مدخل
...
البَاب السَّادِس: الغِلَاف الحيَوي
مقدمة:
سبق أن عرفنا أن الأرض تتكون من خمسة أغلفة تحيط بها. والغلاف الحيوي أحد هذه الأغلفة، وهو مدى التفاعل بين الغلاف الصخري من ناحية والغلاف الجوي من ناحية أخرى، فهو يهتم بالظاهرات الحية لسطح الأرض مثل النبات والحيوان والإنسان. وستقتصر دراستنا هنا على النبات والحيوان وذلك من حيث توزيع كل منهما وعلاقة ذلك بالتضاريس والمناخ.
الفصل الأول: النباتات الطبيعية وتوزيعها على سطح الأرض
مدخل
...
الفَصلُ الأول: النَّبَاتات الطَّبيعيَّة وتَوزيعهَا على سَطح الأرض
يقصد بالنبات الطبيعي ما ينمو منه على سطح الأرض من تلقاء نفسه كالغابات والحشائش والأعشاب. ويلاحظ أن الأقاليم النباتية يتداخل بعضها في بعض، ولا يوجد فاصل بين إقليم وآخر.
العوامل التي تؤثر في توزيع النباتات
مدخل
...
العوامل التي تؤثر في توزيع النباتات:
يتوقف توزيع النباتات الطبيعية على سطح الأرض على عدة عوامل تؤثر في حياتها أهمها المناخ، التربة، التضاريس.
العامل المناخي يشمل ما يأتي:
1- الحرارة:
لكل نبات درجة حرارة ينمو فيها، وعلى ذلك فإن النباتات تتوزع في الأقاليم المختلفة تبعاً لدرجة الحرارة في هذه الأقاليم.
2- الضوء:
وهو ضروري جدا لنمو النباتات، ويظهر أثر الضوء في العروض العليا عندما يطول النهار في الصيف ويبقى ضوء الشمس ظاهرا مدة طويلة. وقلة الضوء تقلل من نمو الجذوع والأوراق، كما تحول دون نمو الزهور الكبيرة.
3- الماء:
وهو ضروري أيضا لنمو النبات وتغذيته سواء كان ينزل على شكل أمطار أو يوجد في الهواء على شكل بخار. فإذا كثرت الأمطار طول السنة
فإن التربة تختزن الماء، ومنه يتغذى النبات، فتنمو الغابات، أما إذا قل الماء في التربة فلا تنمو غير الأعشاب، وتسود الصحاري في الجهات النادرة المطر.
التربة:
من العوامل المهمة في حياة النبات حيث يتغذى من العناصر التي تتكون منها، وهي بذلك تؤثر في توزيع النبات تأثيرا كبيرا بحسب خصائصها والمعادن المكونة لها وتساعد سهولة اختراق الماء والهواء للتربة دون شك على نمو النبات.
التضاريس:
ويظهر أثرها في النبات في الجهات الجبلية حيث تتغير النباتات على جوانب الجبال بسبب تغير المناخ. كما أن النباتات تختلف على جوانب الوديان باختلاف درجة تعرضها لأشعة الشمس، فالجوانب التي تتعرض لأشعة الشمس وللمطر تكون مغطاة بالحشائش والغابات أكثر من الجوانب التي لا تتعرض لتلك الأشعة والأمطار.
وقد قسم الجغرافيون الغطاء النباتي على سطح الأرض إلى أقسام مختلفة تعرف بالمجموعات النباتية أو الأقاليم النباتية. وتمتاز كل مجموعة منها بمميزات خاصة بها وهي:
1- الغابات:
وتوجد في الأقاليم الاستوائية والمدارية، والأقاليم المعتدلة الدفيئة والمعتدلة الباردة.
2- الحشائش:
وتوجد في الأقاليم المدارية "السافانا" والأقاليم المعتدلة "الإستبس".
3- الصحاري:
وتتمثل في الجهات المدارية والمعتدلة.
4- التندرا:
وتوجد في العروض العليا حيث تتميز بصفات خاصة.
5- نباتات الجبال:
حيث المناطق الشاهقة الارتفاع والتي تتغطى بأنواع شتى من النبات.
الغابات
مدخل
...
أولا: الغابات:
لو نظرت إلى الخريطة شكل "138" لرأيت أن الغابات تنتشر على مساحات كبيرة في العالم وفي أقاليم مناخية مختلفة، وتسمى الغابات تبعا للإقليم الذي توجد فيه ومن ثم يمكن تمييز الأنواع الآتية:
1- الغابات الاستوائية:
التوزيع الجغرافي:
توجد حول خط الاستواء وتتمثل في حوض الأمزون بأمريكا الجنوبية، وفي حوض زائير بأفريقية، وجهات أخرى متفرقة من العالم، من بينها جزر إندونيسيا "انظر الخريطة شكل رقم 138".
المميزات المناخية:
يمتاز إقليم الغابات الاستوائية بدرجة حرارته المرتفعة وأمطاره الغزيرة طول العام. ولذلك لا تتوقف حركة نمو النبات به.
