تقدم العلماء بطائفة من النظريات التى تبحث في نشأة المجموعة الشمسية بصفة عامة والكرة الأرضية بصفة خاصة، وبعض هذه النظريات قديم كنظريتي "كانت" و"لابلاس" وبعضها الآخر حديث. وسنقتصر هنا على عرض ثلاث من النظريات الحديثة التي تهتم بنشأة الكواكب على وجه الخصوص، وهى نظرية الكويكبات، ونظرية المد الغازى، ونظرية الازدواج النجمي.
1- نظرية الكويكبات:
ترى هذه النظرية أن الكواكب قد تم انفصالها عن الشمس ذاتها، وذلك عن طريق التأثير المتبادل بين الشمس ونجم آخر أضخم منها حجمًا. فقد حدث أن اقترب نجم عظيم الجرم من الشمس فجذبها إليه. فحدث فيها تمدد أو انبعاج عند كل من جانبيها المواجه والمظاهر للنجم. كما حدث انفجار في جسم الشمس نتيجة الضغط الشديد الواقع على أجزائها الداخلية. ونشأ عن هذا وذاك أن انفصلت عن جسم الشمس ألسنة ملتهبة من المنطقتين اللتين أصابهما الانبعاج على دفعات متتابعة، ثم أخذت تلك الألسنة تبرد وتتكاثف وتتحرك إلى أجسام صلبة صغيرة هي التي أطلق عليها اسم الكويكبات. وأخذت تلك الكويكبات تتجاذب وتتلاحم ويجمع الكبير منها الصغير بدرجات متفاوتة، إلى أن كبرت ونمت ووصلت إلى أحجام الكواكب العشرة المعروفة التى تتألف منها المجموعة الشمسية. "انظر شكل رقم 6".
2- نظرية المد الغازي:
تقوم نظرية المد الغازي أساسًا على الاعتراف بقوة الجذب على اعتبار إنها العامل المؤثر الوحيد، وتنكر عمليات الانفجار التي تفترض حدوثها نظرية الكويكبات.
شكل 6: تفسير نظرية الكويكبات.
أ- الشمس الأصلية، وقد اقترب منها نجم أعظم منها حجمًا، فجذب إليه منها لسانًا غازيًّا عظيم الجرم.
ب- اللسان يتعرض لضغط شديد وانفجار فينفصل.
ج- تكاثف مواد اللسان وتجمعها بالتدريج لتكون كوكبًا.
وتقول هذه النظرية إنه قد اقترب نجم من الشمس أعظم منها حجمًا عدة مرات ونتيجة لقوة جذب النجم لجسم الشمس تحطمت حوافها الملتهبة، وقذفت بعيدًا عنها. فكانت هذه المقذوفات الغازية تحتوي من المواد ما يكفي لأن يجعلها تتماسك في شكل عمود غازي ضخم بلغ طوله قدر طول المسافة بين الكوكب بلوتو والشمس، وبلغ سمكه آلاف الكيلومترات. وكان هذا العمود الغازي أكثر سمكًا وضخامة في الوسط عنه عند طرفيه، وبمرور الزمن تكاثفت مواد العمود الغازي وانفصلت إلى عشرة أجزاء.
وكانت الأجزاء التي انفصلت واستقلت في الوسط أكبر حجمًا من غيرها، وفيها نشأت وتكونت الكواكب الأكبر حجمًا، أما الكواكب الصغيرة فقد تكونت عند طرفي العمود الغازي أو بالقرب منها، ويتفق هذا الترتيب في أحجام الكواكب مع الحقائق المعروفة الخاصة بالمجموعة الشمسية، إذ يشغل الكوكبان العظيمان المشترى وزحل مركزًا وسطًا بين الكواكب "شكل رقم 7".
وتفترض النظرية أيضًا أن الأقمار قد انفصلت عن الكواكب تحت تأثير جاذبية الشمس، أو ربما بتأثير جاذبية النجم الزائر نفسه، وتذكر النظرية أن الأرض وسائر الكواكب قد بردت إلى أن وصلت إلى حالة سائلة تمامًا، ثم تصلبت بعد ذلك عن طريق فقدان الحرارة بالإشعاع. وعلى هذا النحو أمكن ترتيب مواد الأرض أثناء عمليات التبريد في شكل أغلفة تزداد كثافة بالاتجاه نحو مركز الكرة الأرضية.
شكل 7: تفسير نظرية المد الغازي
أ- الشمس الأصلية وحولها هالة غازية عظيمة الحجم.
ب- اقترب منها نجم أعظم منها حجمًا، فجذب إليه الهالة الغازية.
ج- انفصال الهالة الغازية عن الشمس، وابتعادها عنها مكونة عمودًا غازيًا يشبه السيجار في شكله، أي أنه كان أكثر سمكًا وضخامة في وسطه عنه عند طرفيه، وبالتدريج تكاثفت مواده مكونة للكواكب المختلفة، ويلاحظ أن الكواكب في الوسط أكبر حجمًا من الكواكب التى تشكلت عند الطرفين.