تدور الكرة الأرضية حول محورها، وفي الوقت نفسه تدور حول الشمس، ولكلا هاتين الحركتين أثر عظيم في حياة الكائنات على سطح الأرض.
حركة الأرض حول محورها
مدخل
...
حركة الأرض حول محورها:
تدور الأرض حول محور يعتبر أقصر قطر لها وهو القطر القطبي، والمحور خط وهمي يخترق الكرة الأرضية من مركزها ويخرج من طرفيها، ويسمى أحد طرفيه بالقطب الشمالي، والطرف الآخر بالقطب الجنوبي، والمحور ليس عموديًّا إذ إنه يميل عن الوضع العمودي بمقدار 23.5 ْ تقريبًا، وميله ثابت في اتجاه واحد لا يتغير "شكل 16".
شكل 16: محور دوران الأرض
وحين نحرك نموذجًا لكرة أرضية نحو الشرق يكون هذا هو الاتجاه السليم لدوران الأرض، أي أنها تدور حول محورها من الغرب إلى الشرق.
ولما كانت النجوم ومنها الشمس ثابتة، والأرض هي المتحركة، فإنه يبدو لنا كما لو كانت النجوم والشمس تتحرك في قبة السماء من الشرق إلى الغرب، أي عكس حركة الأرض الصحيحة، فالشمس تظهر كل يوم من الشرق، ثم تعلو في الأفق حتى تصل إلى نقطة السمت "الظهر"، ثم تميل بالتدريج حتى تغرب "شكل 17"، والواقع أن ما نراه من انتقال الشمس في مسلكها كل يوم من الشرق إلى الغرب هو حركة ظاهرية تنشأ عن دوران الأرض حول نفسها في اتجاه مضاد، أي من الغرب إلى الشرق، ويشبه هذا ما يراه المسافر في قطار سريع، إذ تظهر له الأشجار وأعمدة البرق كأنها تتحرك في اتجاه مضاد لاتجاه سير القطار، مع أنها في الواقع كالنجوم ثابتة في أماكنها.
شكل 17: حركة الشمس الظاهرية
يوضح الشكل حركة الشمس الظاهرية بالنسبة للأماكن التى تقع على خط طول 104 شرقًا "سنغافورة مثلًا"، ويلاحظ أن أقصر ظل للعصى يتجه جنوبًا، ويحدث عند الظهر، أي حينما تصل الشمس إلى أعلى نقطة في السماء.
وإذا أردنا أن نعرف مدة دورة الأرض حول محورها فلننظر إلى الشمس، ونحسب المدة التى تنقضي بين السمت والسمت "بين الظهر والظهر"، فإن هذا يدلنا على أن الأرض دارت في هذه المرة دورة كاملة، وهذه المدة مقدارها 24 ساعة، وهي ما ندعوها باليوم الشمسي.
وينشأ عن دوران الأرض حول نفسها أمام الشمس ظاهرتان على جانب عظيم من الأهمية:
شكل 18: الليل والنهار
توضح الأشكال الأربعة ما يحدث على خط جرينتش أثناء دورة واحدة للأرض في يوم 21 مارس.
الظاهرة الأولى:
هي تعاقب الليل والنهار "شكل 18". فكل مكان على وجه الأرض يتمتع بضوء النهار من طلوع الشمس إلى غروبها، ثم يأتي عليه الليل ويظل مظلمًا حتى الصباح التالي، وهكذا يتعاقب عليه النهار والليل نتيجة لدوران الكرة الأرضية حول نفسها من الغرب إلى الشرق، أما إذا كانت الأرض ثابتة أمام شمس فلا يكون هناك تعاقب نهار وليل، بل يظل جانبها المواجه للشمس نهارًا دائمًا، وجانبها المظاهر للشمس ليلًا مستمرًّا، وهذا مخالف للواقع.
والظاهرة الثانية:
تتمثل في قوة اندفاع عظيمة تعرف بقوة الدفع أو الطرد المركزية، وهذه القوة تدفع بمواد الأرض وما عليها نحو الخارج، ولو كانت القوة الطاردة الناشئة عن دوران الأرض حول محورها هي القوة الوحيدة المؤثرة، لتطاير سطح الأرض عنها، بل ولاستحال على جرم الأرض كله أن يتماسك، ولكن هناك قوة أخرى تقاومها وهي قوة الجاذبية التي تفوقها بمرات عديدة، وهي التي يرجع إليها الفضل في تلاصق أجزاء الأرض واندماجها. ومن الممكن أن يكون انبعاج الأرض عند خط الاستواء وفرطحتها عند القطبين راجعًا إلى تأثير دوران الأرض حول نفسها. فإن قوة الطرد المركزية هي أقوى ما تكون عند خط الاستواء، فيؤدي هذا إلى تباعد الأجزاء الاستوائية عن المركز أكثر من الأجزاء القطبية.
ويدور كل جزء من أجزاء الأرض بانتظام بما في ذلك اليابس والماء والهواء. ولكن سرعة دوران كل جزء تختلف بحسب موقعه من المحور، فكلما كان المكان بعيدًا عن المحور كانت سرعته في الدوران أشد؛ وذلك لكي يبقى جسم الأرض متماسكًا، فدوران الأرض عند خط الاستواء أسرع منه في أي مكان آخر على سطح الأرض، وتقل السرعة كلما اتجهنا نحو القطبين، وعندما تصبح صفرًا، وينتفع بهذه الحقيقة في تفسير انحراف الأجسام المتحركة على سطح الأرض كالرياح والتيارات البحرية، فهي تنحرف إلى يمين اتجاهها الأصلي في نصف الكرة الشمالي، وإلى يسار اتجاهها في نصف الكرة الجنوبي، ولا بد من حساب أثر هذا الانحراف في تعديل توجيه الصواريخ الموجهة.