[b]
الفصل الأول: الزراعة
مدخل
...
الفصل الأول: الزراعة
تعد الزراعة من الحرف الكبرى التي يمارسها الإنسان في الأقاليم المختلفة، وقد عرفها الإنسان منذ وقت مبكر في البيئات الفيضية اعتمادا على التربة الخصبة ومياه الأنهار الوفيرة وكان وادي النيل الأدنى في مصر ووادي الدجلة والفرات في العراق والسند في باكستان من أقدم البيئات النهرية التي شهدت نشأة الزراعة وتطورها وقامت بها مجتمعات زراعية مستقرة ربما حوالي عام 5500 قبل الميلاد.
وتختلف أنماط الزراعة اختلافا كبيرا من بيئة لأخرى -بل وفي داخل البيئة الجغرافية الواحدة- ويبدو هذا الاختلاف في أسلوب الزراعة وتأثيرها على المجتمع وتأثرها بالظروف الطبيعية والبشرية ويقسم البعض الزراعة على هذا الأساس إلى أنماط مختلفة منها الزراعة البدائية والزراعة المتقدمة، وينقسم النوع الأخير إلى الزراعة الكثيفة والزراعة الواسعة. ويتمثل النوع الكثيف في الأقاليم جيدة التربة وذات الظروف المناخية الأكثر ملاءمة للإنتاج، ولذا غالبا ما يرتبط بها ظاهرة ارتفاع الكثافة السكانية وتزايد الضغط على موارد الأرض ويبدو ذلك بوضوح في جنوب شرق آسيا وفي الهند ومصر وهولندا وبلجيكا وتتصف بالملكيات الصغيرة نتيجة الضغط السكاني.
أما الزراعة الواسعة فترتبط بالمناطق القليلة السكان في الغالب حيث يزداد الاعتماد على الآلات الزراعية المختلفة بدلا من الأيدي العاملة وتتصف بالملكيات الزراعية الكبيرة وقد تكون ملكا للشركات أو أصحاب رءوس الأموال الضخمة وأبرز سماتها الإنتاجية أنها تتخصص في زراعة محصول معين تبعا لظروف الإنتاج الطبيعية. ويظهر هذا النمط في العالم الجديد كالأمريكتين واستراليا.
وسنتناول هنا توزيع الأنماط الزراعية في البيئات الجغرافية الكبرى. الزراعة في البيئة المدارية المطيرة
مدخل
...
أولا: الزراعة في البيئة المدارية المطيرة:
تعتبر البيئة المدارية المطيرة من البيئات الجغرافية المميزة على خريطة العالم، وتشمل مساحات كبيرة من قارتي أمريكا اللاتينية وأفريقيا وبعض المناطق في جنوب آسيا وشمال استراليا. ويتميز بالمناخ المداري المطير الذي تسمح الحرارة السائدة به باستمرار فصل النمو على امتداد السنة بأكملها طالما تسمح الموارد المائية بذلك وتتباين مناطق هذه البيئة في كمية الأمطار الساقطة وتوزيعها على شهور السنة وإن كان بعضها يتصف بفصل جاف. وتصل كمية الأمطار إلى نحو 80 بوصة في السنة بل إن بعض المناطق يسقط بها أكثر من 200 بوصة مما يشكل عائقا كبيرا أمام النشاط البشري فيه، وتتميز هذه البيئة بمناخها الذي ترتبط فيه الأمطار الغزيرة بالحرارة العالية مما يحقق ظروفا ملائمة لنمو النبات.
وتتمثل أنواع الزراعة السائدة في البيئة المدارية المطيرة في الزراعة البدائية من ناحية والمتقدمة من ناحية أخرى وذلك على النحو التالي:
1- الزراعة المتنقلة:
وهي زراعة بدائية تمارسها بعض الجماعات البشرية المتخلفة في الأقاليم المدارية المطيرة ولا يبذل فيها جهد كبير حيث تزال النباتات الطبيعية من مساحة صغيرة من الأرض ثم تبذر البذور وتترك بعد ذلك حتى يحل موعد الحصاد وتنتقل الجماعة البدائية في ثنايا الغابة لتعود وقت الحصاد إلى المنطقة التي زرعتها، وقد تقيم بجوار الحقل فترة مؤقتة حتى ينمو المحصول ويتم حصاده ثم تنتقل بعد ذلك لمنطقة أخرى لتطهيرها من النباتات البرية وزراعتها والانتظار حتى حصاد المحصول وهكذا. وفي كل ذلك ترتبط الزراعة البدائية بحرفة الجمع والالتقاط أو قد ترتبط بقرى شبه دائمة تسكنها الجماعة لمدة ثلاث أو أربع سنوات، وبعد مضي هذه الفترة تكون الأرض قد أنهكت واستنفدت مواردها ثم ما تلبث الجماعة في اختيار موضع جديد تنتقل إليه القرية وتبدأ العملية كلها من جديد في أراضٍ بكر.
وباستمرار تزايد السكان، فإن نمط الزراعة المتنقلة يبدأ في التغيير ويتمثل في قرية كبيرة ودائمة في معظم الأحيان كذلك يكون الاستغلال الاقتصادي لموارد البيئة الطبيعية أكثر تقدما وكثافة نسبيا حيث تتبع الجماعة نوعا من الدورات الزراعية -وفيها تنظف الأرض وتستغل الزراعة لمدة عام أو عامين أو ربما ثلاثة- ثم ما تلبث أن تهمل بعد ذلك وتترك للنمو الطبيعي الغابي. والمدة المثالية اللازمة لإراحة أرض الغابة ينبغي أن تتراوح بين 25 - 30 سنة حتى تتاح الفرصة لاسترداد خصوبتها الطبيعية وقد يؤدي تزايد السكان في معظم المناطق إلى تقليل فترة راحة الأرض ويتبع ذلك تدهور بطيء في التربة يعقبه انتقال القرية بأكملها ورحيلها إلى منطقة أخرى.
وتوجد الجماعات البشرية التي تمارس الزراعة المتنقلة في كل الأقاليم المدارية المطيرة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا بما في ذلك الجزر الواقعة في هذه الأقاليم. وتختلف هذه الجماعات فيما بينها بالنسبة للمحاصيل المزروعة ففي أمريكا اللاتينية يعد المانيوق محصولا رئيسيا "المانيوق يعرف بأسماء كثيرة منها الكاسافا والتابيوكا وهو نبات ذو جذور هي صالحة للأكل وتقسم إلى نوعين: أحدهما مر والآخر حلو، وكلاهما يستخدمان في الأكل" وكذلك البطاطا واليام والفول والذرة والفول السوداني وكلها محاصيل أصلية وذلك بالإضافة إلى المحاصيل التي جلبها الأوروبيون مثل قصب السكر والموز.
أما الشعوب الأفريقية التي تمارس الزراعة المتنقلة فتزرع الذرة الرفيعة واليام الغيني "نوع من البطاطا" والصرغم "نبات كالذرة يستخرج من بعض أنواعه عصير سكري وتستخدم أنواعه الأخرى في أغراض مختلفة" والبطاطس وبعض المحاصيل الوطنية مثل الذرة والموز وأرز المرتفعات الجاف والكاسافا "وهو نبات يستخرج من جذره نشا" والقلقاس وغيرها.
