الزلازل
مدخل
...
الفصل الثاني: القوى الداخلية السريعة
أولا: الزلازل
عبارة عن هزات أرضية تصيب قشرة الأرض، وتنتشر في شكل موجات خلال مساحات شاسعة منها. وتعاني قشرة الأرض دائما من الحركات الزلزالية نظرا لعدم استقرار باطنها، إلا أن هذه الهزات المستديمة تكون عادة من الضعف بحيث لا نشعر بها، ولا تحسها إلا أجهزة الرصد "السيسموجراف" ومثلها الزلازل التي تصيب منطقة الدلتا والوادي في مصر بين حين وآخر.
وإن كان آخرها الذي أصاب منظقة أسوان في أوائل عام 1982، اتسم بالخطورة النسبية، وخشي منه على جسم السد العالي.
ودراسة الزلازل ولا شك مهمة بالنسبة للجغرافي لأنها تتصل اتصالا مباشرا بحياة الإنسان ونشاطه على وجه الأرض. وقد سجل الكثير من الزلازل المدمرة أثناء العصر التاريخي وذكر منها الآلاف، كما أثبتت الدراسات الجيولوجية أن قشرة الأرض كانت تعاني دائما خلال عمرها الطويل من الهزات الزلزالية، وتشير تلك الدراسات أيضا إلى استمرار حدوثها في المستقبل.
منشأ الزلازل:
تنشأ الزلازل نتيجة لسببين:
1- حدوث تشقق وتكسر في قشرة الأرض بسبب اضطراب التوازن فيها. ويختل توازن قشرة الأرض نتيجة لاكتساح كميات هائلة من المواد القارية بواسطة عوامل التعرية التي تنقلها وترسبها في البحار والمحيطات.
2- تحركات المواد الصخرية المنصهرة خلال قشرة الأرض أو أسفلها. وبناء على ذلك يمكن تقسيم الزلازل إلى أنواع بحسب القوى التي تسببها:
1- زلازل بركانية:
ويرتبط حدوثها بالنشاط البركاني، واندفاع المواد الصخرية المنصهرة من جوف الأرض إلى سطحها. مثال ذلك ما يصحب ثوران براكين جزر هاواى من زلازل غاية في العنف والقوة. وحينما ثار بركان كراكاتا في "أندونيسيا" أحدث الكثير من التدمير والتخريب. فقد أدى انفجاره إلى هزات عنيفة أثارت مياه البحر في شكل أمواج ضخمة عارمة، أغارت على السهول الواقعة في الجزر القريبة منها فأغرقتها، ودمرت المنازل وشردت العديد من السكان، وأحدثت خسائر فادحة لسكان جزيرتي سومطرة وجاوه والجزر الأخرى المجاورة.
ومع هذا فإن معظم الهزات الزلزالية التي تحدث بسبب النشاط البركاني هي في الواقع هزات محلية لا تؤثر في مساحات كبيرة، كما أن كثيرا من الثورانات البركانية تصحبها هزات ضعيفة.
2- زلازل تكتونية:
وتحدث في المناطق التي تصيبها الانكسارات وتتعرض للتصدع. وهذا النوع شائع كثير الحدوث. وهو يرتكز على الخصوص في القشرة السطحية على أعماق تصل إلى 70 كم.
3- زلازل بلوتونية: "نسبة إلى بلوتو إله الأرض عند الإغريق".
ويوجد مركزها على عمق سحيق من الأرض. فقد سجلت زلازل على عمق 800 كم في شرقي آسيا.
هذا ويحدث النوعان الأخيران -التكتوني والبلوتوني- على الخصوص نتيجة لتحركات في قشرة الأرض وما تحتها. وهناك كثير من الأدلة والشواهد المقنعة تشير إلى أن معظم الهزات الأرضية الرئيسية تحدث نتيجة لضغوط عنيفة فجائية في قشرة الأرض، ينجم عنها تصدع وانتقال الطبقات على طول خطوط انكسارات قديمة كانت موجودة بالفعل.