المميزات النباتية:
يتميز إقليم الغابات الاستوائية بشدة كثافة الأشجار والذي يصعد في طائرة وينظر إليه من الجو لا يرى إلا كتلة كثيفة من الخضرة تخفي ما في باطنها من معالم، فإذا هبط إلى الأرض وأراد التوغل في الغابة، رأى أن أشجارها متراصة كبيرة الحجم عظيمة الارتفاع، تتوج رءوسها الأغصان والأوراق العريضة، فتكون بمثابة غطاء يمنع ضوء الشمس عن أرض الغابة، كما أن بداخل الغابة هدوء وظلام وروائح كريهة تنبعث من الأوحال والأوراق الساقطة على الأرض.
شكل "138": توزيع الغابات الاستوائية والمدارية
الأهمية الاقتصادية:
يوجد بالغابات الاستوائية كثير من الأشجار النافعة إما لأخشابها أو لثمارها، أو لما يستخرج منها من مواد أولية، والأخشاب هنا من النوع الصلب. ومن أشهرها الماهوجني، ومن الأشجار المهمة أيضا المطاط والموز والكاكاو واللبان.
أثر الإنسان:
نظرا لشدة الظلام في الغابة، وارتفاع درجة الحرارة والرطوبة، وتعذر المواصلات، وكثرة الحيوانات القاتلة والحشرات، فإن الحياة في الغابة شاقة للغاية، ولذا فإن أثر الإنسان فيها ضئيل، ويعيش في الغابة قوم متنقلون قليلو العدد يعيشون على صيد الحيوانات والسمك والثمار. ومع ذلك فتلك الجهات كانت تقوم باستغلالها الدول الصناعية والأوروبية التي أنشأت في الجهات الساحلية منها مزارع واسعة يقوم بالعمل فيها العمال الوطنيون تحت إشرافهم، فزرعوا أشجار المطاط والمانجو والكاكاو والموز، كما زرعوا قصب السكر والأرز والطباق والتوابل وغيرها.
الغابات المدارية:
التوزيع الجغرافي:
توجد في الهند والهند الصينية، وشمال استراليا، وسواحل جزيرة مدغشقر والساحل الشرقي لأفريقيا. وأيضا في أمريكا الوسطي وجزر الهند الغربية، وفي أمريكا الجنوبية حول الغابات الاستوائية.
المميزات المناخية:
يطلق على هذه الغابات أحيانا اسم الغابات الموسمية نظرا لأنها تنمو في الجهات التي يمتاز أحد الفصول فيها بالجفاف وخاصة في فصل الشتاء، بينما يسقط المطر في الفصول الأخرى من السنة.
المميزات النباتية:
وتختلف هذه الغابات عن الغابات الاستوائية في أنها أقل منها كثافة، وأشجارها أصغر حجما، وتنفض أورقها في فصل الشتاء، وأشهر أنواع أشجارها النخيل والكافور والخيزران والسنط.
الأهمية الاقتصادية:
تصلح أماكن هذه الغابات لحياة الإنسان أكثر من أقاليم الغابات الاستوائية إذ إنها أسهل منها في تحويلها إلى حقول زراعية، كما أن مناخها يلائم زراعة الحاصلات الزراعية.
أثر الإنسان:
يعتبر إقليم الغابات المدارية "الموسمية" أكثر أقاليم العالم ازدحاما بالسكان، ولذا فقد تحولت معظم أراضيه إلى أرض زراعية، فيها يزرع الأرز وهو أهم الحبوب التي تنمو هناك، كما يزرع القمح والشعير زراعة شتوية، وفضلا عن ذلك يزرع الذرة والقطن وقصب السكر والتوابل والبن والمطاط.
3- الغابات في الأقاليم المعتدلة الدفيئة:
يوجد نوعان من هذه الغابات أحدهما يوجد في غرب القارات ويسمى غابات البحر المتوسط، والآخر في شرق القارات ويسمى غابات الصين.
أ- غابات إقليم البحر المتوسط:
التوزيع الجغرافي:
توجد هذه الغابات في الأراضي الواقعة حول البحر المتوسط، وفي أماكن أخرى من العالم من أهمها كاليفورنيا، ووسط شيلي، وجنوب أفريقيا، وأقصى جنوب غرب استراليا "انظر الخريطة شكل رقم 139".
المميزات المناخية:
يتميز مناخ البحر المتوسط بشتائه المعتدل، وصيفه الحار الجاف وتهب عليه الرياح العكسية بأعاصيرها فتسقط الأمطار شتاء.
المميزات النباتية:
تتميز الغابات بصفات خاصة تساعدها على الاخضرار الدائم حتى في فصل الصيف الجاف. وهي تتحايل على الجفاف بطرق شتى: إما بطول الجذور كالكروم، أو بالأوراق السميكة كالتين، أو بحفظ العصارة في الثمار كالموالح، أو خزن الماء في الجذور كالنرجس. وفضلا عن ذلك تنمو أشجار الزيتون التي تتميز بأوراقها الصغيرة والفواكه الجافة كالجوز، واللوز والبندق
شكل "139": توزيع الغابات المعتدلة الدفيئة والفستق، وبعض الأشجار ذات الأخشاب الصلبة كالبلوط الفليني والسرو والحور، ونباتات عطرية كالفل والياسمين.
