• ×

نموذج مستعمرة : النوع قائمة

بث مباشر || قناة القرآن الكريم || Makkah Live

الفصل الثاني: الأزمنة الجيولوجية وأهميتها الجغرافية

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
مدخل
...
الفصل الثاني: الأزمنة الجيولوجية وأهميتها الجغرافية:
نحن نفكر في التاريخ البشري بوحدات زمنية قوامها القرون والأجيال والسنين، ومثل هذا التقسيم الزمني لازم وضروري لتنظيم أفكارنا، ولربط الأحداث الماضية في مختلف أوجه النشاط البشري وفي مختلف الأماكن بعضها ببعض، وبنفس الطريقة يلزم لتاريخ الأرض الطويل تقسيمات زمنية تقدر بعشرات ومئات الملايين من السنين، إذ لا تجدي في إدراكها وتصورها الوحدات الزمنية التي نستخدمها كالسنين أو الأجيال أو القرون أو حتى آلاف السنين.
تقدير عمر الأرض:
لقد استخدم العلماء طرقًا شتَّى لتقدير عمر الأرض، ووصلوا بواستطها إلى نتائج متباينة، ومن أهمها ما يأتي:
1- تقدير سمك الطبقات الرسوبية، ثم تقدير متوسط سمك الرواسب التي يمكن أن تتراكم في كل عام، وبقسمة الرقم الأول على الرقم الثاني أمكن الوصول إلى تقدير عمر الأرض، وقد وجد أن أكبر سمك لجميع الطبقات الجيولوجية يبلغ 110200 مترًا، كما وجد أن متوسط سمك ما يتم إرسابه من التكوينات سنويًّا هو 1/15 من السنتيمتر الواحد، ومن ثم أمكن تقدير عمر الأرض بنحو 165 مليون سنة.
وهذه الطريقة في الواقع لا يمكن الاعتماد عليها في تقدير معقول لعمر الأرض؛ وذلك لسببين هامين هما:
أولهما: أن معدل الإرساب يختلف من مكان لآخر باختلاف الظروف والأحوال.
ثانيهما: أن الطبقات الرسوبية تتعرض للنحت والاكتساح بواسطة عوامل التعرية، ومن ثم يصعب تقدير السمك الحقيقي للرواسب الأصلية.

2- وجد حديثًا أن خير وسيلة لتقدير عمر الأرض هي استخدام العناصر المشعة التي تحتويها معادن وصخور قشرة الأرض، فعنصر اليورانيوم والثوريوم يتحللان بالإشعاع بمرور الزمن، ويتحولان إلى غاز الهيليوم وعنصر الرصاص، ولما كانت سرعة التحلل من الوجهة الزمنية معروفة لدى العلماء، فإنه أصبح من الممكن لتحديد عمر الصخر أو المعدن الذي يحتوي على العنصر المشع وعلى مخلفاته، وبهذه الطريقة تمكن العلماء من تقدير عمر الأرض منذ بداية الزمن الأركى بنحو 2100 مليون سنة، كما قدروا عمر تصلب قشرة الأرض بنحو 3200 مليون سنة، وعمر الأرض منذ انفصالها واستقلالها بنحو 4500 مليون سنة.

التاريخ الجيولوجي للأرض
مدخل
...
التاريخ الجيولوجي للأرض:
لقد أجمع الجيولوجيون على تقسيم عمر الأرض إلى أربعة أزمنة، كل زمن منها ينقسم بدوره إلى عدة عصور، ويمتاز كل زمن وكل عصر بمجموعة من الطبقات الصخرية وبحياة حيوانية ونباتية تختص به وتميزه عن غيره.
وقد تمكن العلماء من وضع جدول كامل للتكوينات الرسوبية بحسب الأزمنة والعصور، وهو يهدف إلى ترتيب الأحداث الجيولوجية ترتيبًا زمنيًّا منذ تكوين الأرض إلى عصرنا الحاضر، وقد استعانوا في ذلك بأساسين هامين هما:

1- تعاقب الطبقات:
هناك قاعدة أساسية تختص بالصخور الرسوبية دون سواها، ومؤداها أن كل طبقة تعتبر أقدم من الطبقة التي تعلوها، وأحدث من الطبقة التي تقع أسفلها، وتسمى هذه القاعدة بقانون تعاقب الطبقات.
على أن تطبيق هذه القاعدة له عيوبه، ففي الجهات التي أصابتها حركات الالتواء والانكسار نجد الطبقات الصخرية قد انقلبت ظهرًا على عقب، وبالتالى يختل توافقها وتتابعها الزمني، ولهذا فقد لجأ العلماء إلى الاستعانة بالحفريات للوصول إلى تحديد التعاقب الزمني للأحداث الجيولوجية.