أما المحاصيل الوطنية في آسيا المدارية المطيرة فتشمل الأرز والقلقاس واليام والموز وكذلك بعض المحاصيل المجلوبة مثل الذرة والمانيوق والذرة الرفيعة والبطاطا.
وتختلف هذه المناطق في طرق الزراعة وكذلك في نمط الحياة البشرية بها فمعظم السكان في الأمريكتين يمارسون بالإضافة للزراعة المتنقلة جمع منتجات الغابة موسميا -والتي يصدرونها إلى خارج منطقتهم- ففي أمريكا الوسطى يجمعون اللبان، وفي البرازيل الجوز البرازيلي والمطاط البري ومع ذلك فإن بعض الجماعات الأفريقية أصبحت مستقرة بعد تزايد عدد سكانها بل وتحولوا بعد ذلك الاستقرار إلى زراعة محاصيل نقدية مثل الكاكاو في ساحل غانا والفول السوداني في أقليم السافانا أو جمع منتجات الغابة في المناطق الرطبة.
كذلك فقد كان لتقارب الحضارات القائمة على زراعة الأرز ونظم الزراعة العملية التي أدخلها الأوروبيون في آسيا أثره في تحويل كثير من الزراع المنتقلين إلى زراع مستقرين، وقد يجمع بعض سكان المنطقة المدارية بين هذه الأنماط الثلاثة فيجمعون منتجات الغابات ويزرعون زراعة تجارية على مستوى محدود وكذلك يعملون في المزارع العلمية. وقد يمارسون بالإضافة إلى ذلك حرفة الجمع والالتقاط لغذائهم المحلي.
وتعتبر الأمريكتين الوسطى والجنوبية أقل القارات في النطاق المداري المطير من حيث عدد العاملين في الزراعة المتنقلة ومن جملة ما يزيد قليلا على مليون وربع المليون من الهنود الحمر الذين يمارسون هذه الحرفة فإن 98% منهم يتبعون هذا النمط في حياتهم أما الباقون فهم جماعات جمع والتقاط أساسا، وهؤلاء السكان عموما يعيشون حياة منعزلة في نطاق الغابات ويمكن أن يضاف إلى هذا العدد عدد مساوٍ من المستيزو Mestizo "خليط من البيض والهنود الحمر" والذين يعيشون نفس النمط المعيشي ويتميزون بأنهم أقل انعزالا من الهنود الحمر حيث يتصلون في معظم الأحوال بالعالم الخارجي.
وتعد قارة أفريقيا أكثر القارات في عدد الذين يحترفون الزراعة المتنقلة في الأقاليم المدارية المطيرة حيث تعيش معظم القبائل في أكواخ دائمة أو شبه دائمة وباستمرار تزايد السكان في هذه الأقاليم فإن متوسط استخدام الأرض يصل إلى حوالي ثلاث سنوات وتصل فترة إراحتها من 8 - 15 سنة وذلك تبعا للظروف الطبيعية المتعددة التي تؤثر في هذا النمط الزراعي.
ب- الزراعة المعاشية المستقرة:
تتخلل المناطق المدارية المطيرة بعض الجماعات التي تحولت من الزراعة المتنقلة إلى المستقرة واستمرت في ممارسة هذه الحرفة في نفس المكان بل وفي نفس الأرض سنة وراء أخرى، وقد تطلب ذلك تغيرات في نظام الزراعة أو في البحث عن أراضٍ خصبة أو كليهما معا.
وتختلف التغيرات الحضارية التي اعترت كثيرا من الأقاليم في المناطق المدارية المطيرة من قارة إلى أخرى، ففي آسيا والجزر التابعة لها يتمثل التطور في أمرين أحدهما محصول جديد والآخر فن زراعي حديث وهما الأرز والري. وتخصب حقول الأرز في الغالب بمخلفات الحيوانات حيثما يسهل الحصول عليها ويتطلب الأرز قدرا كبيرا من المياه والأيدي العاملة وهو مقابل ذلك يعطي محصولا وافرا من أي محصول آخر ويمكن زراعة محصولين أو ربما ثلاثة على مدار السنة حيثما تتوفر درجات الحرارة الدافئة والمياه ولذلك فإن أراضي الأرز في الشرق الأقصى أعلى الكثافات السكانية في العالم، ففي دلتا النهر الأحمر في فيتنام، يصل متوسط الكثافة إلى 1200 نسمة في الكيلو متر المربع.
شكل "160" مناطق إنتاج الأرز في جنوب شرق آسيا
وفي أفريقيا تنقسم الزراعة إلى نمطين: أحدهما في الداخل حيث استقرت بعض القبائل التي تزرع الحبوب كمحاصيل رئيسية في المناخ الجاف كما تربي معها الحيوانات في الغالب، ويدرك الزراع مدى ما تفقده الأرض من خصوبة فيعوضونها بمخلفات الحيوانات من ناحية وباتباع دورات زراعية من ناحية أخرى وهناك قلة من القبائل مثل قبائل الكانسو Kansu في أثيوبيا والشاجا Chagga في تنزانيا تلجأ إلى تغذية الماشية وعلفها حتى يحصلوا على مخلفاتها وبعض القبائل الأخرى تلجأ لزراعة المدرجات وري المحاصيل كلما سمحت ظروف البيئة بذلك.
وفي المناطق المطيرة في أفريقيا تقل الزراعة المستقرة حيث تصبح التربات فقيرة ويكثر بهذه الأقاليم ذباب التسي تسي الذي يقلل من تربية الحيوانات إلى حد كبير، ومع ذلك فهناك بعض الزراع المستقرين مثل زراع الأرز في ساحل السنغال وحول الساحل الغربي لليبيريا. وقد أدت زيادة الطلب في أوروبا على المنتجات المدارية الى استقرار بعض الجماعات في بعض المناطق المطيرة وقامت بزراعة الكثير من المحاصيل المدارية مثل الكاكاو ونخيل الزيت والموز والمطاط، كما كان الكثير من الوطنيين يعملون في مزارع البيض التي تزرع هذه المحاصيل في الوقت الذي يمارس بعضهم فيه الزراعة المستقرة بالقرب من هذه المزارع الأوروبية.
ومن الصعب الحصول على أرقام للعاملين في الزراعة المعاشية وذلك لأن الكثير منهم يعمل في الزراعة المعاشية والتجارية معا، وتتركز جماعات هذه الزراعة في الأودية النهرية في آسيا والتي تشغلها حقول الأرز حيث يتبقى للمزارع من إنتاجه ما يفيض عن حاجته ويبيع الباقي ومن ثم فإنه يعد جزئيا فلاحا تجاريا.
وتعد زراعة الأرز أساسا لمعيشة الملايين من السكان الآسيويين في الهند وبورما وتايلاند وإندونيسيا والفلبين وتتركز هذه المناطق في أقاليم الأمطار الموسمية فيما عدا شبه جزيرة الملايو وجزر خط الاستواء، وقد تأقلمت زراعة الأرز مع موسمية الأمطار حيث تنضج أنواع كثيرة منه في مدة 60 -120 يوما مما يؤدي إلى أن محصولين أو ثلاثة يزرعان في السنة الواحدة.