الأهمية الاقتصادية وأثر الإنسان:
إقليم البحر المتوسط هو مهد الديانات والحضارات القديمة، وقد عمره الإنسان واستثمره منذ القدم، فأزال معظم أشجاره الطبيعية وأحل محلها مختلف أنواع المزروعات: فزرع أشجار الفاكهة كالتين والخوخ والبرقوق، والموالح كالبرتقال والليمون. كما انتشرت زراعة الكروم والزيتون والحبوب مثل القمح والشعير التي تنمو على أمطار الشتاء. وكذلك زرع الأرز والذرة والقطن حيث تتوفر وسائل الري، وأشجار التوت لتربية دودة القز، أما النبات الطبيعي فيقتصر وجوده الآن في الجهات المنعزلة الفقيرة التربة. وهي أنواع هزيلة من الشجيرات والأعشاب.
ب- غابات الصين:
التوزيع الجغرافي:
تتمثل هذه الغابات في جنوب الصين وجنوب شرق الولايات المتحدة بأمريكا الشمالية وأجزاء أخرى من العالم، أهمها جنوب شرق البرازيل، وجنوب شرق أفريقيا، والصين، وكوريا، وجنوب شرق استراليا، "انظر الخريطة شكل رقم 139".
المميزات المناخية:
يسقط المطر على الجهات السابقة طول العام، ولكنه غزير في فصل الصيف.
المميزات النباتية:
نباتات هذه الغابات تشبه النبات الموسمي إلا أنها أقل كثافة من الغابات الموسمية. وتشتمل على بعض أنواع الأشجار التي تنمو في إقليم البحر المتوسط كأشجار البلوط الفليني والتوت. وفضلا عن ذلك تنمو به أنواع لا وجود لها في الإقليم السابق كنبات الخيزران والماجنوليا.
الأهمية الاقتصادية:
لأشجار هذه الغابات أهمية اقتصادية عظيمة كما تستغل معظم أراضيها في الزراعة نظرا لتباعد الأشجار وزيادة المسافة بينها.
أثر الإنسان:
أخذ الإنسان الصيني في قطع الكثير من أشجار غاباته، حيث يجد مكانها أراضي خصبة تصلح لزراعة بعض الغلات الهامة كالأرز والشاي والقطن، كما غرس أشجار التوت بكثرة لتربية دودة القز.
الغابات في الأقاليم المعتدلة الباردة "شكل 140":
1- الغابات النفضية:
التوزيع الجغرافي:
توجد الغابات النفضية في شمال غرب أوروبا وغرب كندا في أمريكا الشمالية، وجنوب شيلي بأمريكا الجنوبية، وفي شرق آسيا في منشوريا واليابان.
المميزات المناخية:
نظرا لأن مناخ هذه الجهات صحي يدفع الإنسان إلى النشاط بالإضافة إلى صلاحية أراضيها للرعي والزراعة، كما أن بها مناطق غنية بالمعادن. كل هذا أدى إلى تقدم المدنية الحديثة في جهات توزيع هذه الغابات.
المميزات النباتية:
تتميز هذه الغابات بأنها تسقط أوراقها في فصل الشتاء بسبب انخفاض درجة الحرارة فيه، وتمتاز أشجار هذه الغابات بأوراقها العريضة ومن أهمها البلوط والزان والقسطل والجوز.
الأهمية الاقتصادية:
لأشجار هذه الغابات أهمية اقتصادية حيث يؤخذ منها جميعا الأخشاب النافعة. ونظرا لأن مناخها صحي يدفع الإنسان إلى النشاط، بالإضافة إلى صلاحية أراضيها للرعي والزراعة، كما أن بها مناطق غنية بالمعادن، كل هذا أدى إلى نمو وتقدم المدنية الحديثة في جهات توزيع هذه الغابات.
شكل "140": توزيع الغابات المعتدلة الباردة
أثر الإنسان:
تمكن الإنسان بفضل وجود مناطق مكشوفة في الغابة نفسها من السكن داخلها، ومن قطع أشجارها بالتدريج وإعداد أرضها للزراعة، وخاصة زراعة الحبوب الغذائية، وفي أمريكا الشمالية يجري العمل على قطعها لتحل محلها المراعي والأراضي الزراعية وللتنقيب عن المعادن.
2 - الغابات المخروطية "الصنوبرية":
التوزيع الجغرافي:
تغطي هذه الغابات مساحات واسعة من آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية فيما بين خطي عرض 58 درجة، 66.5 درجة شمالا.
المميزات المناخية:
مناخ هذه الغابات دفيء في الصيف، وشديد البرودة في الشتاء.
المميزات النباتية:
تمتاز أشجار هذه الغابات بأوراقها الإبرية أو المخروطية وسيقانها المعتدلة. وهي كالغابات النفضية قليلة الأنواع ومن أهمها الصنوبر وشربين.
الأهمية الاقتصادية:
هذه الغابات موطن الحيوانات ذات الفراء كالدب والثعلب، ولذلك فإن صيد هذه الحيوانات له قيمة اقتصادية كبيرة، كما أن لأخشاب أشجارها أيضا قيمة كبيرة إذ إنها تعتبر أكبر مورد للأخشاب في العالم.