2- الحفريات:
هي بقايا الكائنات الحية سواء كانت حيوانية أو نباتية التي يعثر عليهافي تكوينات الصخور الرسوبية، وهى تعتبر الدليل المباشر على وجود الكائنات الحية في سالف الزمن، وتتمثل هذه البقايا في أجزاء صلبة مثل المحارات وهياكل المرجان وعظام الحيوانات الفقارية، كما تتمثل في جذوع النبات وأوراقه.
وعلى الرغم من أن هذه الحفريات لا تعطي الصورة الكاملة للكائنات الحية القديمة إلا أن دراسة خصائصها ومميزاتها تساعد مساعدة فعالة في تقسيم التاريخ الجيولوجي للأرض، ولذلك فهي تعرف أحيانًا بالحفريات المرشدة؛ لأنها ترشد الجيولوجي إلى طبيعة الزمن أو العصر الذي عاشت فيه.
ولكي تتحول الكائنات الحية إلى حفريات يلزم لها شرطان:
الأول: أن تحتوى على أجزاء صلبة تقاوم عوامل التحلل والفناء، وبالتالي فإن الحيوانات الرخوة مثل أسماك الجيلى لا تترك أثرًا بعد موتها وتحللها.
الثاني: أن يندفن الحيوان أو النبات في الرواسب بمجرد موته، وإلا تعرض للتمزق ثم التشتت والفناء بواسطة عوامل التعرية.
أهمية الحفريات:
للحفريات دلالات وفوائد كثيرة أهمها:
1- تحديد عمر الطبقات الصخرية التي تحتويها ومعرفة العصر الذي كانت تعيش فيه. والحفريات هي الأساس الذي يعتمد عليه الجيولوجيون في عمل تاريخ متكامل لعمر الأرض.
2- يمكن عن طريق دراسة الحفريات الاستدلال على البيئة الجغرافية القديمة التي كانت تعيش فيها، وعلى الظروف المناخية التي كانت سائدة أثناء وجود الكائن الحي في مكان معين، فحفريات أشجار النخيل مثلًا تدل على شيوع مناخ حارٍّ.
3- أمكن بواسطة الحفريات الاستدلال على التطور الذي حدث للكائنات الحية منذ أقدم الأزمنة حتى عصرنا الحالي، فالحيوان قد بدأ بخلية واحدة وانتهى بأرقى الأنواع وهو الإنسان، كما تطورت النباتات البدائية وارتقت إلى النباتات المزهرة الحالية.
أقسام التاريخ الجيولوجي للأرض:
قسم الجيولوجيون تاريخ الكرة الأرضية إلى أربعة أزمنة كبرى هى من القديم إلى الحديث كما يلي:
1- الزمن الأركي أو زمن ما قبل الكمبري.
2- الزمن الباليوزوي أو زمن الحياة القديمة.
3- الزمن الميزوزوي أو زمن الحياة الوسطى.
4- الزمن الكاينوزوي أو زمن الحياة الحديثة.
وقد أمكن تقسيم كل زمن إلى وحدات زمنية أصغر، وذلك لتسهيل الدراسة الجيولوجية، والمساعدة على متابعة التعاقب الزمني، مثال ذلك زمن الحياة الحديثة الذي يمكن تقسيمه إلى قسمين: يعرف أحدهما بالثالث أو الثلاثي "أقدم"، ويعرف الأحدث بالرابع أو الرباعي، وكل منهما يختص بمميزات معينة.
وقد أمكن أيضًا عن طريق دراسة تغير الحفريات وتدرجها وتطورها تقسيم الأزمنة إلى عصور، والعصور إلى عهود.
وعندما ندرس الأزمنة والعصور الجيولوجية ينبغي أن نلاحظ الأمور الآتية:
1- أن الأزمنة والعصور ليست متساوية في الطول، فبعضها طويل جدًّا كالزمن الأركي، وبعضها قصير نوعًا كزمن الحياة الحديثة.
2- أن لكل زمن ولكل عصر حفرياته وتكويناته الخاصة به، والتي تميزه عن غيره.