ففي كاليفورنيا يوجد نطاق انكساري يمتد مسافة تقرب من ألف كيلو متر وقد حدثت في مجاله حركة فجائية فى عام 1906 سببت زلزالا عنيفا أحدث خسائر فادحة، وكانت الحركة أفقية فلم ينتج عنها ظهور حافات انكسارية وإنما سببت تزحزح الطرق وأسوار المزارع والحدائق من مواضعها الأصلية إلى مواقع أخرى على طول خط الانكسار، وقد بلغ مقدار التزحزح الأفقي نحو ستة أمتار.
المركز السطحي والمركز الداخلي للزلازل
...
المركز السطحي والمركز الداخلي للزلزال:
لا تكون قوى الزلزال واحدة على سطح الأرض، وهي تبلغ ذروتها عند نقطة على سطح الأرض تسمى بالمركز السطحي وفي أسفله فى اتجاه عمودي تقع نقطة أخرى هي نقطة مولده وتسمى بالمركز الداخلي للزلزال. وفيه تنشأ الهزات العنيفة التي تحدثها القوى الأرضية. وهذه تنشئ ذبذبات تماوجية تصل في اتجاه رأسي إلى المركز السطحي، كما تنتشر في اتجاهات متباينة أخرى إلى جميع أجزاء جسم الأرض.
آثار الزلازل:
تتباين الهزات الزلزالية في درجة قوتها، فمنها الضعيف الذي يحدث ولا يكاد يحس به أحد، ومنها المدمر الذي يسبب خسائر كبيرة في مناطق العمران. ويمكن إجمال آثارها في النقاط التالية:
1- قد تسبب تزحزحا وانتقالا لأجزاء من قشرة الأرض في الاتجاهين الأفقي والرأسي.
2- يمكنها أن ترفع أو تخفض أجزاء من قاع البحر كما حدث في خليج ساجامي باليابان في عام 1923 فقد ارتفعت أجزاء منه "نحو 250م" وانخفضت أجزاء أخرى "نحو 400م".
3- تستطيع أن ترفع أو تخفض مناطق ساحلية كما حدث في ألاسكا "عام 1899" وكما حدث لساحل الإسكندرية أثر زلزال حدث في القرن الرابع عشر.
4- قد تسبب انزلاقات أرضية كما حدث في شمال الصين في عامي 1920 و 1927.
5- تنشئ الزلازل التي تحدث في قيعان المحيطات أمواجا عاتية تحدث التدمير في السواحل التي تتعرض لها.
6- تدمر الزلازل التي تحدث في المناطق الآهلة بالسكان الكثير من المنشآت وتتسبب في إحداث خسائر فادحة في الأرواح.
أمثلة من الزلازل المدمرة:
في البرتغال عام 1755:
انخفض قاع البحر قرب لشبونة. نشأت أمواج عاتية دمرت المنشآت الساحلية.
في بيرو عام 1968:
قتل 30.000 شخص وفي عام 1970 قتل 35.000 شخص.
في ألاسكا عام 1899:
ارتفع ساحل أحد خلجانها بمقدار 12م.
في كاليفورنيا عام 1906:
خربت مدينة سان فرنسيسكو.
في شيلي عام 1906:
قتل 30.000 شخص.
في اليابان عام 1960:
حدث ارتفاع وانخفاض في خليج ساجامي. قتل 200.000 شخص.
في الصين عام 1927:
قتلت الانزلاقات الأرضية الناشئة عن الزلازل 100.000 شخص.
في نيوزيلندا عام 1931:
خربت مدينة تابير.
في نيكارجوا عام 1931:
دمرت العاصمة ماناجوا.
في المملكة المغربية عام 1960:
أصاب الخراب مدينة أغادير.
في إيران عام 1962:
قتل 20.000 شخص.
عام 1968 قتل 50.000 شخص.
في تركيا عام 1970:
قتل 50.000 شخص.
التوزيع الجغرافي للزلازل:
على الرغم من أن الهزات الزلزالية شائعة في جميع أنحاء الأرض، إلا أن ما يحدث منها على اليابس يتركز في مناطق معينة، ومعظمها يقع ضمن ثلاثة نطاقات كبيرة هي:
1- نطاق يمتد فوق سلاسل المرتفعات التي تحيط بسواحل المحيط الهادي في أمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية وآسيا، ويتضمن الجزر وأشباه الجزر التي تكتنف تلك السواحل.