أثر الإنسان:
يقوم الإنسان بقطع الأخشاب من الأشجار، ويتم ذلك عادة في فصل الشتاء، حيث يمكن جرها على الجليد "الذي ينتشر في الجهات" إلى مجاري الأنهار، وتترك فيها حتى إذا حل الربيع وذاب الجليد، فإن تيار النهر يجرف الكتل الخشبية إلى حيث معامل النشر، فنشأ عن ذلك صناعة الأخشاب والأثاث والورق وأعواد الثقاب "الكبريت". ولقد زرع أيضا بالأماكن التي قطعت الأشجار منها بعض الحاصلات الزراعية التي تتحمل البرد، كالبنجر والكتان والشوفان والشيلم، وهي تنمو بسرعة عظيمة في فصل الخريف.
ثانيا: الحشائش:
1- الحشائش في الأقاليم المدارية:
التوزيع الجغرافي:
توجد هذه الحشائش بين مناطق غابات الجهات الاستوائية والمدارية من ناحية، والصحاري المدارية الحارة من ناحية أخرى. وأكبر مساحة لها توجد في وسط أفريقيا والسودان حيث تسمى سافانا، وفي أمريكا الجنوبية حيث تسمى لانوس في مرتفعات جيانا، وكامبوس في مرتفعات البرازيل، كما أنها توجد في القسم الشمالي من استراليا "انظر الخريطة شكل رقم 141".
المميزات المناخية:
درجة الحرارة مرتفعة بها في فصل الصيف الذي يسقط به المطر، ومنخفضة نوعا في فصل الشتاء الذي يمتاز أيضا بالجفاف.
المميزات النباتية:
نظرا لأن كمية الأمطار لا تكفي الأشجار، فإن النبات الذي يغلب وجوده هو الأعشاب الطويلة، وهناك نوع خاص من الأشجار ينمو وسط الحشائش يعرف بأشجار الباوباب.
الأهمية الاقتصادية:
تعتبر السافانا مناطق رعي ممتازة، ولذلك فإن أغلب السكان هنا رعاة للماشية. وهم يقومون بتصدير منتجاتها من ألبان وجلود ولحوم.
أثر الإنسان:
زرع الإنسان في مناطق الحشائش الحارة كثيرا من الغلات الزراعية الهامة؛ نظرًا لجودة تربة هذه المناطق، وأدخل فيها كثيرا من وسائل الرى. فتقدمت الزراعة في بعض جهاتها. ومن أهم الغلات الزراعية هنا القطن والذرة والحبوب الزيتية والفول السوداني.
شكل "141": توزيع الحشائش في العالم.
2- الحشائش في الأقاليم المعتدلة الدفيئة:
التوزيع الجغرافي:
توجد هذه الحشائش بصفة خاصة حول نهر لابلاتا بأمريكا الجنوبية وتسمى بمباس، وفي وسط الهضبة الجنوبية بأفريقيا وتسمى فلد، وفي حوض نهري مري ودارلنج باستراليا. "انظر الخريطة شكل رقم "141".
المميزات المناخية:
إذا سقطت الأمطار في الجهات المعتدلة الدفيئة، وتميز شتاؤها بجفافه النسبي، فإن الحشائش تكسو أرضها صيفا، وإذا تميز الشتاء بالمطر والصيف بالجفاف النسبي، فإن الحشائش تغطي أرضها شتاء.
المميزات النباتية:
تتميز هذه الحشائش بخشونتها، وبأطرافها الحادة، كي تتلاءم مع ظروف المناخ السابق ذكرها.
الأهمية الاقتصادية:
تعتبر مناطق الحشائش المعتدلة في الوقت الحاضر أعظم مناطق إنتاج اللحوم في العالم، كما أنها أعظم مناطق إنتاج القمح وبعض الحبوب الغذائية الأخرى.
أثر الإنسان:
حول الإنسان بعض أراضي هذه الحشائش إلى أراضٍ زراعية تزرع فيها الحبوب كالقمح والشعير والذرة.
3- الحشائش في الأقاليم المعتدلة الباردة:
التوزيع الجغرافي:
توجد الحشائش في هذه الأقاليم وخاصة في وسط آسيا وجنوب شرق أوروبا، ويطلق عليها اسم الإستبس، وتوجد أيضا في وسط أمريكا الشمالية حيث تسمى البراري، ولا توجد هذه الحشائش في القارات الجنوبية.
المميزات المناخية:
نظرا لبعد مناطق هذه الحشائش عن السواحل فإن مناخها يكون حارا في فصل الصيف وشديد البرودة في الشتاء.
المميزات النباتية:
الأمطار تسقط في العادة خلال مدة قصيرة في فصل الربيع كما تذوب فيه الثلوج فتكون سببا في كساء الأرض بالعشب الأخضر والأزهار الجميلة.