3- أن فترات الانتقال من زمن لآخر قد صحبتها عمومًا حركات أرضية أنشأت الجبال والهضاب، وغيرت من معالم سطح الأرض، كما نتج عنها تغيير كبير في أنواع الكائنات الحية.
4- الاختلاف في أسماء العصور، إذ فضلًا عن أن الاختلاف في التسمية له أهميته البديهية كاختلاف أسماء البشر، فإن له دلالاته الخاصة، فقد يسمى العصر بحسب قدمه أو حداثته بالنسبة لعصر آخر، مثال ذلك عصر الأوليجوسين معناه العصر الأقل حداثة بينما عصر البلايوستوسين معناه العصر الأكثر حداثة، وهكذا في كل أسماء عصور زمن الحياة الحديثة، فكل اسم منها يدل على نسبة العصر في الحداثة.
وقد يسمى العصر باسم صفة مميزة في تركيب طبقاته، مثل العصر الفحمي الذي يحتوي على طبقات من الفحم، أو العصر الطباشيرى "الكريتاسي" الذي يحتوي على الكثير من الرواسب الطباشيرية، وقد يسمى العصر باسم الموقع الجغرافي الذي اكتشفت فيه تكويناته لأول مرة أو حيث توجد به التكوينات بصورة مثالية، مثل العصر الكامبري وهو الاسم القديم لأقليم ويلز بانجلترا، والعصر الديفوني نسبة إلى مقاطعة ديفون بجنوب غرب انجلترا، والعصر البرمي نسبة لمنطقة بيرم في روسيا.
وقد يسمى العصر باسم مجموعة عصور بشرية كعصر الأوردوفيش والسيلورى، وقد سميا باسمي قبيلتين قديمتين كانتا تعيشان في ويلز.
الأزمنة الجيولوجية:
الزمن الأركي:
سبب التسمية:
كلمة أركي تعنى الأول، أي بداية عمر الأرض بعد تكوينها وتصلب قشرتها.
المدى الزمني:
يقدر مداه الزمني بمقدار يتراوح بين 1500 مليون و 2000 مليون سنة أي قدر الأزمنة الجيولوجية الثلاثة التي تَلَتْهُ بنحو ثلاث أو أربع مرات.
أنواع الصخور:
صخور نارية كالجرانيت، ومتحولة كالنيس والشست والرخام، وهي تمثل الأساس الذي ترتكز عليه الكتل القارية الحالية، وتظهر فوق السطح، حيثما استطاعت عوامل التعرية أن تنحت الطبقات الرسوبية السطحية، وتصل إلى هذا الأساس الصخري الأركي. وتبدو هذه الصخور الأركية ظاهرة واضحة فوق مساحات شاسعة حول البحر البلطي، وفي كندا وشبه جزيرة العرب وأفريقيا وغيرها من الكتل القارية الأركية.
الأحداث الجيولوجية:
تمثلت في اضطرابات أرضية عنيفة، أدت إلى حدوث سلسلة متتابعة من الحركات الالتوائية صاحبها نشاط بركاني عظيم.
أنواع الأحياء:
ينعدم وجود حفريات حيوانية ونباتية في قسمه الأول وفي قسمه الثاني وجدت بقايا نادرة لحيوانات إسفَنْجية وأعشاب، وهي تمثل ظهور الحياة في أواخر الزمن الأركي.
الأهمية الاقتصادية:
تحتوى تكوينات هذا الزمن على صخور ومعادن ذات قيمة اقتصادية كبيرة، فمن صخوره القيمة صخر الرخام الملون والجرانيت الوردي أو الأحمر، وهما يستخدمان كأحجار زخرفية، كما يستعمل الجرانيت عمومًا؛ بسبب شدة صلابته في بناء المنشآت الضخمة كالسدود ومنها السد العالي والخزانات والقناطر.
ومن معادنه الذهب والفضة والنحاس والزنك والحديد والكروم والنيكل والرصاص والقصدير، وهي تعدن أو بعضها في كثير من أقطار العالم مثل اسكنديناوه وكندا والولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية وجمهورية مصر العربية، ويوجد بعض الذهب في المملكة العربية السعودية، كما تعدن بعض خامات العناصر المشعة من زائير.
هذا عدا الأحجار الكريمة وشبه الكريمة وأهمها الزبرجد في جزيرة الزبرجد بالبحر الأحمر، والزمرد المصرى.