ج- الزراعة التجارية:
تختلط الزراعة المستقرة المعاشية بالزراعة التجارية إلى حد كبير ولذلك فمن الصعب الفصل بينهما ذلك لأن هناك شعوبا قليلة من التي تعيش اليوم على إنتاجها وبيع أو تبادل المنتجات الغذائية، لا تدخل في عداد الشعوب المتقدمة ومعظم هذه الشعوب تنتج كميات قليلة من المحاصيل لبيعها، ومن ناحية أخرى فإنهم يشترون الأغذية التي لا يستطيعون زراعتها، بالرغم من أن نظام التبادل هذا قد وجد منذ آلاف السنين إلا أن الزراعة التجارية تعد ابتكارا داخل المناطق المدارية وبدأت نتيجة اتصالات شعوب الأراضي المعتدلة بالأقاليم المدارية وخاصة بعد تقدم وسائل المواصلات وطرق التجارة بين هذه الأقاليم وقد زاد الطلب في أوروبا على المنتجات المدارية بعد أن اكتشف الأوروبيون معظم المناطق المدارية في العالم الجديد وأفريقيا وبالرغم من أن قائمة المنتجات المدارية التي تتطلبها الأسواق الأوروبية طويلة، إلا أن أهمها الأرز والموز والشاي والبن والكاكاو وبعض الألياف مثل الأباكا والسيسل والقطن والزيوت مثل زيت النخيل وجوز الهند والفول السوداني وكذلك قصب السكر والمطاط وتزرع هذه المحاصيل في الأقاليم المدارية على الرغم من أن بعضها يزرع في الوقت الحاضر في المناطق شبه المدارية كذلك مثل الشاي والبن والقطن وبعض أنواع الأرز.
د- الزراعة العلمية:
كانت التوابل أول المحاصيل المدارية التي بحث عنها الأوروبيون حيث كانت ضمن قائمة الكماليات في أوائل اتصالات الأوروبيين بالأقاليم المدارية المطيرة كما أنها كانت تمثل الشحنات المثالية للرواد والتجار وذلك لغلوها وصغر حجمها وكانت تجمع كمحصول بري أو يزرعها بعض الوطنيين بكميات صغيرة، وأهم هذه التوابل القرفة والقرنفل وجوزة الطيب والفلفل وغيرها والتي كانت تجلب من جنوب شرق آسيا.
وقد لجأ الأوروبيون إلى إقامة مزارع ضخمة من المناطق المدارية المطيرة حتى يمكنهم إنتاج هذه الغلات وغيرها لسد طلبات أوروبا عليها كما حدث في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا مستخدمة في ذلك الأيدي العاملة من الرقيق الذين استبدلوا بعمال أحرار فيما بعد في خلال القرن التاسع عشر وقد تطور إنتاج هذه المزارع تطورا كبيرا بعد تقدم وسائل النقل مما سهل من نقل هذا الإنتاج إلى مناطق استهلاكية في الأقاليم المعتدلة.
وبعد أن كانت المزارع العلمية تتخصص في إنتاج محصول مداري واحد على مستوى كبير أصبح معظمها في الوقت الحاضر ينوع من الإنتاج وذلك لأغراض اقتصادية منها الاستفادة الكاملة من الأيدي العاملة وكذلك تجنب الاعتماد على محصول واحد وما قد ينتج عن ذلك من هزات اقتصادية سنة وراء أخرى تعرض المنتج للخسارة وخاصة في المنافسة الخارجية. وقد تعرضت كثير من المزارع الأوروبية في الدول المستقلة حديثا إلى التأميم كما حدث للمزارع الهولندية في إندونيسيا. وتعد شركة الفواكة المتحدة United Fruits Company من أكبر الشركات الأمريكية التي تمارس هذا النمط من الزراعة في أمريكا اللاتينية.
وتختلف المزارع العلمية حسب المحصول الذي تزرعه فمن حيث الحجم يتراوح ما بين بضعة أفدنة إلى إقطاعيات كبيرة حجمها آلاف الأفدنة وقد وصلت مساحة إحدى مزارع نخيل الزيت في الملايو إلى 25000 فدان كذلك بلغت مساحة مزرعة مطاط فايرسنون في ليبيريا 90000 فدان وقد تملك الشركة المنتجة مجموعة من المزارع في الإقليم الواحد فشركة الفواكة المتحدة تملك 1.726.000 فدان في ست دول بأمريكا الوسطى والجنوبية من هذه المساحة يزرع 388000 فدان بمحاصيل تجارية، ويخصص الثلث للموز، ويتنوع إنتاج المحاصيل التجارية من نخيل الزيت إلى الكاكاو أو الأباكا أو إنتاج بعض الأغذية للعاملين في الشركة.
كذلك يزرع الوطنيون بعض المزارع العلمية الصغيرة الحجم في مختلف الأقطار وقد تعلم الكثيرون منهم المهارات الزراعية عندما كانوا عمالا في مزارع الأوروبيين ثم استقلوا بمزارع خاصة بهم وغالبا ما يبيعون إنتاجهم لهذه المزارع العلمية الكبرى وأمثلة ذلك تلك المزارع الصغيرة في جاوه والتي يتراوح مساحة المزرعة الواحدة منها ما بين فدانين إلى ثلاثة لزراعة المطاط وتبلغ جملة مساحاتها 10000 فدان يقوم الوطنيون بزراعتها.
وبالرغم من أن الزراعة العلمية تمارس بنجاح في هذه المزارع صغيرة الحجم التي يقوم الأفراد بزراعتها، إلا أن إنتاجية الفدان غالبا ما تكون قليلة كما أن جودة المحصول تكون منخفضة إذا ما قورنت بالمزارع العلمية الكبرى وذلك لاختلاف الطرق المستخدمة في الزراعة، وتختلف وسائل النقل عند المزارعين الصغار مما يقلل من عائد زراعاتهم.
شكل "161" مناطق إنتاج الكاكاو في العالم
وتمارس الفنون العلمية في رفع إنتاجية المزارع العلمية حيث تدرس التربة وخصائصها ومدى ملاءمتها للمحاصيل المختلفة وكذلك تدرس ظروف المناخ والطقس وتقام محطات الأرصاد بها للاستعاضة بها في ذلك الغرض كما تختار البذور المناسبة وتمارس التجارب لتحسين خصائصها وتتم الزراعة والحصاد طبقا لاحتياجات المحاصيل الفعلية، وزاد استخدام المخصبات الكيماوية والعضوية كما درست أمراض النباتات والحشرات وطرق مقاومتها وقد أسهم ذلك كله في التأثير على البيئة الطبيعية كما انتقلت معظم هذه الأفكار للوطنيين في المناطق المجاورة للمزارع العلمية.
الزراعة في البيئة الجافة
مدخل
...