الأهمية الاقتصادية:
تستغل مناطق هذه الحشائش في الرعي. وخاصة رعي الخيول والأغنام والماشية، كما أن بعض مناطقها وخاصة في أمريكا الشمالية قد تحولت إلى أراض زراعية خصبة، تجود بها زراعة الحبوب كالقمح والشعير، وبذلك فإنها تعتبر مخازن للحبوب في العالم. كما قامت بعض المدن الصناعية التي تشتهر بصناعة حفظ اللحوم والألبان ودبغ الجلود وصناعة الصوف وطحن الغلال.
أثر الإنسان:
رغب الإنسان في سكنى تلك المناطق الواسعة لوفرة ما بها من عشب، ولخصوبة تربتها، وقد حول جزءا كبيرا منها إلى أراضٍ زراعية.
ثالثا: الصحاري:
التوزيع الجغرافي:
تشمل الصحاري مساحات واسعة من القارات وأهمها: الصحاري الحارة المدارية الكبرى في شمال أفريقيا، وصحراء شبه الجزيرة العربية في جنوب غرب آسيا، وصحارى غرب استراليا، وصحراء أريزونا والمكسيك في أمريكا الشمالية، وصحراء أتكاما في أمريكا الجنوبية. ثم الصحاري المعتدلة الباردة في وسط آسيا شكل "142".
المميزات المناخية والنباتية:
هذه الصحراوات تنعدم فيها الحياة النباتية تقريبا بسبب قلة الأمطار وطول فصل الجفاف، وإذا وجدت النباتات فإنها من الأنواع التي تقاوم الجفاف الشديد، وتحتفظ بالماء في جوفها لكي تتمكن من الحياة بوسائل مختلفة: فبعضها جذوره طويلة كالنخيل الذي يمتص الماء من تحت التربة وبعضها يختزن الماء في أوراق ليفية سميكة، وكثير منها يغطي أوراقه بالشوك أو بطبقة شمعية تسد مسامها لتعوق تبخر الماء منها مثل نبات الصبر والصبير
شكل "142": توزيع الصحاري في العالم
الأهمية الاقتصادية:
توجد في مناطق الصحاري أرض صالحة للزراعة إذا توفرت لها مياه الري التي تتمثل في مياه الأنهار أو في المياه الباطنية، حيث تحفر لها الآبار كما هو الحال في الواحات، وهذه الأراضي تصلح لزراعة أشجار نخيل البلح والزيتون والفاكهة وزراعة الحبوب. أثر الإنسان:
يظهر أثر الإنسان في هذه الجهات على النحو الآتي:
أ- الاستغلال الرعوي:
هناك قبائل رحل يعيشون على رعي الجمال أو الخيول والأغنام والماعز، كما أن هناك فريقا آخر يقوم بالوساطة التجارية ونقل السلع بين الأقاليم التي تجاور الصحراء.
ب- الاستغلال الزراعي:
بعض القبائل في هذه الجهات يقيمون في الواحات ويشتغلون بالزراعة، وخاصة زراعة الزيتون والنخيل وتربية الأغنام، أو يقيمون على ضفاف الأنهار التي تشق الصحراء كما هو الحال في مصر، وهنا حول الإنسان الأراضي الصحراوية إلى أراضٍٍ زراعية بتنظيم وسائل الري.
ج- الاستغلال المعدني:
استغلت المناطق الصحراوية في التنقيب عن المعادن. فمثلا استخرجت النترات من صحراء شيلي، والذهب من صحراء استراليا، والبترول من صحراء شمال أفريقيا وصحراء بلاد العرب.
رابعا: الصحراء الجليدية أو التندرا:
التوزيع الجغرافي:
كلمة تندرا كلمة روسية تطلق على الصحراء الجليدية، التي تغطي أراضيها الثلوج أكثر من ثلثي السنة. وتنتشر على كل الجهات التي تقع في شمال الغابات المخروطية أو الصنوبرية "شكل 142". حيث تمتد على سواحل المحيط المتجمد الشمالي في شمال كندا وشمال اسكنديناوه، وشمال سيبيريا بآسيا. ولا توجد في نصف الكرة الجنوبي.
المميزات المناخية:
المناخ هنا بارد في الصيف، والشتاء طويل قارس البرد، ويسقط عليها قليل من الثلج.
المميزات النباتية:
تؤثر شدة البرد في النبات، كما يؤثر فيه الجفاف أيضا، ولا تنمو إلا بعض الأشجار القزمية والنباتات العشبية التي من أهم أنواعها: الطحالب وحشائش الماء المختلفة الألوان والأزهار.
الأهمية الاقتصادية:
التندرا غنية بالحياة الحيوانية على الرغم من تغطية أراضيها بالثلوج، فتعيش فيها الحيوانات ذات الفراء مثل الدببة والثعالب التي تأوي إلى الغابات الصنوبرية جنوب الإقليم، كما تستغل أيضا في رعي حيوان الرنة في شمال آسيا وأوروبا، وثور المسك والكاريبو في شمال كندا.
أثر الإنسان:
الإنسان هنا لا يجد غير القليل من حاجاته نظرا لفقر الإقليم، ولذلك فهو يقوم برعي الرنة، وصيد الحيوانات البحرية كالسمك، وسبع البحر وعجل البحر والحوت، وصيد الدب القطبي والثعلب القطبي لفرائهما في فصل الصيف، كما أن الإنسان هنا يناضل في سبيل الحياة، حيث لا يستطيع أن يزرع الأرض لتجمد التربة من شدة البرد.