زمن الحياة القديمة:
سبب التسمية:
يقصد بزمن الحياة القديمة ذلك الزمن الذي ظهرت فيه أحياء تختلف كل الاختلاف عن أحياء عصرنا الحاضر، وقد زالت كلها وانقرضت تمامًا.
المدى الزمني:
حوالى 330 مليون سنة.
العصور:
الكمبري، الأردوفيشي، السيلوري، الديفوني، الفحمي، البرمي.
أنواع الصخور:
تتمثل في تكوينات صخرية رسوبية طينية ورملية وجيرية، وتبدو الصخور عمومًا مندمجة وداكنة اللون؛ ويرجع ذلك إلى تعرضها للضغط والحرارة بسبب ثقل الرواسب التي تراكمت فوقها أثناء الأزمنة والعصور اللاحقة.
الأحداث الجيولوجية:
1- نشطت البراكين في أثناء هذا الزمن خصوصًا في أواسطه وأواخره، ولذلك تكثر الصخور البركانية بين طبقاته الرسوبية.
2- حدثت في أواسطه في العصر السيلوري، حركة الالتواءات الكاليدونية التي استطاعت أن ترفع قيعان البحار القديمة بما تحمله من رواسب، والتي كانت تجاور الكتل القارية الأركية في هيئة جبال نحتتها عوامل التعرية فيما بعد. ومن بقاياها مرتفعات اسكنديناوه واسكتلنده في قارة أوربا.
3- حدثت في أواخره حركة الالتواءات الهرسينية "في العصرين الفحمي والبرمي" التي أنشأت نطاقات عظيمة من السلاسل الجبلية في مختلف القارات. وتتمثل بقاياها الآن في مرتفعات وهضاب وسط أوربا، وفي شرق أمريكا الشمالية وشرق استراليا.
أنواع الأحياء:
الحيوان: شاع وجود الحيوانات اللافقرية في البحار كالقواقع. وفي أواسطه بدأ ظهور الحيوانات الفقرية ممثلة في أنواع من الأسماك البدائية، وفي أواخره ظهرت حيوانات برمائية. كما ظهرت الزواحف.
النبات: تطورت النباتات البدائية، ونمت بسرعة أولًا في البحار ثم فوق اليابس، وقد كثرت الأشجار المخروطية والنباتات السرخسية، وانتشرت انتشارًا عظيمًا خاصة في العصر الفحمي، مما ساعد على تكوين الرواسب الفحمية في المناطق التي توافرت فيها الظروف الطبيعية الملائمة لتكوينها، وتتمثل هذه الظروف في وجود مستنقعات وبحيرات ساحلية ضحلة، تساقطت فيها أجزاء النبات وانطمرت في الرواسب، وبسبب تعرض هذه النباتات المطمورة إلى ارتفاع الضغط وازدياد الحرارة من جراء تراكم الرواسب فوقها، فقد تحولت بمرور الزمن إلى فحم يسمى بالفحم الحجرى تمييزًا له عن الفحم النباتي الذي يصنعه الإنسان من أخشاب الأشجار الحالية.
الأهمية الاقتصادية:
أهم ما يستغل من تكوينات هذا الزمن هي الرواسب الفحمية، وتوجد أهم مناجمها في انجلترا وفرنسا وبلجيكا والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة والصين، كما توجد أيضًا في بعض البلاد العربية كجمهورية مصر العربية واليمن، ولكن بكميات قليلة.
وتحوي تكوينات هذا الزمن أيضًا بعض الخامات المعدنية، كخام الحديد في انجلترا، والمنجنيز في شبه جزيرة سيناء.

