ التي تتفق مع درجة البداية وهي درجة الصفر. وتقسم الاتجاهات في بيانات محطات الأرصاد الجوية عادة إلى 12 اتجاهًا يفصل كل اتجاه منها عن الاتجاهات الأربعة الأصلية وهي ش، ق، ج، ع وبثلاثة حروف إذا كان اتجاهًا فرعيًّا مثل ش ش ق، أي شمال الشمال الشرقي ودرجته 30 وج ش ق أي جنوب الشمال الشرقي ودرجته 60 وهكذا "شكل 28" أما في الدراسات المناخية فتنحصر الاتجاهات في ثمانية فقط يفصل بين كل اتجاه منها والاتجاه الذي يليه 45 درجة مثل ش ودرجته صفر وش ق ودرجته 45 وق ودرجته 90.
شكل "28" توضح اتجاهات الرياح حول الدوائر بعشرات الدرجات مع حذف صفر الآحاد في كل رقم للتبسيط توضيح سرعة الرياح واتجاهها على خرائط الطقس:
ذكرنا أن اتجاه الرياح ومعدلات مرات هبوبها من الاتجاهات المختلفة يمكن أن توضح برسوم تخطيطية تعرف باسم "وردات الرياح".وهي تستخدم عادة كوسيلة لتوضيح المعدلات الشهرية أو السنوية في محطات معينة، أما على خرائط الطقس، التي ترسم يوميًّا أكثر من مرة لتوضيح حالة الطقس في ساعات معينة فيوضح اتجاه الرياح في الساعة المعينة بواسطة خط قصير يمثل الاتجاه الذي تأتي منه الرياح وينتهي على محيط الدائرة الممثلة للمحطة. وفي حالة السكون ترسم دائرة حول دائرة المحطة. وعند تبادل البيانات الخاصة باتجاه الرياح أو تسجيلها في الجداول فإن الاتجاه يعين بالدرجات شرق الشمال الجغرافي، على اعتبار أن الدائرة مقسمة إلى 360 درجة. وأن الشمال يقع على درجة صفر أو 360 والشرق على درجة 90 والجنوب 180 والغرب 270. ولكن المتبع في إرسال الإشارات هو قسمة الدرجات على عشرة وعلى ذلك تكون درجة اتجاه الشرق هي 9 ودرجة اتجاه الغرب هي 27 وهكذا "شكل 28".
أما سرعة الرياح فتوضح على خريطة الطقس بواسطة ريشات "Feathers" ترسم على طرف خط الاتجاه بحيث تكون على جانبه الأيسر "بالنسبة للناظر إلى المحطة" وتميل عليه بزاوية 120 ْ. وتمثل كل ريشة كاملة سرعة قدرها 8-12 عقدة في الساعة أو زيادة في السرعة بنفس القدر، أما إن كانت السرعة أو الزيادة قدرها 3 إلى 7 عقدات فتمثل بواسطة نصف ريشة، أما إن كانت بين 48 و52 عقدة فتمثل بواسطة مثلث يوضع بنفس طريقة وضع الريشات وتكون قاعدته على الخط الممثل للاتجاه، انظر الجدول رقم "8".
جدول "8" الرموز المستخدمة لتوضيح سرعات الرياح على خرائط الطقس
أنواع الرياح السطحية
مدخل
...
6- 3- أنواع الرياح السطحية:
لما كان الضغط الجوي هو العامل الأساسي المسئول عن هبوب الرياح، وأنه يتوزع بنظام عام على سطح الكرة الأرضية، وأنه يتعرض رغم ذلك لتغيرات كثيرة من وقت إلى آخر ومن مكان إلى آخر فإن الرياح التي تنتج عنه لا بد من أن تتباين هي الأخرى في اتجاهاتها وسرعاتها ومدي انتشارها ومدة هبوبها وخصائصها على حسب التوزيع العام لمناطق الضغط الجوي الرئيسية من جهة وعلى حسب ما يطرأ عليها من تغيرات مكانية أو زمانية أو نوعية من جهة أخرى، ولهذا فإنها تقسم على أساس هذه التغيرات إلى الأقسام الرئيسية التالية:
أولًا: الرياح العامة، وهي رياح منتظمة تهب عادة في نطاقات متسعة وتنقسم إلى:
أ- رياح دائمة تهب بانتظام تقريبًا طول السنة وتشمل الرياح التجارية، والرياح الغربية "العكسية" والرياح القطبية، وذلك في المناطق التي لا يتعرض فيها أي منها لتغيرات رئيسية في اتجاهاتها الأصلية التي يفرضها التوزيع العام لنطاقات الضغط الجوي العامة على سطح الكرة الأرضية.