خامسا: نباتات الجبال:
تتنوع النباتات التي تنمو على السفوح الجبلية تنوعا كبيرا، بسبب انخفاض درجة الحرارة بالتدريج كلما ارتفعنا. أما المطر فهو غزير على السفوح السفلى ثم يأخذ في النقصان تدريجيا، لنقص مقدار بخار الماء في الطبقات العليا، حتى نصل إلى القمم التي تكسوها الثلوج معظم أيام السنة "شكل 143". وعلى ذلك تتابع تلك المناطق النباتية في كل الجهات الجبلية، ويتوقف ذلك على الإقليم الذي توجد به الجبال، وعلى موقع الجبال، والرياح التي تجلب المطر.
فإذا تتبعنا النباتات التي تنمو على الجبال عند خط الاستواء مثل جبل كلمنجارو مثلا، فإن النباتات تتدرج على النحو التالي "شكل 144".
شكل "143": اختلاف النباتات بالنسبة لدائرة العرض والارتفاع.
في السفوح السفلى نجد الغابات الاستوائية، تتدرج إلى السافانا الغنية بالأشجار، فالغابات المعتدلة، ثم الغابات النفضية، فالغابات المخروطية. ثم نصل إلى منطقة تكثر فيها الحشائش تشبه التندرا، وتعرف نباتاتها بالنباتات الألبية، وأخيرا نصل إلى منطقة الثلج الدائم التي لا تظهر إلا على القمم المرتفعة جدا. أما في الأقاليم المعتدلة فنجد أن التدرج يكون:
أولا: نباتات تلك الأقاليم من غابات وحشائش تتبعها التندرا، ثم منطقة الثلج الدائم الذي يكون بطبيعة الحال أقل ارتفاعا من سطح البحر عنه في الجهات الحارة شكل "145".
شكل "144": قطاع يبين نباتات جبل كلمنجارو في وسط أفريقيا.
ففي الجهات الحارة يكون خط الثلج الدائم على ارتفاع 5000 متر تقريبا، ثم يهبط إلى 3000 متر تقريبا في جبال الألب في أوروبا، وإلى 1600 متر تقريبا فوق جبال النرويج. على أن ارتفاع خط الثلج الدائم لا يتوقف على درجة الحرارة فقط، ولكنه يتأثر كذلك بالأمطار على جوانب الجبال، فالجوانب الغزيرة الأمطار يكون فيها خط الثلج الدائم أكثر انخفاضا عنه في الجوانب القليلة الأمطار.
شكل "145": خط الثلج الدائم على الجبال في مختلف الأقاليم المناخية
الفصل الثاني: الحيوانات وتوزيعها على سطح الأرض
مدخل
...
الفَصلُ الثَّاني: الحَيَوانات وَتَوزيعهَا عَلى سَطح الأرض
تتأثر الحيوانات بظروف البيئة الطبيعية المحيطة بها، إلا أنها أقل تأثرا بتلك الظروف من النباتات، تبعا لقدرة الحيوانات العظيمة على الحركة والانتقال من مكان لآخر، كما أن أجسامها تحتفظ بدرجة حرارة معينة تساعدها على الحركة.
العوامل التي تؤثر في حياة الحيوانات:
1- المناخ:
لكل نوع من الحيوانات مناخ يلائم حياته، فمثلا الأفاعي لا تعيش في الأماكن الشديدة البرودة، والتماسيح لا تُرى إلا في الأقاليم المدارية ونظرا لحركة وانتقال معظم الحيوانات فإننا نجد بعضها في جهات بعيدة عن موطنها، فالنمر مثلا يوجد في منشوريا بقارة آسيا.
وتؤثر درجة الحرارة في لون وكثافة الشعر الذي يكسو جلد الحيوانات، ففي الجهات الشديدة الحرارة يكسو الحيوانات شعر قصير، وفي الجهات الشديدة البرودة يكسوها شعر كثيف من الصوف ليقيها شر البرد.
وهناك حيوانات تقاوم هذه الظروف وتتحملها كالزواحف التي يكون لها فترة بيات وخاصة في فصل الشتاء لشدة انخفاض درجة الحرارة، وبعضها يتحمل العطش الشديد مثل الجمل في الجهات الصحراوية الحارة.
2- النباتات:
تعتبر النباتات ذات أثر عظيم في حياة الحيوانات، إذ إنها تتغذى عليها بطريق مباشر كالحيوانات العشبية أو بطريق غير مباشر كالحيوانات الكاسرة "آكلة اللحوم" التي تعيش على لحوم الحيوانات العشبية. ولكل إقليم من الأقاليم النباتية حيوانات ذات صفات خاصة تميز بعضها عن البعض الآخر.