زمن الحياة الوسطى:
سبب التسمية:
سمي بزمن الحياة الوسطى؛ نظرًا لأن الحياة الحيوانية والنباتية وسط بين أحياء زمن الحياة القديمة وزمن الحياة الحديثة، إذ ترجع بعض أنواعها إلى أسلاف عاشت في العصور القديمة، كما تطورت أنواع أخرى عاشت في هذا الزمن واستمرت وارتقت في عصور زمن الحياة الحديثة.
المدى الزمني:
يقدر مداه بنحو 125 مليون سنة.
العصور:
الترياسي، والجوراسي، الكريتاسي "أو الطباشيري".
أنواع الصخور:
صخور رسوبية تراكم معظمها فوق قيعان البحار والمحيطات.

وهي تتركب من طبقات متتابعة من الصخور الطينية والرملية والطفلية والجيرية والطباشيرية وتتخللهما مستويات من الجبس أو الملح.
الأحداث الجيولوجية:
كان هذا الزمن زمن هدوء وسكون، فلم تتعرض فيه قشرة الأرض لتأثير اضطرابات أو حركات أرضية بطيئة اللهم إلا في أواخره حين بدأت حركة الالتواءات الألبية التي استمرت وبلغت عنفوانها في زمن الحياة الحديثة، وتخلو تكويناته من آثار النشاط البركاني إلا فيما ندر.
أنواع الأحياء:
الحيوان:
1- في البحر:
تطورت وارتقت وانتشرت معظم أنواع الحيوانات اللافقرية، كما انقرضت بنهايته أنواع هامة منها، وظهرت القنافذ البحرية البدائية، وارتقت أنواع الأسماك وكان من بينها ما يشبه بعض الأنواع الحالية.
2- فوق اليابس:
شاعت الزواحف وازدهرت وتطورت وبلغت أحجامًا عملاقة، ومن أمثلتها حيوان الديناصور وكذلك السلاحف والتماسيح، وقد اختفت كلها بانتهاء هذا الزمن، وظهرت الحيوانات الثديية الأولية متطورة من الزواحف، وكانت من الأنواع الكيسية التى تحمل صغارها في كيس يقع أسفل بطنها مثل الكنجرو الذي يعيش حاليًا في استراليا.
ظهرت الضفادع والفراشات والطيور الأولية. وكانت الطيور ضخمة ذات أسنان، وهي تمثل بداية التطور من الزواحف إلى الطيور، التي تطورت وارتقت فيما بعد، ولم تنتشر إلا في العصور الجيولوجية الحديثة، كثرت الحشرات، وكان بعضها يشبه الأنواع الحالية.
ظهرت السحالي وأشباه الثعابين والتماسيح الحالية.
النبات: اختفت الأشجار الضخمة التي انتشرت في زمن الحياة القديمة، وحلت محلها أنواع الأشجار الصنوبرية التي تشبه الأنواع الحالية.

بدأ ظهور النباتات المزهرة في أواخر هذا الزمن كأنواع من أشجار النخيل.
الأهمية الاقتصادية:
يستغل الملح الصخري والجبس من بعض طبقاته، وتحتوى تكويناته على خام الحديد الذي يعدن في جنوب مصر قرب أسوان، وعلى خام الفوسفات الذي يستغل في جهات متفرقة من مصر والمغرب، ويستغل البترول من طبقاته التي تنتمي لعصر الكريتاسي "أو الطباشيري" في الكويت ومنطقة الخليج العربي.