ثانيا: الزراعة في البيئة الجافة:
شهدت الأراضي الجافة قيام الزراعة بها منذ عهود قديمة، وقد قامت بها أربع حضارات كبرى في العالم القديم في أودية الأنهار في المناطق الصحراوية وهي النيل والدجلة والفرات والسند والهوانجهو -كذلك فإن الحضارة البيروفية قامت في أودية الأنهار في صحراء بيرو- وتمارس الزراعة اليوم في كل الأقطار الجافة بصفة عامة أكثر من الرعي وتعتمد في ذلك على الري، حيث يقل سقوط المطر أو يتذبذب من عام لآخر، وقد تطورت وسائل الري في هذه الأقاليم لتلائم ظروفها الطبيعية، وأهم المحاصيل الزراعية الحبوب مثل القمح والشعير والذرة بأنواعها كذلك فإن هناك القطن والفول السوداني، وتتميز هذه المحاصيل عن مثيلتها في المنطقة المدارية المطيرة بمقاومتها للجفاف نسبيا حيث تقل كمية الأمطار عن 20 بوصة سنويا إن سقطت في هذه الأقاليم الجافة.
وتتوزع مناطق الزراعة الجافة في مناطق شتى من العالم ويعتبر القمح من أهم المحاصيل المنتجة في أربع مناطق رئيسية هي الولايات المتحدة، الاتحاد السوفيتي، استراليا، باكستان، والهند؛ ففي الولايات المتحدة ينتج القمح في الأراضي الجافة التي تتراوح أمطارها بين 20 - 30 بوصة في ولايات كنساس وداكوتا ومونتانا، أما الاتحاد السوفيتي فيزرع القمح في المناطق الجافة في سهول التركستان وسط آسيا حيث تقل الأمطار عن 20 بوصة وفي استراليا يأتي القمح من منطقتين رئيستين إحداهما في منطقة برث وفريمانتل والأخرى في جنوب استراليا في فكتوريا ونيوسوث ويلز حيث تتراوح الأمطار بين 10 - 20 بوصة سنويا كذلك يزرع في المناطق الجافة في الهند والباكستان ففي باكستان وخاصة في لاهور يكون المناخ من النوع الجاف الإستبسي وتصل درجة حرارة أحد الشهور إلى 35م وأبردها 12م وكمية الأمطار الساقطة 21 بوصة سنويا يسقط ثلاثة أرباعها في أربعة شهور من يونيه إلى سبتمبر أما في دلهي بالهند فإن الظروف المناخية مشابهة وإن كانت الأمطار تصل إلى 28 بوصة وهنا يزرع القمح وإن كان يحتاج إلى الري قبل انتهاء موسم الأمطار وتتميز هذه المناطق الأخيرة بانخفاض إنتاجية الفدان لبدائية الوسائل المستخدمة.
شكل "162" توزيع البيئة الصحراوية الجافة في العالم الزراعة بالري:
يعد الري في المناطق الجافة بديلا عن الأمطار، وهو يعد الوسيلة الرئيسية للحصول على المواد الغذائية، كما تعد مناطق الزراعة في الأودية النهرية أقاليم التركز السكاني في الصحراء، وأوضح أمثلتها وادي النيل الأدنى والدلتا والفرات، وكلورادو وريوجراند في أمريكا الشمالية. وريونجرو في الأرجنتين ومري ودارلنج في استراليا والأورانج في جنوب غرب أفريقيا. وفي بيرو يوجد 52 نهرا صغيرا ينبعون من الإنديز ويصبون في الباسفيكي خلق 40 منها واحات في أوديتها وقد شهد الكثير منها تاريخا حضاريا تماما كالأنهار الكبيرة في أفريقيا وآسيا.
وفي النطاق الصحراوي حول بحر قزوين في الاتحاد السوفيتي يزرع حوالي 30 مليون فدان على مياه أربعة أنهار هي أموداريا وسرداريا وزيرافشان وسرشك، أما في العراق فتزرع مساحة تصل إلى 9 ملايين فدان مقسمة على الساحل الغربي، وهناك مشروعات طموحة تحت البحث تهدف إلى تحويل بعض روافد الأمازون في أنفاق عبر الإنديز إلى المناطق الساحلية الجافة في الغرب، كذلك فإن هناك مناطق تبلغ مساحتها حوالي 1.915.000 فدان تزرع بالري في حوض مري ودارلنج باستراليا وكان نصفها مستغلا في الرعي. وعلى ذلك فإنه يمكن تحديد مناطق الزراعة بالري في الأقاليم الجافة في المناطق التالية:
1- في أمريكا الشمالية: حوض نهر كولومبيا وسهول نهر سنيك وواحات سولت ليك ونهر سولت بأريزونا ووادي إمبريال في كاليفورنيا.
2- في أمريكا الجنوبية واحات بيرو وواحات الكروم ونهر نجرو في الأرجنتين.
3- في أفريقيا: وادي النيل ودلتاه وفي وسط نهر النيجر وفي أرض الجزيرة بالسودان.
4- في آسيا: في الوادي الأدنى لنهر الفولجا وأودية سرداريا وأموداريا في الاتحاد السوفيتي وفي جنوب العراق، وفي منطقة البنجاب والستند في شمال غرب شبه القارة الهندية.
5- في استراليا: في منطقة حوض مري ودارلنج.
أنماط الزراعة في البيئة المعتدلة
مدخل
...
ثالثا: أنماط الزراعة في البيئة المعتدلة:
في دراسة أنماط الزراعة في البيئة المعتدلة ينبغي أن نفرق بين زراعة البحر المتوسط من ناحية والزراعة في باقي المناطق من ناحية أخرى، حيث تختلف اختلافا كبيرا عن بعضها البعض:
أ- نمط الزراعة في إقليم البحر المتوسط:
سبق الحديث عن الخصائص المناخية لمناخ البحر المتوسط الذي استطاع الإنسان فيه أن يستغل بيئته استغلالا جيدا سواء في فصل سقوط الأمطار حيث تعتمد الزراعة عليها أو في فصل الجفاف حيث تعتمد الزراعة على الري وإن كانت أمطار الشتاء تمثل عقبة في سبيل تنمية الإنتاج والتوسع فيه وذلك لتذبذبها من ناحية أو لصغر كميتها من ناحية أخرى فتبلغ الكمية الساقطة في لوس أنجلوس حوالي 15 بوصة سنويا وفي أثينا باليونان حوالي 15 بوصة وفي فلباريزو وشيلي حوالي 20 بوصة، وفي المناطق المرتفعة تزداد الأمطار كما هي الحال في جبل أطلس في المغرب، ولا تعاني مناطق البحر المتوسط من وجود الصقيع، ولذا فإن فصل النمو يشمل السنة بأكملها مما يساعد على زراعة محاصيل متنوعة مثل القمح والشعير والفول وهي محاصيل شتوية مثل الفواكه والخضروات والكروم وغيرها من التي تعتمد على الري، وقد تربى الماشية مع الزراعة مما يعرف بالزراعة المختلطة.