3- التضاريس:
للتضاريس أثر عظيم في حياة الحيوانات، ففي الجهات الجبلية تتنوع الحيوانات مع تنوع النبات من قاعدة الجبل إلى قمته، كما أن السلاسل الجبلية تعتبر بمثابة حدود فاصلة بين الحيوانات التي تعيش على جوانبها، فجبال الإنديز في أمريكا الجنوبية مثلا تفصل بين الأنواع التي تعيش في شرقها والأنواع التي تعيش في غربها، وكذلك جبال الهيمالايا في الهند تفصل بين حيوانات الهند وحيوانات وسط القارة الآسيوية.
4- الإنسان:
للإنسان أثر كبير في توزيع الحيوانات على سطح الأرض، فهو مثلا يعمل على زيادة بعض أنواع من الحيوانات مثل الخيول، أو يساعد على اختفاء بعض الحيوانات المتوحشة كالثيران الوحشية الأمريكية.
الأقاليم الحيوانية
حيوانات الغابات
...
الأقاليم الحيوانية: شكل "146"
أولا: حيوانات الغابات:
سبق أن عرفنا أن الغابات تغطي مساحة شاسعة من اليابس، وعلى الرغم من تنوعها تبعا للعروض التي تقع فيها، فإن الحياة الحيوانية بها زاخرة، وتتنوع كذلك بتنوعها، فبعض الحيوانات تعيش على أرض الغابة، وبعضها الآخر لا تطأ قدمه الأرض بل يعيش على أشجار الغابة.
1- حيوانات الغابات الاستوائية والمدارية:
نظرا لازدحام الغابة الاستوائية بالنبات والأشجار، ونظرا لصعوبة الحركة والانتقال، فإنه ليس هناك متسع للحيوانات الكبيرة الحجم والضخمة، كالفيلة والوحوش الكاسرة، فهذه تعيش على أطراف الغابة، أما الغابة نفسها فموطن للحيوانات التي تعيش على أعالي الأشجار كالقردة وضفادع الأشجار والطيور المختلفة الألوان التي تعيش على الفاكهة والحشرات، وبعض الأفاعي والحشرات التي تعيش في الأراضي الرطبة وفي جذوع الأشجار. وتلك التي تعيش على المياه الراكدة والمستنقعات كالبعوض وذباب تسي تسي، وكذلك التماسيح وأفراس البحر "السيد قشطة" التي تعيش في مياه الأنهار والبحيرات والبرك.
شكل "146": الأقاليم الحيوانية في العالم وتمتاز الحيوانات التي تعيش في الأشجار بأعضائها التي تساعدها على التسلق والتعلق والقفز السريع بين فروع الأشجار.
أما الغابات المدارية "الموسمية" فإنها مأوى الحيوانات التي تعيش على العشب كالفيل والخرتيت "وحيد القرن" والوحوش آكلة اللحوم كالنمور والحيوانات التي تعيش على الأشجار في الجهات الكثيفة منها هي القردة والسنجاب.
2- حيوانات الغابات الباردة:
الحيوانات التي تعيش في هذه الغابات سواء في ذلك الغابات النفضية أو الصنوبرية قليلة بصفة عامة. وتشمل بعض أنواع الطيور التي تعيش على الفاكهة، ثم القارضة مثل السنجاب وهي تعيش على الحبوب الجافة، ثم بعض القطط المتوحشة، والحيوانات العشبية مثل الأرانب والثعالب والدب والذئب والخنزير البري والغزال الضخم. وتوجد هذه الحيوانات بصفة خاصة في غابات شمال أوراسيا وأمريكا الشمالية، كما تكثر بها الحيوانات المائية القارضة مثل كلب الماء.
ثانيا: حيوانات الحشائش:
تكسو الحشائش جزءا كبيرا من سطح الأرض فهي توجد في الجهات الحارة، وكذلك في الجهات المعتدلة الدفيئة والباردة. وتختلف الحياة الحيوانية بها تبعا لاختلاف ظروف البيئة في كل منها.
1- حيوانات السافانا:
تختلف حيوانات السافانا عن حيوانات الغابات الاستوائية والمدارية، فبينما معظم حيوانات الغابات السابقة من النوع القادر على التسلق الذي يقضي حياته تقريبا على الأشجار، ويتغذى على ثمارها، نجد أن حيوانات السافانا معظمها من الأنواع الأرضية التي تتغذى على الحشائش، ومن أهمها البقر الوحشي والجاموس والحمار الوحشي والزراف والخرتيت والفيل والغزال، وبعض الحيوانات المفترسة آكلة اللحوم مثل النمر والأسد والفهد. وسهولة الحركة في إقليم السافانا تساعد الحيوانات على الحركة السريعة والهجرة للبحث عن الغذاء والماء، وخاصة في فصل انقطاع الأمطار إلى نطاق الغابات.
ويعيش في إقليم السافانا، كذلك بعض الحشرات والديدان التي تكثر في خلال فصل المطر والحرارة، وبعضها كالأنواع القارضة تعيش في مساكن تحفرها لنفسها في الأرض، وهنا تعيش أيضا بعض الطيور المتوطنة التي تتغذى على الحشرات، قد فقد بعضها القدرة على الطيران نظرا لضخامة جسمه وقصر أجنحته مثل النعامة.