ب- رياح موسمية تهب بانتظام في فصول معينة، وقد يتغير اتجاهها وصفاتها تغيرًا كليًّا أو جزئيًّا من فصل إلى آخر، وسببها هو حدوث تغيرات فصلية أساسية في الضغط الجوي على اليابس والماء.
ثانيًا: الرياح المحلية التي تسببها المنخفضات الجوية "أو أعاصير الأقاليم المعتدلة":
ويرتبط هبوبها بالجهات الحارة والباردة لهذه المنخفضات، وتتميز بصفات خاصة، ولا يستمر هبوبها إلا لفترات قصيرة لا تزيد غالبًا على يومين أو ثلاثة.
ثالثًا: العواصف والأعاصير الدوارة Revolving Storms:
وهي توجد بصفة خاصة في العروض المدارية بأن الرياح تدور فيها بسرعة عالية جدًّا حول مراكز محددة.
رابعًا: الرياح المحلية اليومية:
وهي رياح خفيفة يتغير اتجاهها بين الليل والنهار وأهمها: نسيم البر ونسيم البحر، ونسيم الجبل ونسيم الوادي.
الرياح العامة
الرياح التجارية
...
6- 3- 1 الرياح العامة:
أ- الرياح التجارية:
المقصود بهذه الرياح هى الرياح التي تهب من مناطق الضغط المرتفع وراء المدارين نحو الضغط المنخفض الاستوائي، ويكون اتجاهها غالبًا شماليًّا شرقيًّا في نصف الكرة الشمالي وجنوبيًّا شرقيًّا في نصفها الجنوبي، إلا أن درجة انحرافها تتناقص كلما اقتربت من خط الاستواء.
ونظرًا لأن نطاقات الضغط العامة تتزحزح شمالًا في فصل الصيف "الشمالي" وجنوبًا في فصل الشتاء فإن التجاريات الجنوبية الشرقية تعبر خط الاستواء في فصل الصيف نحو مراكز الضغط المنخفض الاستوائي التي تقع إلى الشمال منه وتتحول بعد عبورها له لتصبح رياحًا جنوبية غربية، ويحدث العكس في فصل الشتاء حيث تعبره التجاريات الشمالية الشرقية نحو الجنوب وتصبح رياحًا شمالية غربية، إلا على القارة الإفريقية التي تبقى مراكز الضغط المنخفض الاستوائي عليها واقعة إلى الشمال منه بسبب اتساع القسم الشمالي منها وارتفاع درجة حرارته حتى في فصل الشتاء، ولهذا فإن الرياح التجارية الجنوبية الشرقية تستمر في عبورها لخط الاستواء في هذا الفصل، ولكن نطاق تقدمها نحو الشمال يكون أقل منه في فصل الصيف "شكل 29 و30".
والرياح التجارية هي أكثر الرياح العامة انتظامًا ودوامًا وخصوصًا في نصف الكرة الجنوبي وعلى أواسط المحيط الهادي الشمالي ونطاق الصحاري المدارية في شمال إفريقيا وغرب آسيا وغرب المحيط الأطلسي وسهول الأمزون، وهي تتميز بسرعتها المعتدلة ولكنها تفقد معظم هذه السرعة في نطاق الضغط المنخفض الاستوائي حيث تنشط التيارات الصاعدة وتسود حالات السكون في الهواء.
وتساعد هذه الرياح عمومًا على تلطيف درجة حرارة الصيف في الأقاليم التي تهب عليها، وهي أهم أسباب كثرة الأمطار على السواحل الشرقية لأستراليا وجنوب إفريقيا وأمريكا الجنوبية وعلى كل الجزر المدارية بسبب هبوبها من محيطات دافئة، أما على الأجزاء الداخلية والسواحل الغربية فإنها تكون جافة بسبب فقدانها لمعظم رطوبتها على السواحل الشرقية ومرورها على اليابس، وهذا هو السبب الرئيسي لوجود الصحاري المدارية في غرب القارات وأهمها الصحراء الكبرى وصحراء كلهاري وصحراء ناميبيا في غرب جنوب إفريقيا والصحراء الأسترالية والصحاري الحارة في غرب الأمريكتين.