ويعتبر القمح أهم الحاصلات الزراعية حيث تناسبه ظروف المناخ ولذا فإنه يشمل مساحة كبيرة من الأراضي المزروعة تصل إلى 32% في إيطاليا واليونان، 28.4% في إسبانيا وتصل إلى 19%، 25%، 34% في المغرب وتونس والجزائر على الترتيب و23% في سوريا وترتفع لتصل إلى 52% في تركيا. وتبدو زراعته في نمطين مختلفين. ففي الأراضي المزروعة حديثا مثل جنوب وجنوب غرب استراليا تتميز الزراعة بأنها واسعة والملكيات كبيرة تستخدم الآلات على نطاق كبير وتتراوح مساحة مزرعة القمح بين 1000 - 1500 فدان وتستخدم دورة زراعية على النحو التالي: قمح في السنة الأولى ومحصول علف أخضر للأغنام في السنة الثانية، ثم تترك الأرض بورا في السنة الثالثة لإراحتها، وتتميز الكثافة السكانية في هذه الزراعة بانخفاضها إلى درجة واضحة تبلغ من 5 - 10 نسمة في الميل المربع. أما زراعة القمح الأوروبية، فهي تختلف في حجم مزارعها حيث تهبط إلى بعض الأفدنة فقط وينتج ذلك عن كثافة السكان العالية والذين يجتمعون في قرى متعددة وسط مزارعهم وقد تتبعثر ملكية الأسرة الواحدة في المناطق المجاورة، ولا شك أن لهذا النظام مساوئه، وتزرع الحاصلات الشجرية على منحدرات الجبال أما الكروم والخضر والبساتين فتزرع في المنخفضات حيث يسهل الحصول على مياه الري، كما تزرع بعض المحاصيل على الري صيفا مع ما يتكبده ذلك من مشاق مثل الفاكهة والخضر اللازمة لتموين المدن وقد يحتاج بعضها إلى أيدٍ عاملة كثيرة.
ب- الزراعة في باقي الأقاليم المعتدلة:
تتمثل حرفة الزراعة في المناطق المعتدلة في كل قارات الأرض التي يعمرها الإنسان، في أوروبا والأمريكيتين وأستراليا ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا والاتحاد السوفيتي والصين "الشكل التالي" وتختلف الزراعة في بعض مظاهر السطح وأنواع التربة، وكذلك حسب العوامل الحضارية في كل إقليم ففي أوروبا ترجع الزراعة إلى جذور تاريخية جيلا بعد جيل مما أثر في صغر حجم الملكيات الزراعية بالمقارنة بمثيلتها في العالم الجديد، فعلى سبيل المثال وصل متوسط حجم المزرعة الأمريكية في سنة 1959 إلى 302 فدان بينما في إنجلترا وصل هذا المتوسط إلى 75 فدانا وهي أقل من ذلك بكثير في القارة الأوروبية حيث إن 74% من المزارع البلجيكية التي يزيد عددها على مليون مزرعة، يصل متوسطها إلى 2.5 فدان، وعلى العموم ففي كل قطر -باستثناء إنجلترا والدنمرك- فإن 3/4 المزارع يقل حجم الواحدة فيها عن 25 فدانا.
أما عن العمران فإن معظم الزراع الأوروبيين يعيشون في قرى صغيرة ويسيرون يوميا إلى مزارعهم، وتبدو المزارع الأمريكية غير ذلك، حيث تتمثل بها الزراعة الواسعة التي تختلف في خصائصها عن الزراعة الكثيفة.
الزراعة الأوربية
...
الزراعة الأوروبية:
تعد الزراعة مظهرا هاما من مظاهر استغلال الأرض في كل الأقطار الأوروبية حيث تزرع المحاصيل الغذائية المختلفة وتربى في معظم الأحوال الحيوانات معها وما يمكن تسميته بالزراعة المختلطة، وهناك اختلافات مميزة بين الزراعة في غرب أوروبا وفي شرقها ففي الأولى تعمل المراكز العمرانية الضخمة كأسواق تتجه إليها الحاصلات الزراعية والفاكهة والخضر ومنتجات الألبان والدواجن، وفي نفس الوقت تكون لديها الرغبة لتحقيق درجة من الاكتفاء الذاتي مما يشجع على إنتاج الحبوب لاستهلاك الحيوان والإنسان ويؤدي ذلك إلى استخدام أحدث الأساليب في الإنتاج الزراعي.
شكل "163" توزيع البيئة المعتدلة في العالم
وتتميز الزراعة الأوروبية بالعلاقة القوية بين كثافة السكان واستغلال الأرض، وكذلك ارتفاع إنتاجيتها بدرجة ملحوظة، فإنتاج الفدان أعلى من مثيله في شرق القارة وقد يعزى هذا الانخفاض إلى أسباب مناخية أو تكنولوجية ترتبط باستخدام البذور والأسمدة والدورات الزراعية مما يؤدي إلى ارتفاع إنتاجية العامل الزراعي.
ويتجه السكان إلى زراعة المحاصيل الملائمة للظروف الطبيعية والاقتصادية مثلا ملائمة المناخ والقرب من الأسواق أو لسياسة قومية، والقمح هو أوضح الأمثلة على ذلك حيث تزرعه كل الأقطار الأوروبية تقريبا وبطبيعة الحال فإن المناخ هو المحدد الرئيسي لزراعته في شمال القارة حتى إن مساحته في دول الشمال تحتل من 9 - 32% من جملة مساحة المحاصيل بينما تسود زراعة محاصيل أخرى مثل البطاطس والذرة.
الزراعة في القارات الأخرى:
تساعد ظروف المناخ في العروض المعتدلة في القارات الأخرى على ممارسة الزراعة في المناطق التي استقر بها الأوروبيون فإن اقتصادها يشبه الاقتصاد في الدولة الأم حيث تشابه المحاصيل بالرغم من اختلاف النسب المخصصة لزراعتها من ناحية وإنتاجية الفدان من ناحية أخرى، ففي الولايات المتحدة تنتشر زراعة القمح في المناطق الملائمة جغرافيا واقتصاديا وكذلك الذرة، وتنتج الحبوب لغذاء السكان والحيوان.
وفي أمريكا الجنوبية تناسب الظروف المناخية قيام حرفة الزراعة ملاءمة كبيرة في جنوب البرازيل وفي الأرجنتين وفيها يصل فصل النمو إلى أكثر من 300 يوم وأبرز مناطقها إقليم البمبا في الأرجنتين، وكذلك في مناطق السهول في أرجواي وباراجواي، والاقتصاد الأرجنتيني زراعي بصفة رئيسية حيث تمثل الحبوب وباقي المحاصيل 58% من جملة الإنتاج الزراعي والمنتجات الحيوانية نحو 42%. وأهم المحاصيل المزروعة القمح والذرة والشعير والبطاطس وتتركز في منطقة البمبا التي تستأثر بنحو 85% من الصادرات التي بلغت مساحة الأراضي المنتجة بها 137.6 مليون فدان منها 34.4 مليون فدان زرعت بالمحاصيل منها "14.7 مليون بالقمح"، 30.4 زرعت بعلف الألفالفا أو مراعٍ أخرى، أما الباقي وهو 72.8 مليون فقد استغلت كمراعٍ طبيعية.