شكل "38": التوزيع الجغرافي للزلازل.
2- نطاق يمتد فوق سواحل البحر المتوسط، ويشمل مرتفعات الألب والقوقاز، ويمتد شرقا في آسيا ليشمل مرتفعات الهيمالايا إلى جزر أندونيسيا، وهناك يلتقي بالنطاق الأول.
3- نطاق يشمل منطقة الأخاديد بشرقي أفريقيا وجنوب غربي آسيا ويرتبط حدوث الزلازل في هذا النطاق بوجود الانكسار الأفريقي العظيم.
ويلاحظ أن توزيع هذه النطاقات يتفق مع توزيع سلاسل المرتفعات الحديثة التي تمثل مناطق ضعف واضطراب في قشرة الأرض. ويتفق أيضا مع وجود مناطق الانكسارات التي ما تزال نشطة حتى وقتنا الحاضر. "شكل 38".
استجابة الأرض للموجات الزلزالية
طبيعة باطن الأرض
تمكن العلماء من معرفة الكثير عن طبيعة الأرض عن طريق الهزات الزلزالية. فعندما تنبعث الهزات من المركز الداخلي للزلزال تنطلق منه طاقة تؤدي إلى تكوين ذبذبات قوية في الصخور تسري فيها على شكل موجات تكون عنيفة عند المركز السطحي للزلزال، وتضعف كلما بعدت عنه.
وتقوم أجهزة خاصة "السيسموجراف" بتسجيل تلك الموجات على اختلاف قوتها ونوعها.
وهناك ثلاثة أنواع من تلك الموجات:
1- الموجات الأولية:
وهي أول ما يصل من الموجات إلى أجهزة الرصد نظرا لأنها سريعة جدا "من 8-12 كم في الثانية" وهي تخترق باطن الأرض في كل الاتجاهات.
2- الموجات الثانوية:
وهي ثاني ما يصل من الموجات إلى أجهزة الرصد، نظرا لأنها أبطأ من الموجات الأولية "من 4-8 كم في الثانية". وهي تخترق جسم الأرض إلى أعماق كبيرة.
3- الموجات الطويلة:
ويقتصر مسارها على الأجزاء العليا لقشرة الأرض، وهي تسير "من 3-5 كم في الثانية". وتصل متأخرة عن النوعين السابقين. ونظرا لأنها تنتشر أساسا من المركز السطحي للزلزال، فإنها المسئولة عن التخريب والتدمير الذي يحدث لمناطق العمران.
شكل "39": تسجيل الموجات الزلزالية: لاحظ الموجات المباشرة والموجات المنعكسة.
وقد لوحظ أن الموجات الزلزالية تنعكس وتنكسر أثناء اختراقها لجسم الأرض كما يحدث لأشعة الضوء عندما تمر من الجو وتخترق المياه "انظر شكل 39". مما يدل على أن جسم الأرض يتركب من مواد مختلفة الكثافة. ويمكن تلخيص أهم الحقائق التي أمكن جمعها من مختلف الدراسات الزلزالية أن الأرض تتركب من:
1- نواة باطنية يبلغ قطرها 6800 كم تدعى بالكتلة أو الكرة الباطنية.
وهي تتركب من مواد معدنية ثقيلة ذات كثافة عالية "بين 8-11" وهي الحديد والنيكل.
2- غلاف صخري يحيط بالكرة الباطنية ويبلغ سمكه 2900كم. وهو بدوره ينقسم إلى ثلاثة أغلفة:
أ- غلاف داخلي يتركب من صخور نارية ثقيلة جدا "كثافته 5.6".
ب- غلاف خارجي يتركب من صخور نارية بازلتية ثقيلة "كثافتها 4.0".
ج- قشرة سطحية تتركب من صخور نارية جرانيتية خفيفة هي التي تتكون منها الكتل القارية "كثافتها 2.7".