ب- الرياح الغربية "أو العكسية" The Westerlies:
وهي الرياح السائدة في العروض المعتدلة، وهي تهب من نطاقي الضغط المرتفع وراء المدارين نحو نطاقي الضغط المنخفض قرب الدائرتين القطبيتين ويكون اتجاهها السائد معاكسًا لاتجاه الرياح التجارية، ولهذا فإنها تكون غالبًا جنوبية غربية في نصف الكرة الشمالي وشمالية غربية في نصفها الجنوبي.
وكما هي الحال بالنسبة للرياح التجارية فإن نطاق الرياح الغربية يتزحزح نحو الشمال في فصل الصيف "الشمالي" ونحو الجنوب في فصل الشتاء تبعًا لحركة الشمس الظاهرية، والرياح الغربية عمومًا أقل انتظامًا من الرياح التجارية بسبب كثرة ما يظهر في نطاقها من منخفضات جوية تترتب عليها اضطرابات جوية يتغير بسببها اتجاه الرياح وسرعتها وصفاتها بصورة فجائية تقريبًا خلال فترات قصيرة، وتكثر هذه الاضطرابات بصفة خاصة في نصف الكرة الشمالي بسبب اختلاط الماء باليابس واختلاف الضغط الجوي عليهما، أما في النصف الجنوبي فتسود المحيطات ويقل اليابس، ولهذا فإن هذه الرياح تكون أكثر انتظامًا منها في الشمال، خصوصًا في العروض الواقعة بين خطي عرض40 ْو50 ْجنوبًا وقد اشتهرت هذه العروض بين البحارة لهذا السبب باسم الأربعينيات المزمجرة "أو الهوجاء"Roaring Forties
ج- الرياح الموسمية The monsoons:
المقصود بالرياح الموسمية هو الرياح التي يتغير اتجاهها بين الصيف والشتاء بسبب اختلاف الضغط الجوي على الماء واليابس، كما تتغير تبعًا لذلك صفاتها الأخرى من حيث درجة الحرارة والرطوبة وما ينتج عنها من أمطار. والرياح الموسمية المثالية، هي التي يتغير اتجاهها تغيرًا يكاد يكون تامًّا بين الصيف والشتاء بحيث ينحرف اتجاهها بمقدار 180 ْفي الشتاء عنه في الصيف، وينطبق هذا على معظم الرياح الموسمية التي تهب على الهند وجنوب شرقي آسيا وشرقيها وعلى الجزر القريبة منها، وأهمها الجزر اليابانية والفلبين وتايوان والجزر الإندونيسية. ويرجع هذا إلى عظم اتساع هذه القارة وشدة حرارتها في الصيف مما يؤدي إلى تكوين منطقة إعصارية "منطقة ضغط منخفض" عظيمة الاتساع والعمق على أواسطها، وشدة برودتها في الشتاء مما يؤدي إلى تكوين منطقة ضد إعصارية "منطقة ضغط مرتفع" عظيمة الارتفاع على نفس المناطق. ونتيجة لهذا فإن الرياح الموسمية الصيفية تهب نحوها من المحيطين الهندي والهادي فتسقط كثيرا من الأمطار على كل المنحدرات التي تواجهها، أما في فصل الشتاء فتخرج منها الرياح الموسمية الشتوية نحو المحيطين الهندي والهادي، وهي رياح جافة شديدة البرودة، ولهذا فإنها لا تؤدي إلى سقوط الأمطار إلا على السواحل والجزر التي تصلها بعد مرورها على مسطحات مائية "شكل 31، وشكل 32".