شكل "164" النطاقات الزراعية في أمريكا الشمالية
وتسود الزراعة بالولايات الأربع الجنوبية بالبرازيل والتي تتبع مناخ العروض الرطبة الوسطى بالإضافة إلى بعض المحاصيل شبه المدارية مثل البن والفاكهة والقطن والأرز والطباق، ولا تختلف الزراعة في أرجواي وباراجواي عن باقي المناطق، وإن كانتا تتميزان بنمط الاستغلال، فأقل من 4% من أراضي باراجواي يستغل في الزراعة أو الرعي بينما ركزت أرجواي على تربية الحيوانات حيث تستخدم 10% فقط من جملة مساحتها للمحاصيل وثلاثة أرباع الباقي للمراعي.
وتتمثل ظروف الأقاليم المعتدلة في مساحة صغيرة بجنوب أفريقيا وكذلك في أستراليا تتمثل في جنوبها الشرقي وفي الطرف الجنوبي الغربي وتشمل أيضا نيوزيلندا وتسمانيا.
كما تتمثل في مساحات كبيرة في الاتحاد السوفيتي والصين، ويختلف النظام الزراعي فيها عن باقي المناطق وذلك للنظام الشيوعي السائد، وقد اتجه الاتحاد السوفيتي نحو ملكية الزراعة بخطى سريعة بينما الصين مازالت تعتمد على القوة البشرية في الزراعة بها.
ويمكن اتخاذ نطاق التشرنوزم في الاتحاد السوفيتي كمثال لذلك حيث تبلغ مساحته نحو 95000 ميل مربع ويمتد حوالي 400 ميل من الشرق للغرب، 240 ميلا من الشمال للجنوب وتتركز بها زراعة الحبوب التي تشغل 70% من مساحتها، والباقي للبنجر والبطاطس والخضر ولا تشغل المراعي سوى من 10 - 12% من المساحة. وتبدأ درجات الحرارة في الانخفاض نحو الشمال والغرب من هذا الإقليم، وتهبط نسبة الأراضي المخصصة للمحاصيل ويحل الشوفان محل القمح، وتشغل البطاطس مساحة كبيرة وتبدأ تربية الحيوانات في الأهمية خاصة حول المدن الصناعية مثل ليننجراد وموسكو، أما جنوب هذا الإقليم فيسوده الدفء وتصبح الحبوب أكثر أهمية وتبدأ بعض المحاصيل الهامة في الظهور مثل القطن وكذلك بنجر السكر. وتعتبر الزراعة السوفيتية أوروبية شرقية وتتركز على مزارع الدولة "الشوفخوز" Sovkhoz والمزارع الجماعية "الكلخوز" Kolkhoz والأولى عبارة عن مزارع واسعة يبلغ متوسط مساحتها نحو 22500 فدان ويديرها مدير وعمال يتقاضون أجرا، وتتخصص كل منها في زراعة المحصول المناسب للظروف البيئية المناسبة السائدة مثل الحبوب أو منتجات الألبان أو الأغنام أو الخيول أو غيرها، وتمارس فيها الميكانيكية العالية التي تجعلها نموذجا للمزارع الأخرى.
أما الكولخوز فهي أصغر مساحة تبلغ في المتوسط 6800 فدان وتزرعها أسر يبلغ عددها من 350 - 400 أسرة على أساس تعاوني ولكل مزارع منزل وربما قطعة أرض يسمح له بزراعة بعض الخضر الاستهلاكية وربما يسمح له ببيع الفائض منه، والكولخوز أقل ميكانيكية من الشوفخوز ولا يسمح للسكان بامتلاك الآلات والتي تمدهم بها محطات الجرارات المركزية التي أنشئت لها الغرض ومنذ سنة 1958 أصبحت الآلات تباع للمزارع الجماعية وأبطل نظام المحطات المركزية. بيد أن هناك نوعا من الملكية الزراعية تتمثل في 5% من الأراضي وفيها تمارس الزراعة وهي تسهم بنسبة كبيرة في إنتاج بعض المحاصيل مثل الخضر والألبان والدواجن وهي جماعية في الغالب ويسمح لأصحابها ببيع المنتجات.
أما في الصين فإن سكانها يلقون بعبء ضخم على أرضها الزراعية وقد أدى ذلك إلى تفتت الملكية قبل النظام الشيوعي بها بلغ من فدانين إلى ثلاثة للأسرة الواحدة وتسود الزراعة حاليا في كميونات صينية وهي عبارة عن مجمعات زراعية كذلك.
ويمكن ببساطة تقسيم شرق الصين إلى شمالي وجنوبي فالشمالي ذو مطر صيفي بصفة رئيسية وفصل نمو قصير وشتاء بارد أما في الجنوب فإن الحرارة تزداد ويطول فصل النمو ليغطي السنة بأكملها والأمطار على مدار السنة وتزداد في الصيف كما تتوفر به التربة الخصبة.
الزراعة في البيئة الباردة
الزراعة في التندرا
...
رابعا- الزراعة في البيئة الباردة:
أ- الزراعة في التندرا:
لعبت الزراعة في الماضي دورا ضئيلا في اقتصاد المناطق الشمالية ولعل مرجع ذلك فصل النمو القصير والصيف البارد والتربة الفقيرة والسطح المتأثر بعوامل التعرية الجليدية إلى حد كبير ويعد المناخ والتربة من أهم العناصر التي تؤثر في الزراعة في هذه الأقاليم فيبلغ طول فصل النمو في المناطق القطبية مدة تتراوح بين 60 - 90 يوما وفي كثير من مناطقها لا يرتفع متوسط درجة الحرارة في أي شهر على 42 درجة ف الذي يعد الحد الأدنى لنمو النباتات "صفر النمو" وهناك مناطق لا تنمو بها النباتات على الإطلاق فيما عدا مساحات ضئيلة للغاية تساعد ظروفها المحلية على حمايتها من الظروف المناخية القاسية.
وفي المناطق التي تكون البيئة القطبية وشبه القطبية يمكن استبعاد نطاق الغطاءات الجليدية من الزراعة وكذلك التندرا فيما عدا المناطق الجنوبية منها التي تصل حرارة الصيف القصيرة بها إلى حوالي 50 درجة أما في المناطق الانتقالية فيما بين التندرا والغابات الصنوبرية "التاييجا" فإن هناك بعض المناطق التي تمارس فيها الزراعة كما هي الحال في منطقة أكلافيك Aklavik في دلتا نهر الماكنزي في شمال كندا حيث أنشئت بعض الحدائق التي تنتج الآن بعض المحاصيل الملائمة لهذه الظروف مثل الكرنب والجزر وربما تكون هذه الحدائق وحدائق منطقة أوماناك Umanak 71 شمالا في ساحل جرينلند الغربي أقصى حدائق في العالم نحو الشمال وتشبهها في ذلك حدائق تكس Tiksi قرب دلتا نهر لينا 71.53 ش حيث يزرع بها الخضار وبلغت مساحتها في سنة 1954: 6.5 هكتار "الهكتار = 2.47 فدان" وتربى بها بعض أنواع الأبقار والخنازير كذلك أقام السوفييت المحطات الزراعية القطبية الأخرى في بيوت زجاجية تدفأ صناعيا كما أقام سكان أيسلند بعض البيوت الحضراء التي دفئت باستخدام مياه الينابيع الحارة والتي يغذي إنتاجها السوق المحلية في مدينة ريكجافيك وإزاء كل هذه الظروف الصعبة فمن المشكوك فيه أن يصبح إقليم التندرا منطقة إنتاج زراعي على نطاق كبير من المستقبل.