من هذا ترى أنه قد حدث في المواد المكونة لجسم الأرض تصنيف طبقي من حيث الكثافة، فأكثر مواد الأرض كثافة يوجد حول المركز، وأقلها كثافة قرب السطح. ولهذا يعتقد أن الأرض قد مرت في المرحلة الأولى من تاريخ تكوينها بفترة كانت فيها في حالة منصهرة. وفي أثناء تلك المرحلة عملت الجاذبية الأرضية على أن تستقر المواد الثقيلة عند المركز وحواليه. تليها تجاه السطح المواد الخفيفة ثم الأخف، وهكذا نشأت أغلفة مستديرة حول النواة تختلف في كثافتها.
ويحدث مثل هذا في أفران صهر المعادن حيث يستخلص المعدن من الخام. فحينما تصهر كتلة كبيرة من الخام المعدني فإن المعدن ينفصل ويترسب في قاع الفرن نظرا لثقله، يليه إلى أعلى طبقة من الأكاسيد وهي مواد ثقيلة أيضا إلا أنها أخف من المعدن نفسه، ثم على السطح نجد طبقة من المخلفات الصخرية وهي أخفها جميعا.
وباطن الأرض عظيم الحرارة، يدل على ذلك تلك المواد المنصهرة والغازات التي تخرج من فوهات البراكين. لكنه مع ذلك صلب نظرا لما يعانيه من ضغوط شديدة. فإذا ما أزيحت عنه هذه الضغوط نتيجة لحدوث الصدوع والكسور تحولت المواد الصلبة إلى سوائل وغازات.
ويتزايد الضغط بسرعة كلما اتجهنا من ظاهر الأرض إلى باطنها. فعلى عمق كيلو متر يكون الضغط معادلا 275 وحدة ضغط جوي، وعند عمق 2900 كم يصبح 1.213.100 ضغط جوي، أما في مركز الأرض فيصل مقدار الضغط نحو 4.163.450 ضغط جوي.
النشاط الناري الطفحي "البراكين"
مدخل
...
ثانيا: النشاط الناري الطفحي
البراكين
تعتبر الثورانات البركانية من أكبر الظاهرات المروعة والمفجعة في الطبيعة. وفي معرض الحديث عن البراكين كثيرا ما يقال بتقسيمها إلى براكين نشطة، وأخرى خامدة. والواقع أن هذا التقسيم اصطلاحي محض. فهناك من البراكين ما ثارت ونشطت بعد فترة سكون دامت عدة قرون، نمت أثناءها الغابات على جوانبها وتحولت فوهاتها إلى بحيرات. ولهذا يمكن اعتبار البركان نشيطا إذا استمر نشاطه أو أنه قد ثار مرة أو أكثر أثناء العصر التاريخي المعروف لدينا. أما البركان الخامد فهو الذي سكن وخمد قبل العصر التاريخي، وبالتالي لم يذكر التاريخ شيئا عن نشاطه. ويوجد في العالم الآن نحو 475 من أكبر البراكين النشطة، وأكثر من 4000 من البراكين الخامدة.
أجزاء البراكين:
إذا نظرت إلى الشكل "40أ" ستجد أنه يتكون من:
1- جبل مخروطي الشكل:
يتركب من حطام صخري أو لافا متصلبة. وهي المواد التي يقذفها البركان من فوهته، وكانت كلها أو بعضها في حالة منصهرة.
2- فوهة:
وهي عبارة عن تجويف مستدير الشكل تقريبا في قمة المخروط، يتراوح اتساعه بين بضعة مئات وبضعة آلاف من الأمتار. وتنبثق من الفوهة على فترات غازات وكتل صخرية وقذائف وحمم ومواد منصهرة "لافا". وقد يكون للبركان أكثر من فوهة ثانوية إلى جانب الفوهة الرئيسية في قمته كما ترى في الشكل:
3- مدخنة أو قصبة:
وهي قناة من قاع الفوهة إلى أسفل حيث تتصل بفرن الصهير في جوف الأرض. وتندفع خلالها المواد البركانية إلى الفوهة، وتعرف أحيانا بعنق البركان.
وبجانب المدخنة الرئيسية، قد يكون للبركان عدة مداخن تتصل بالفوهات الثانوية "انظر شكل 40 أ".