شكل "31" اتجاه الرياح على الهند في الصيف
شكل "32" اتجاه الرياح على الهند في الشتاء
وتوجد الرياح الموسمية كذلك على شرق إفريقيا المدارية وخصوصًا على الحبشة والصومال والسودان الشرقي وعلى ساحل غانة بغرب القارة وعلى شمال أستراليا. كما توجد ولكن بشكل غير كامل على الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية إذ إن الفرق بين اتجاه الرياح السائدة عليه في الصيف والرياح السائدة في الشتاء يكون في حدود 90 ْفقط. ويرجع ذلك بصفة أساسية إلى صغر هذه القارة بالنسبة لقارة آسيا مما يقلل نسبيًّا من الفرق بين الضغط الجوي المرتفع عليها في الشتاء والضغط الجوي المنخفض عليها في الصيف، كما يرجع إلى عدم وجود حواجز جبلية تفصل جنوبها عن شمالها مما يساعد على التقاء الهواء المداري البحري القادم من ناحية خليج المكسيك بالهواء القطبي القاري القادم من الداخل، مما يساعد على كثرة حدوث الأعاصير العنيفة التي تؤدي بدورها إلى كثرة تغير اتجاه الرياح.
وتبين وردات الرياح التي في شكل "33" كيف يتغير الرياح الموسمية السائدة اتجاهها في حدود 180 ْعلى شرق آسيا بين الصيف والشتاء وكيف يكون تغير اتجاهها في حدود 90 ْفقط على الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية1.
الرياح العليا
مدخل
...
6- 4- الرياح العليا:
تتميز الرياح في المستويات العليا من التربوسفير بصفة عامة بأنها أسرع وأكثر انتظامًا في حركتها واتجاهها من الرياح السفلية التي تتعرض لكثير من الاضطراب بسبب احتكاكها بسطح الأرض وخصوصًا إذا كان هذا السطح خشنًا وكثير التعقيد. ولهذا فإن الرياح العليا تخضع بصفة أساسية لانحدار الضغط الجوي ولتأثير القوة الكوريولية. ونتيجة لهذا فإن اتجاهها يكون عموديًّا على اتجاه انحدار الضغط الجوي وموازيًا لخطوط الضغط الجوي المتساوي وبدلًا من أن تهب الرياح من الجنوب إلى الشمال أو العكس فإنها تكون غربية "ب"
شكل "33" وردات الرياح على الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية
"أ" وعلى شرقي آسيا
"ب" ونلاحظ درجة تغير اتجاه الرياح الموسمية على كل منهما بين الصيف والشتاء.
في العروض الواقعة بين المدارين والدائرتين القطبيتين، وشرقية في العروض الواقعة بين المدارين وخط الاستواء. ويطلق على هذه الرياح عمومًا اسم الرياح الجيوستروفيه. وتكون سرعتها مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بانحدار الضغط الجوي.
- التيارات الهوائية النفاثة Jet Streams:
يطلق هذا التعبير على تيارات هوائية علوية عظيمة السرعة تندفع في مسارات معروفة على ارتفاعات تتراوح بين 8 كيلو مترات و13 كيلو مترًا في نطاق الرياح الغربية، وتتراوح سرعتها بين 500 و600 كيلو متر في الساعة، ويبلغ سمك هوائها بضع مئات من الأمتار وعرضها بين450 و600 كيلو متر.
وقد اكتشفت هذه التيارات لأول مرة في سنة 1933 وظهرت أهميتها في أثناء الحرب العالمية الثانية حيث إنها كانت تؤثر على حركة الطيران، فكانت تعوق حركة الطائرات التي كانت تواجهها فتوقفها بل وتؤدي إلى تراجعها أحيانًا، بينما كانت تضاعف من سرعة الطائرات التي تسير في نفس اتجاهها.
وتوجد في الوقت الحاضر خرائط مفصلة للتيارات النفاثة المعروفة في نصف الكرة الشمالي. ويدل توزيعها على أنها تندفع غالبًا على طول الجهات التي تفصل الكتل الهوائية القطبية عن الكتل الهوائية المدارية، وأن لها علاقة بحدوث العواصف والأعاصير التي تظهر في العروض المعتدلة. وهي لا تسير غالبًا في خطوط مستقيمة بل تتعرج كثيرًا وتندفع في تعرجها أحيانًا لمسافات بعيدة حتى إنها تندفع أحيانًا نحو خط الاستواء، وخصوصًا فوق القارات. وقد لوحظ أنها تكون في فصل الشتاء أسرع وأقل ارتفاعًا منها في فصل الصيف، وأن بعض هوائها قد يندفع إلى أسفل نحو الأرض فيؤدي إلى حدوث اضطرابات جوية عنيفة عند سطح الأرض.