2- حيوانات الإستبس:
تختلف حشائش الإستبس عن السافانا في موقعها، وفي كثرة الحشائش بها، وخلوها من الأشجار، وتتعرض الحيوانات في الإستبس للجفاف والبرد الشديد الذي يهلك النبات والحيوان، ولهذا فإن بعض الحيوانات يضطر للهجرة إلى مناطق أخرى، بينما يضطر البعض الآخر إلى الاعتكاف في مسكنه حتى فصل الدفء.
ومن أهم الحيوانات هنا الغزال والجمل ذو السنامين، وخاصة في إستبس قارة آسيا وأوروبا، وكثير من الحيوانات القارضة مثل السنجاب. وقد كان يعيش قديما في براري قارة أمريكا الشمالية الثور الوحشي.
ومن صفات حيوانات الإستبس أنها حيوانات ليلية، أي أنها لا تخرج من حفرتها إلا ليلا، أما الطيور فمن أهمها السمان الذي يهاجر في أواخر الخريف نحو المناطق الدافئة هربا من برودة فصل الشتاء، وبحثا عن الغذاء ومنها كذلك القنابر "قنبرة" وبعض الطيور الجارحة كالحدأة والنسور.
ثالثا: حيوانات الصحاري:
لما كانت نباتات الجهات الصحراوية قليلة أو معدومة، كانت الحياة الحيوانية محدودة للغاية. وهي تتركز عادة في الواحات وقرب حدود الصحراء عنها في الداخل، وأهم هذه الحيوانات الجمل ذو السنام الواحد، والغزال، ثم الكثير من الزواحف كالأفاعي والسحالي، وبعض الحيوانات القارضة الصغيرة، ومعظمها يختفي بالنهار ولا يظهر إلا في الليل، كما أن أغلبها يتميز بلونه الذي لا يختلف كثيرا عن لون رمال الصحراء، وهي ميزة تجعل من السهل عليها الاختفاء من أعدائها. كما أنها تتميز أيضا بتحملها للجفاف الشديد، والسير بسهولة في الجهات التي تغطيها الرمال، لأن لأقدامها شكلا خاصا يساعدها على ذلك.
رابعا: حيوانات الجهات القطبية "التندرا":
الجهات القطبية ليست فقيرة في حياتها كما يخيل لنا من أول وهلة، بل إنها زاخرة بالحيوانات على الرغم من قسوة المناخ فيها، وقلة النبات أيضا.
ونظرا لاقتراب اليابس في هذه الجهات واتصاله كانت الحيوانات فيها متشابهة في كل بقعة من بقاعها. وتشمل الحياة الحيوانية في التندرا بعض أنواع من الحيوانات والطيور التي تتميز بمقدرتها على تحمل البرودة عن طريق الفراء السميك الذي يحميها من البرد القارس. وتتغذى هذه الحيوانات من طبقات الشحم المتراكم على أجسامها خلال فصل الشتاء.
وتعتبر الرنة من أهم هذه الحيوانات جميعا، ولقد استأنسها سكان هذه المناطق واستخدموها في جر الزحافات على الجليد في تنقلاتهم، فضلا عن أكل لحومها والاستفادة من جلودها في صناعة ملابسهم وخيامهم، ويطلق اسم الكاريبو على الرنة التي تعيش في كندا شمال أمريكا الشمالية.
وفضلا عن ذلك تعيش بعض الحيوانات المفترسة مثل الدب والذئب والثعلب، وبعض الحيوانات القارضة مثل الجرذان والأرانب القطبية. وتتميز السواحل البحرية القطبية بوجود حيوانات خاصة مثل فرس البحر والدب القطبي، وكثير من الطيور البحرية مثل البطريق والبط والأوز المشهور بريشه الناعم.
ونظرا لفقر التندرا في النباتات وخاصة في فصل الشتاء حين يكسوها الثلج، فإن حيواناتها تهاجر إلى نطاق الغابات الصنوبرية في جنوبها.
خامسا: حيوانات الجبال:
تعيش في المناطق الجبلية أنواع من الحيوانات تختلف من منطقة إلى أخرى على جوانب الجبال كما هو الحال على سطح الأرض.. وتتلاءم الحيوانات في الجهات الجبلية تبعا لظروف البيئة التي تعيش فيها.
ومن أهم الحيوانات التي تعيش في الغابات الجبلية القردة ذات الفراء وهي توجد في جبال هيمالايا، وهضبة التبت غرب الصين، ثم الدب الأسود والنمر الأرقط الذي يمتاز بفرائه الأسود السميك ذي البقع الرمادية. وهو يوجد بصفة خاصة في هضبة منغوليا. وفي المنطقة التي تكسوها الحشائش يعيش نوع من الغزال الذي يوجد في جبال الألب بأوروبا، والياك في هضبة التبت في قارة آسيا، ويمتاز بشعره الكثيف وخفة حركته، وهو لذلك أهم وسيلة لحمل الأثقال في هذه الجهات. ويوجد أيضا كثير من حيوان الماعز والضأن والحيوانات القارضة. ولا توجد في منطقة الثلج الدائم على قمم الجبال إلا الديدان التي تعيش في الصخور نظرا لشدة البرد.