شكل "40": أجزاء البركان، وبعض أشكال البراكين
أنواع المواد البركانية:
يخرج من البراكين حين ثورانها حطام صخري صلب وغازات ومواد سائلة:
1- الحطام الصخري:
ينبثق نتيجة للانفجارات البركانية حطام صخري مختلف الأنواع والأحجام عادة في الفترة الأولى من الثوران البركاني. ويشتق الحطام الصخري من القشرة المتصلبة التي تتركب من اللافا القديمة المتخلفة عن ثورانات سابقة، ومن المواد الصخرية التي تنتزع من جدران العنق نتيجة لدفع اللافا والمواد الغازية المنطلقة من الصهير بقوة وعنف ويتركب الحطام الصخري من مواد تختلف في أحجامها منها الكتل الصخرية، والقذائف والجمرات، والرمل والغبار البركاني.
2- الغازات:
تخرج من البراكين أثناء نشاطها غازات أهمها بخار الماء. وهو ينبثق بكميات عظيمة مكونا لسحب هائلة يختلط معه فيها الغبار والغازات الأخرى. وتتكاثف هذه الأبخرة مسببة لأمطار غزيرة تتساقط في محيط البركان. ويصاحب الانفجارات وسقوط الأمطار حدوث أضواء كهربائية تنشأ من احتكاك حبيبات الرماد البركاني ببعضها، ونتيجة للاضطربات الجوية. وعدا الأبخرة المائية الشديدة الحرارة، ينفث البركان غازات متعددة أهمها الأيدروجين والكلورين والكبريت والنيتروجين والكربون والأوكسجين.
شكل "41": بركان الجزيرة البيضاء في شمال نيوزيلندا وهو ينفث الغازات
3- اللافا:
هي كتل سائلة تلفظها البراكين، وتبلغ درجة حرارتها بين 1000 ْم و 1200 ْم. وتنبثق اللافا من فوهة البركان، كما تطفح من خلال الشقوق والكسور في جوانب المخروط البركاني. تلك الكسور التي تنشئها الانفجارات وضغط كتل الصهير. وتتوقف طبيعة اللافا ومظهرها على التركيب الكيماوي لكتل الصهير الذي تنبعث منه وهي نوعان
أ- لافا خفيفة فاتحة اللون:
وهذه تتميز بعظم لزوجتها، ومن ثم فإنها بطيئة التدفق. ومثلها اللافا التي انبثقت من بركان بيلي "في جزر المرتنيك في البحر الكاريبي" عام 1902 فقد كانت كثيفة لزجة لدرجة أنها لم تقو على التحرك، وأخذت تتراكم وترتفع مكونة لبرج فوق الفوهة بلغ ارتفاعه 300م، ثم ما لبث بعد ذلك أن تكسر وتحطم نتيجة للانفجارات التى أحدثها خروج الغازات.
ب- لافا ثقيلة داكنة اللون:
وهي لافا بازلتية، وتتميز بأنها سائلة ومتحركة لدرجة كبيرة، وتنساب في شكل مجارٍ على منحدرات البركان. وحين تنبثق هذه اللافا من خلال كسور عظيمة الامتداد، فإنها تنتشر فوق مساحات هائلة مكونة لهضاب فسيحة، ومثلها هضبة الحبشة وهضبة الدكن بالهند وهضبة كولومبيا بأمريكا الشمالية.
أشكال البراكين:
1- براكين الحطام الصخري:
يختلف المخروط البركاني باختلاف المواد التي يتركب منها. فإذا كان المخروط يتركب كلية من الحطام الصخري، فإننا نجده مرتفعا شديد الانحدار بالنسبة للمساحة التي تشغلها قاعدته. وهنا نجد أن درجة الانحدار تبلغ 30 درجة وقد تصل أحيانا إلى 40 درجة. وتنشأ هذه الأشكال عادة نتيجة لانفجارات بركانية. وتتمثل في جزر أندونيسيا.