زمن الحياة الحديثة:
سبب التسمية:
بديهي أن يسمى أحدث الأزمنة التي ينقسم إليها عمر الأرض بزمن الحياة الحديثة، كما أن الأحياء التي عاشت أثناءه تشبه الأحياء التي تعيش في عصرنا الحاضر.
ولما كان هذا الزمن ينقسم إلى قسمين متميزين: ثلاثي ورباعي، ولهذا فإننا سنتناول بالدراسة كلًّا منهما على حدة:
أولًا: القسم الثلاثي:
المدى الزمني:
حوالى 70 مليون سنة.
العصور:
الباليوسين، الأيوسين، الأوليجوسين، الميوسين، البليوسين.
أنواع الصخور:
تتركب من طبقات متتابعة من الصخور الجيرية والطفلية والطينية، وينتشر وجود هذه الصخور في معظم البلاد العربية.
الأحداث الجيولوجية:
صحب هذا القسم الثلاثي نشاط بركاني عظيم، وحركات انكسارية على نطاق واسع أدت إلى تكوين الأخدود الأفريقي العظيم الذي يفصل الآن بين قارتي آسيا وإفريقيا، ويقع فيه البحر الأحمر ومنخفض نهر الأردن.
وقد بلغت الحركات الالتوائية الألبية عنفوانها، وكان لها أكبر الأثر في تشكيل سطح الأرض، فارتفعت سلاسل الجبال الضخمة التي تمتد امتدادًا عظيمًا بعلو شاهق في معظم القارات الحالية كسلاسل الألب في أوربا، والهيملايا في آسيا، وأطلس في المغرب العربي، والروكي والأنديز في غرب الأمريكتين.
وقد بدأ توزيع اليابس والماء يتخذ شكله الحالي تقريبًا.
أنواع الأحياء:
أولًا: في البحر:
ازدهرت الأسماك الفقرية والرخويات، واقتربت الحيوانات البحرية عمومًا من أشكالها الحالية، وظهر الكثير من فصائل الحيوانات الثديية البحرية.
ثانيًا: فوق اليابس:
استمر وجود الزواحف كالثعابين والسحالي.
تضخمت أحجام الحيوانات الثديية، وظهرت منها أنواع عملاقة انقرضت بانتهائه، اندثرت الطيور ذوات الأسنان، وحلت محلها طيور عديمة الأسنان، كثرت الحشرات وتنوعت.
انتشر أسلاف الفيل والجمل الحاليين، كما ظهر البقر الوحشي والغزلان والحمير البرية والخيول والثيران والدببة والذئاب وغيرها.
ظهرت أنواع عديدة من القردة ومنها القردة العليا.
تكاثرت النباتات المزهرة، وانتشرت انتشارًا كبيرًا مثل النخيل وأشجار الصنوبر والتين وغيرها.
الأهمية الاقتصادية:
تستغل الصخور الجيرية والطينية في صناعة الأسمنت، وتستخدم أنواع الجبس في صناعة المصيص، والبازلت في رصف الطرق، وتحتوي التكوينات على خامات الكبريت والزنك والرصاص والبترول كما في جمهورية مصر العربية.
القسم الرباعي:
ويشتمل على عصرين فقط هما البلايوستوسين والحديث.
المدى الزمني:
حوالي مليون سنة.
أنواع الصخور:
تتركب تكوينات عصر البلايوستوسين من الرواسب التي نحتها واكتسحها الجليد المتحرك ثم أرسبها، ومن رواسب الأنهار القديمة.
أما تكوينات العصر الحديث فتتركب من رواسب الأنهار الحالية من حصىً ورمل وطمي، ومن الرواسب الهوائية مثل الكثبان الرملية، ومن الرواسب التي تتراكم في البحيرات والبحار والمحيطات.
الأحداث الجيولوجية:
تتمثل في استمرار بطيء جدا لحركات الرفع الالتوائية الألبية، ومع نشاط بركاني محدود، وقد اتخذت القارات والمحيطات توزيعها الحالي تقريبًا، وفي أثناء عصر البلايوستوسين الذي يعرف أيضًا بالعصر الجليدي انخفضت درجات الحرارة العالمية. كما ازداد التساقط في هيئة ثلج مما أدى إلى تراكم الجليد فوق مساحات هائلة من قارة أوربا وآسيا وأمريكا الشمالية، أما في نطاق الصحاري الحارة الجافة حاليًا كالصحراء الكبرى الإفريقية، فقد ازداد سقوط المطر ومن ثم يعرف هذا العصر فيها بالعصر المطير.