2- الزراعة في التايجا:
تختلف الزراعة في التايجا عنها في التندرا؛ ذلك لاختلاف الظروف بينهما اختلافا كبيرا فالتربات في التايجا أحسن بالرغم من أنها ليست جيدة تماما فمعظمها رقيق وقليل القيمة الزراعية وحرارة الصيف في هذا النطاق أعلى من التندرا، ففي وادي ماكنزي ترتفع الحرارة بثبات كلما اتجهنا نحو الجنوب والصيف قصير وبارد ولكنه مناسب لزراعة بعض المحاصيل وتتركز الزراعة الحالية في التربات الجيدة وتختلف المناطق شبه القطبية تماما في الاستغلال الزراعي بها كما يبدو من الآتي:
الاسكا:
تتراوح المساحة الصالحة للزراعة والرعى بها حوالى 7 مليون فدان منها مليونان و 870 ألف فدان قابلة للزراعة وقد استصلح منها 12.000 فدان فقط وأنتجت بالفعل في سنة 1959 وأهم مناطق الزراعة فيها توجد في وادي ماتانوسكا Matanuska 61.20 درجة شمالا قرب فيربانكس حيث تزرع البطاطس والشعير والشيلم والشوفان والقمح الربيعي كذلك تزرع معظم الأرض بالأعلاف الخضراء ومنها البرسيم حجازي.
كندا:
تتبع نفس النمط في ألاسكا وتتشابه بالتالي المحاصيل المزروعة وتوجد لكل محلة عمرانية على نهر ماكنزي مزرعتها الخاصة بها وذلك لتموينها بالأغذية وتصدير ما يفيض إلى المحلات القريبة وكانت المزارع في فترة الاندفاع نحو الذهب أوسع مما هي عليه الآن وربما يؤدي التوسع التعديني في هذه المناطق إلى توسع زراعي من جديد.
وقد تركزت الزراعة في وادي نهر ماكنزي وحول بعض بحيراته وروافده مثل وادي نهر بيس Peace الذي ينتج الحبوب كذلك شهدت هذه المنطقة الرعي والزراعة المختلطة كما هي الحال في شمال انتاريو وكوبيك على امتداد خط السكك الحديدية من وينج إلى كوبيك في النطاق المعروف بالنطاق الصلصالي. ولم تنجح الزراعة هنا تماما ولذلك فإن الزراع يعملون جزئيا بها ويقضون باقي نشاطهم في قطع الأشجار أو التعدين في نفس الإقليم.
الفصل الثاني: صيد الأسماك
مدخل
...
الفَصلُ الثَّاني: صَيد الأسمَاك
تعد حرفة صيد الأسماك من الحرف الواسعة الانتشار في العالم حيث يمارسها السكان في كل المناطق الساحلية تقريبا وفي البحيرات الصغيرة والكبيرة وفي الأنهار والنهيرات وحتى في القنوات والبرك، وتزخر مياه المسطحات المائية بأنواع شتى من الأسماك ولكن يمكن أن نقسمها إلى قسمين كبيرين هما أسماك المياه العذبة Fresh Water وأسماك المياه المالحة "البحار والمحيطات" Salt Water كذلك فإن مصايد الأسماك نفسها Fisheries تنقسم إلى المصايد الداخلية "المياه العذبة" والمصايد الساحلية والشطوط Banks ومصايد أعالي البحار. أو البحار المفتوحة Open Sea كذلك فإنه اعتمادا على ما إذا كانت الأسماك تستهلك محليا أو تباع فإنها يمكن اعتبارها مصايد معاشية Subsistence Fisheries أو مصايد تجارية.
وليس هناك فواصل واضحة بين المصايد المعاشية والتجارية في كثير من مناطق الصيد أو بين مصايد المياه العذبة والمياه المالحة، ومع ذلك فإن الصيد التجاري للأسماك يختلف اختلافا كبيرا حسب الأساليب المستخدمة والطرق وكذلك في أنواع الأسماك التي يتم صيدها، ومن ثم فإن تقسيم المصايد التجارية إلى مصايد المياه العذبة والمصايد الساحلية ومصايد الشطوط أو البحار المفتوحة يبدو ملائما.
مصايد الأسماك في المياه العذبة
مدخل
...
أولا: مصايد الأسماك في المياه العذبة:
تتركز معظم مصايد الأسماك العذبة في البحيرات والأنهار بروافدها وفروعها التي توجد في مناطق التركز السكاني أو بالقرب منها "قارن بين خريطة توزيع السكان وتوزيع المصايد" ويمكن القول بأن مناطقها الرئيسية توجد في جنوب شرق آسيا، وفي الاتحاد السوفيتي وفي وسط أفريقيا وأمريكا الشمالية.
1- مصايد المياه العذبة في جنوب شرقي آسيا:
تعد مصايد الأسماك التجارية والمعاشية التي توجد في جنوب شرق آسيا من أكثر مصايد المياه العذبة أهمية في العالم، وتتراوح نسبة كميات أسماك المياه العذبة من جملة الأسماك التي يتم صيدها من 20 - 30% في الملايو والهند وتايلاند ومن 38 - 46% في تايوان والصين وإندونيسيا والفلبين وحوالي 7% من الباكستان، أما في اليابان ذات الماضي العريق في الصيد البحري والساحلي فإن إنتاجها من أسماك المياه العذبة بها قليل الأهمية للغاية بالنسبة لإنتاجها البحري بالرغم من أن اليابان تنتج أسماك المياه العذبة بواسطة تربيتها في البرك والخزانات المائية الكبيرة والبحيرات والمجاري المائية وفي حقول الأرز والشعير، وذلك جعلها أكثر دول جنوب شرق آسيا -باستثناء الصين- إنتاجا لأسماك المياه العذبة، بل إن إنتاجها منها يتفوق على الولايات المتحدة الأمريكية.
وترجع أهمية مصايد أسماك المياه العذبة في جنوب شرق آسيا إلى عدد من العوامل، ففي هذه المناطق كثيفة السكان ذات الثروة الحيوانية القليلة نسبيًّا من الماشية والأغنام تزداد الحاجة إلى الأسماك التي يسود صيدها المعاشي والتجاري على نطاق واسع في البحيرات والبرك والقنوات والأنهار وحقول الأرز التي يغمرها الفيضان، وتخزن المياه بانتظام وتربى الأسماك حيث تخصب المياه حتى تساعد على تغذية الأسماك وسرعة نموها وصيدها على فترات منتظمة.
ويقدر أن مناطق صيد الأسماك من المياه العذبة في الصين تزيد مساحتها على 186.000 ميل مربع من الأنهار والبحيرات والقنوات كما تزيد مساحة المزارع السمكية "Pesciculture" على 420.000 فدان يعمل بها حوالي 15 مليون نسمة.
ولا يقتصر دور الأسماك على سد الاحتياجات الغذائية لهذه المناطق المزدحمة السكان فقط، ولكنها تضيف البروتين أيضا إلى غذائهم الغني جدا بالنشا، وتستهلك أسماك المياه العذبة بالقرب من المصايد وعلى مسافة لا تربو على عدة أميال منها. وفي دول جنوب شرق آسيا يسوق من الأسماك التي يتم صيدها نسبة كبيرة تتراوح بين 70 - 90% من جملة الإنتاج.