2- البراكين الهضبية:
وتنشأ نتيجة لخروج اللافا وتراكمها حول فوهة رئيسية ولهذا تبدو قليلة الارتفاع بالنسبة للمساحة الكبيرة التي تشغلها قواعدها. وتبدو قممها أشبه بهضاب محدبة تحدبا هينا، ومن هنا جاءت تسميتها بالبراكين الهضبية "شكل 42". وقد نشأت هذه المخروطات من تدفق مصهورات اللافا الشديدة الحرارة والعظيمة السيولة، والتي انتشرت فوق مساحات واسعة. وتتمثل هذه البراكين الهضبية أحسن تمثيل في براكين جزر هاواى كبركان مونالوا الذي يبلغ ارتفاعه 4100م. وهو يبدو أشبه بقبة فسيحة تنحدر انحدارا سهلا هينا.
شكل "42": البركان الهضبي
3- البراكين الطباقية:
البراكين الطباقية نوع شائع الوجود. وهي في شكلها وسط بين النمطين السابقين. وتتركب مخروطاتها من مواد الحطام الصخري ومن تدفقات اللافا التي يخرجها البركان حين يهدأ ثورانه.
وتكون اللوافظ التي تخرج من البركان أثناء الانفجارات المتتابعة طبقات بعضها فوق بعض، ويتألف قسم منها من مواد خشنة وقسم آخر من مواد دقيقة، وبين هذا وذاك تتداخل اللافا في هيئة أشرطة قليلة السمك. ومن هذا ينشأ نوع من الطباقية في تركيب المخروط، ويمثل هذا الشكل بركان مايون أكثر براكين جزر الفلبين نشاطا في الوقت الحاضر.
التوزيع الجغرافي للبراكين:
تنتشر البراكين فوق نطاقات طويلة على سطح الأرض أظهرها:
1- النطاق الذي يحيط بسواحل المحيط الهادي والذي يعرف أحيانا بحلقة النار. فهو يمتد على السواحل الشرقية من ذلك المحيط فوق مرتفعات الإنديز إلى أمريكا الوسطى والمكسيك وفوق مرتفعات غربي أمريكا الشمالية إلى جزر ألوشيان ومنها إلى سواحل شرق قارة آسيا إلى جزر اليابان والفلبين ثم إلى جزر أندونيسيا ونيوزيلندا. "انظر الخريطة شكل 43".
2- يوجد الكثير من البراكين في المحيط الهادي نفسه. وبعضها ضخم عظيم نشأ في قاعه وظهر شامخا فوق مستوى مياهه. ومنها براكين جزر هاواى التي ترتكز قواعدها في المحيط على عمق نحو 5000م، وترتفع فوق سطح مياهه أكثر من 4000م. وبذلك يصل ارتفاعها الكلي من قاع المحيط إلى قممها نحو 9000م.
شكل "43": التوزيع الجغرافي للبراكين
3- جنوب أوروبا المطل على البحر المتوسط والجزر المتاخمة له. وأشهر البراكين النشطة هنا هي فيزوف قرب نابولي بإيطاليا واثنا بجزيرة صقلية واسترو مبولي "منارة البحر المتوسط" في جزر ليباري.
4- مرتفعات غربي آسيا وأشهر براكينها أرارات واليوزنز.
5- النطاق الشرقي من أفريقيا وأشهر براكينه كلمنجارو. "ارتفاعه 6110م".
آثار البراكين:
1- في تشكيل سطح الأرض:
تستطيع مما سلف أن تتبين آثار البراكين في تشكيل سطح الأرض: فهي تنشئ الجبال الشامخة والهضاب الفسيحة. وحين تخمد تنشأ في تجاويف فوهاتها البحيرات في الجهات المطيرة.
2- في النشاط البشري:
من الغريب أن الإنسان لم يعزف عن السكنى بجوار البراكين حتى يكون بمأمن من أخطارها، إذ نجده يقطن بالقرب منها، بل وعلى منحدراتها أيضا. فبركان "فيزوف" تحيط به القرى والمدن، وتغطيه حدائق الفاكهة وبساتين الكروم، وجميعها تنتشر على جوانبه حتى قرب قمته. وتقوم الزراعة أيضا على منحدرات بركان "اثنا" في جزيرة صقلية حتى ارتفاع 1200م في تربة خصيبة تتكون من البازلت الأسود الذي تدفق فوق المنطقة أثناء العصور التاريخية.