أنواع الأحياء:
لا تزال الغالبية العظمى من الكائنات الحية التي عاشت في عصر البلايوستسين موجودة حتى وقتنا الحالى، ولم ينقرض سوى عدد قليل من الحيوانات الثديية، وقد ثبت بما لا يدع مجالًا للشك بأن الإنسان كان موجودًا في هذا العصر، فقد عثر على عظام الإنسان نفسه، وعلى الكثير من الأدوات الحجرية التي كان يستعملها في الصيد وفي الدفاع عن نفسه.
أما في العصر الحديث فقد بلغت الأحياء أقصى درجات الكمال، وهو عصر الإنسان الحديث الذي يعتبر تاج الخليقة.
الأهمية الاقتصادية:
تستخدم الرواسب الجليدية كالجلاميد والحصى والرمال والطين في رصف الطرق وصنع الطوب للبناء، أما الرواسب النهرية فهي تكون التربة الزراعية الخصيبة التي تمد البشر بمواد الغذاء ومحاصيل الألياف.
الأهمية الجغرافية للأزمنة الجيولوجية:
من هذا العرض العام للأزمنة الجيولوجية يتضح بجلاء أنها ذات أهمية كبيرة بالنسبة للجغرافي، فهي تفسر له الكثير من الظاهرات الجغرافية البحتة التي يتعذر عليه تفسيرها ما لم يكن ملمًّا بخصائص كل منها. وأنت بعد قراءتك لمميزات الأزمنة الجيولوجية والتطورات الطبيعية والحيوية التي حدثت خلالها لن يستعصي عليك فهم ظاهرات مثل:
1- اختلاف التركيب الصخري لمختلف القارات من حيث النوع والعمر، فمن الصخور ما هو صلد قديم قدم الأرض، ومنها ما هو لين إرسابي حديث النشأة.
2- عدم استقرار حالة سطح الأرض، فاليابس قد يهبط ويصبح قسمًا من قاع بحر، وقاع البحر قد يرتفع ويصبح جزءًا من يابس قارة. وتوزيع اليابس والماء قديمًا كان يختلف عنه في وقتنا الحالي.
3- نشوء الجبال والهضاب وتطورها. فهي تولد وترتفع عاليًا، ثم تتناولها عوامل التعرية بالنحت والاكتساح، وحمل موادها إلى المحيطات، ثم تأتي اضطرابات أرضية جديدة فيرتفع سطح الأرض من جديد.
4- التشابه في امتدادات الجبال واتجاهاتها. فجبال الألب في أوربا والهيمالايا في آسيا تمتد شامخة عظيمة من الغرب إلى الشرق، وأنت تجد تفسير ذلك إذا رجعت إلى الأحداث الجيولوجية في زمن الحياة الحديثة، فتكوينها مرتبط بحركات أرضية حدثت فيه، وستجد هناك إيضاحًا لتكوين الأخدود الإفريقي العظيم الذي يقع فيه البحر الأحمر.
5- النشاط البركاني الحالي وارتباطه بأجزاء معينة من سطح الأرض، تلك الأجزاء الضعيفة المقلقلة التي أصابتها حركات أرضية حديثة كما في جنوب أوربا وغرب الأمريكتين.
6- الأحياء التى تجدها الآن على الأرض تسعى وتملأ وجهها بالحركة والحياة ويتوجهها وجود الإنسان، كلها قد نشأت وتطورت وارتقت خلال الأزمنة والعصور الجيولوجية. ولا يمكن للجغرافي أن يفهمها على حقيقتها إلا إذا بحث في ماضيها.

7- التعرف على توزيع المعادن والرسوبيات القيمة المفيدة، فهى ترتبط بتكوينات عصور جيولوجية معينة. كالفحم مثلًا الذي يرتبط وجود أنواعه الجيدة بالعصر الفحمي.
من هذا ترى أن لكل ظاهرة جعرافية ماضيها وحاضرها ومستقبلها، ولا يمكن فهمها إلا بالتعرف على ماضيها، ومن هنا تأتي أهمية الإلمام بخصائص الأزمنة والعصور الجيولوجية بالنسبة للجغرافي.


بواسطة : admin
 0  1  15.3K
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 12:42 مساءً الخميس 21 نوفمبر 2024.