مدخل
...
3- نظرية الازدواج النجمي:
كانت نظرية المد الغازي في مجموعها مقبولة لتفسير الصورة العامة لعملية نشأة المجموعة الشمسية، وقد ظهر كثير من الصعوبات أمام صحتها، أهمها اثنتان:
الصعوبة الأولى:
أن الكواكب ما هى إلا قسم يسير من الكتلة الكلية للمجموعة الشمسية، ومع ذلك تبعد بعدًا عظيمًا عن الشمس وتتحرك حولها، فالمسافات الشاسعة التي تفصل بين الشمس والكواكب لا تعزز أية نظرية تفترض انفصال مادة الكوكب من جسم الشمس، إذ إنه لو أن الكواكب قد انفصلت عن الشمس لكانت تبعد عنها بمسافات قصيرة محددة.
الصعوبة الثانية:
أن الشمس تتركب في معظمها من عناصر خفيفة كالأيدروجين والهيليوم. وهي عناصر يقل وجودها في الأرض. بينما نجد أن الأرض والكواكب الأخرى تتركب من نسب كبيرة من عناصرَ وزنُها الذريُّ عظيم كالحديد والألمونيوم، وهى عناصر نادرة الوجود في جسم الشمس. لهذا نجد أن المواد التي يمكن أن تنفصل عن الشمس بشكل أو بآخر كالعمود الغازي لا يمكن أن تؤدي إلى تكوين مواد كواكب المجموعة الشمسية.
وقد جاءت نظرية الازدواج النجمي لتفادي هاتين الصعوبتين. فهي تذكر أنه يمكن التغلب على الصعوبة الأولى لو تصورنا أن الشمس وقت زيارة النجم لم تكن منفردة، بل كان يصاحبها نجم آخر. وظاهرة الازدواج النجمي نجدها شائعة نسبيًّا في الكون، معنى هذا أنه كان يوجد ثلاثة أجرام:
الشمس والنجم المصاحب لها ثم النجم الزائر الذي كان يكبرها حجمًا. وقد تعرض النجم المصاحب لجذب النجم الزائر كما تعرض لانفجار شديد.
وقد أدى الانفجار العنيف إلى طرد نواة هذا النجم بعيدًا عن مجال جاذبية الشمس، بينما بقيت كتلة من الغاز كانت كافية لتكوين عمود غازي عظيم، فيه نشأت وتكاثفت الكواكب المعروفة على أبعاد من الشمس تتناسب مع أبعادها الحالية.
وللتغلب على الصعوبة الثانية ترى النظرية أن انفجار النجم المصاحب قد ولَّد حرارة هائلة كانت كافية لتأليف العناصر الثقيلة التي تتركب منها الأرض وبقية الكواكب، ويمكن اعتبار ما جاء بهذه النظرية بمثابة تفسير عام لا بأس به لنشأة المجموعة الشمسية.