وهذه البراكين لا ترحم، إذ تثور من وقت لآخر فتدمر قرية أو أخرى. ويمكن للسائر على طول الطريق الرئيسي فوق السفوح السفلى من بركان "اثنا" وعند نهاية تدفقات اللافا التي انبثقت منه في عام 1929 أن يرى بقايا وأطلال البيوت الحجرية التي جرفتها سيول اللافا المتدفقة، وهي شواهد أبدية تشير إلى الخطر الدائم المحدق بالمنطقة.
وتشتهر جزيرة جاوه ببراكينها الثائرة والنشطة، وبراكينها تفوق في الواقع كل براكين العالم في كمية الطفوح واللوافظ التي انبثقت منها منذ عام 1500م. ومع هذا نجد الجزيرة تغص بالسكان، فهي أكثر جهات العالم الزراعية سكانا بالنسبة لمساحتها، ويسكنها نحو 75 مليون شخص، ويرجع ذلك كما أسلفنا إلى خصوبة التربة البركانية، وقد أنشئت بها مصلحة للبراكين وظيفتها التنبؤ بحدوث الانفجارات البركانية وتحذير السكان قبل ثورانات البراكين مما يقلل من أخطار وقوعها.
المداخن والينابيع والنافورات الحارة
مدخل
...
ثالثا: المداخن والينابيع والنافورات الحارة:
وتعتبر جميعها من بين الظاهرات البركانية، ويرتبط وجودها بالأقاليم البركانية.
المداخن:
يطلق تعبير مدخنة على كسر أو ثقب في الصخور تخرج منه أبخرة وغازات. وتسود نسبة بخار الماء بين الغازات إذ تصل إلى نحو 98%. ومن بين الغازات التي تلفظها المداخن غاز ثاني أكسيد الكربون والكلور والأيدروجين.
المداخن:
يطلق تعبير مدخنة على كسر أو ثقب في الصخور تخرج منه أبخرة وغازات. وتسود نسبة بخار الماء بين الغازات إذ تصل إلى نحو 98%. ومن بين الغازات التي تلفظها المداخن غاز ثاني أكسيد الكربون والكلور والأيدروجين.
الينابيع الحارة:
يكثر وجودها بجوار المداخن في الأقاليم البركانية. وهناك ارتباط وثيق بينهما، إذ تتحول بعض الينابيع الحارة إلى مداخن حينما يحل الفصل الجاف، ثم تعود سيرتها الأولى حينما يأتي الفصل المطير. وقد أدى هذا التبادل الفصلي إلى الاعتقاد بأن الينابيع الحارة تستمد مياهها على الخصوص من الماء الباطني الذي يتسرب من سطح الأرض ثم يسخن بواسطة بخار الصهير.
1- الينابيع الغالية:
وهي توجد بكثرة في منطقة لاسين البركانية وفي منتزه ييلوستون بالولايات المتحدة الأمريكية. وتظهر هناك في شكل أحواض مليئة بالمياه بعضها يغلي ويئز في هدوء أو بشدة واستمرار، وبعضها الآخر يغلي بشكل انفجاري، وتتخلل الانفجارات فترات هدوء قصيرة.
2- الجيزر:
هي عبارة عن نافورة أو فوارة حارة تنفجر على فترات مكونة لأعمدة من الأبخرة والمياه الساخنة. وهي تشبه البركان من حيث وجود الفوهة والقصبة والمخروط ولكن الفرق في الحجم بينهما كبير. ويتركز وجودها في ثلاث مناطق هي:
جزيرة أيسلندا وجزيرة نيوزيلندا ومنطقة ييلوستون بارك. وبالأخيرة نافورة شهيرة "تسمى أولد فيثفول" تنفجر كل 66 دقيقة، وتقذف بعمود من المياه الحارة يتراوح ارتفاعه بين 30-50م. وينبثق منها مع كل انفجار كمية من المياه تتراوح بين 10.000-12.000 جالون "شكل 44".
شكل "44": قطاع رأسي يوضح الظروف اللازمة لنشاط الجيزر، المساحات المنقطة تمثل تجمعات الأبخرة في كهوف عظيمة الاتساع