2- مصايد المياه العذبة في الاتحاد السوفيتي:
تأتي مصايد الأسماك في المياه العذبة بالاتحاد السوفيتي بعد مصايد جنوب شرق آسيا في الأهمية ويقدر إنتاج الأسماك من المياه العذبة في الاتحاد السوفيتي بنحو 25% من جملة إنتاج الأسماك به، وتوجد معظم هذه المصايد في البحيرات العديدة، والأنهار التي تنتشر في أنحاء الاتحاد السوفيتي ولكن أهمها يتركز في جنوب روسيا الأوروبية وشمال غرب روسيا.
وتتوزع مصايد جنوب روسيا الأوروبية في أنهار الدنيستر Dniester وبج Bug ودنيبر Dnieper والدونتز Donets والدن Don والفولجا Volga والأورال Ural، ودلتاواتها والبحيرات التي توجد بهذه الدلتاوات.
وتنقسم الأسماك التي يتم صيدها إلى نوعين أحدهما تلك الأسماك التي تعيش معظم حياتها في المياه المالحة ثم تنتقل منها إلى الأنهار خلال الربيع والصيف لكي تضع بيضها وتتغذى على ما تحتويه المياه العذبة والنوع الآخر هو الذي يعيش بصفة دائمة في المياه العذبة، وأهم أسماك النوع الأول المتعددة السمك السترجون Sturgeon الذي يؤخذ منه الكافيار "نوع من بطارخ السمك" والسلمون Salmon وغيرها ويتم صيد معظم الأسماك في الأجزاء الدنيا من الأنهار وفي فروع الدلتاوات الكبيرة وفي المياه الداخلية الضحلة للبحيرات، ويتميز الصيد في هذه المناطق بأنه صيد تجاري.
وترجع أهمية مصايد المياه العذبة في الاتحاد السوفيتي إلى عدة أسباب رئيسية، فإلى الغرب والشمال توجد نظم نهرية ضخمة تصرف مياه مناطق شاسعة ذات تربات غنية بالمواد العضوية Humus تتجمع بها كميات ضخمة من المواد النتروجينية من الأراضي الزراعية، وليست هناك فرصة في مياه الأنهار الجارية سواء من حيث الوقت أو الشروط الأخرى لتكون البلانكتون Plankton الغني1. ولذا تتوفر كميات ضخمة من غذاء الأسماك في الأجزاء الدنيا من الأنهار خاصة في فروع دلتاواتها ومياه البحر الضحلة القريبة، وفي هذه المناطق لا توجد تيارات بحرية أو حركة مد قوية تؤدي إلى بعثرة وتوزيع البلانكتون على مساحة واسعة كما يحدث غالبا على امتداد سواحل البحار المفتوحة، فبالقرب من الدلتاوات توجد مناطق ضحلة يتميز قاعها بأنه طيني ناعم وبالمياه الدافئة ومن ثم يكون بيئة مثالية غنية بالبلانكتون -غذاء الأسماك، وفي كثير من المدن الصغيرة والقرى الواقعة في دلتاوات الأنهار الروسية يعمل أكثر من نصف السكان في صيد الاسماك وإعدادها للتسويق، وما يتطلبه ذلك من تنظيف أو تمليح أو تجفيف أو تجميد أو تعبئة، ثم يشحن بعد ذلك بواسطة السفن النهرية أو بواسطة السكك الحديدية والشاحنات نحو مراكز الاستهلاك الداخلية.
3- مصايد الأسماك من المياه العذبة في أفريقيا:
تأتي أفريقيا في الترتيب الثالث بعد جنوب شرق آسيا والاتحاد السوفيتي في إنتاج الأسماك من مصايد المياه العذبة، ومن السهل أن ندرك السبب الذي من أجله يقل صيد الأسماك للغاية من المسطحات والمجاري المائية في صحاري شمال القارة وجنوبها الغربي، ومع ذلك فإن مصر تعد منتجا هاما لأسماك المياه العذبة في شمال شرق القارة حيث يبلغ جملة إنتاج الأسماك من المياه العذبة بها 60% من جملة إنتاجها السمكي.
أما في وسط أفريقيا فإن الأمر مختلف؛ ذلك لأن كل أقطار هذا النطاق من القارة يوجد بها مصايد أسماك مياه عذبة ذات أهمية محلية كبيرة، وفي هذه الدول حتى التي تجاور منها المحيط الأطلسي أو الهندي فإن إنتاج أسماك المياه العذبة يفوق إنتاج المياه المالحة، ويرجع ذلك لعدة أسباب أبرزها أن ملايين السكان تمارس حرفة الصيد في المياه العذبة الداخلية كحرفة معاشية لسد الحاجة، وذلك بالإضافة إلى الظروف الطبيعية الملائمة التي تتمثل في تزايد كمية الأمطار الساقطة سنويا والتي تؤدي بدورها إلى وفر المياه في الأنهار والبحيرات وبالتالي وجود كميات متنوعة كبيرة من الأسماك، كذلك فإن المناطق المدارية المطيرة لا تساعد ظروفها الطبيعية على تربية الحيوان بسبب انتشار ذبابة تسي تسي ولذا تكون الأسماك على قدر كبير من الأهمية في تعويض البروتين الحيواني في الغذاء الذي يزيد به نسبة النشا في هذه الأقاليم وتستهلك كمية الأسماك التي يتم صيدها محليا وذلك للنقص في وسائل التبريد Refrigeration وإمكانات النقل.
4- المصايد الداخلية في أمريكا الشمالية:
لا تسهم المصايد الداخلية في أمريكا الشمالية إلا بنسبة قليلة تصل إلى 4% فقط من إنتاج مصايد المياه العذبة في العالم، وبالرغم من أن هذه المصايد تتمثل في كثير من الأنهار والبحيرات إلا أن نهر المسيسبي وروافده والبحيرات العظمى تعد المصدر الرئيسي لأسماك المياه العذبة.
ويتم صيد معظم الأسماك بالقرب من شواطئ البحيرات قرب المواني البحرية ومدن الصيد الصغيرة، أو قرب الأسواق الحضرية الكبرى، ويتوقف الصيد خلال أواخر الخريف والشتاء بسبب العواصف والطقس غير الملائم وتكون الثلوج.
وبالرغم من أن نهر المسيسبي وروافده يعدان مصدرا لصيد الأسماك الذي يمارسه السكان منذ حوالي مائة عام أو أكثر، إلا أنه ما زال يمثل منطقة صيد هامة حيث يمارس الصيد فيه من مصبه حتى أجزائه العليا. ويتساوى الإنتاج السمكي منه بين أجزائه الواقعة جنوب مصب نهر الأوهايو Ohio والواقعة في الشمال منه.
وقد ساعد على تقدم الصيد الداخلي في أمريكا الشمالية موقع المصايد وقرب مناطق التركز السكاني وتوفر وسائل النقل الجيدة وتوفر طرق التبريد الحديثة وقرب مناطق ال