أ.د. جهاد محمد قربة(*)
نشر ھذا البحث في سلسلة الإصدارات الخاصة لمركز دراسات
الخليج والجزيرة العربية( سلسلة محكمة )، العدد 24 ،الكويت،
نوفمبر 2007
لتحميل الكتاب كاملاً اضغط هنا
الملخص :
التعمق في المفهوم المرتبط بدرجة حرارة الترمومتر الرطب وبدرجة حرارة الترمومتر الجاف، يم ّ كن من
تحديد الانحراف الحراري الداخلي الناتج عن الفرق المطلق بين درجة حرارة الترمومتر الجاف الذي يعبر عن
درجة حرارة الهواء الحقيقية الحالية حسب الرطوبة الخاصة بالهواء، ودرجة حرارة الترمومتر الرطب الذي يعبر
عن أقل درجة حرارة يمكن للهواء أن يتحلى ا، فيما لو كان مشبعا بالرطوبة ضمن نفس الشروط
الترموديناميكية والجغرافية التي ولدت نموذج الطقس الحالي. أما المفهوم الآخر المعتمد في هذا البحث فهو يتعلق
بالفروق في السعات الذي تم حسابه بين مكة المك رمة من جهة والأراضي السعودية التي يعبر عنها بحساب
الوسطيات الخاصة بالمعدلات الحرارية اليومية لدرجة الحرارة العظمى ودرجة الحرارة الصغرى لكافة محطات
الدرجة الأولى مجتمعة التابعة للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة من جهة أخرى.
ويبقى الانحراف الخام بالنسبة للسعة الحرارية داخل مكة المك رمة أقل تعبيرًا إذا لم يعدل بواسطة نسبة
الانحراف الداخلي للأراضي السعودية على المدى الحراري الخاص ا وبالتالي فان الانحراف الحراري الداخلي
لمكة المك رمة يجب أن يضرب بنسبة الانحراف الحراري الداخلي للأراضي السعودية باعتماد معدلات الحرارة
الوسطية اليومية للترمومتر الجاف والرطب ومفهوم المدى الحراري.
وتنسب هذه الانحرافات اليومية المعدلة لمكة المك رمة إلى الفروق في السعات اليومية المحسوبة بالفرق
المطلق بين معدلات درجة الحرارية الوسطية اليومية بين مكة المك رمة والأراضي السعودية من أجل تقييم شدة
تذبذب هذه الانحرافات الحرارية لمكة المك رمة وتحديد القرينة النسبية للانحراف الحراري الفعلي الخاصة بمكة
المك رمة. ويلاحظ أهمية استخدام القرينة النسبية للانحراف الحراري اليومي الفعلي في كوا أداة لتحديد التميز
والتفرد الخاص بنماذج الطقس الحرارية لمكة المك رمة ولكوا معتمدة على البيانات اليومية الخام الأولية
. لدرجات الحرارة التي تعود للفترة من يناير 1968 إلى ديسمبر 2001
(*) أ.د. جھاد محمد قربة ، عضو ھيئة تدريس ، جامعة أم القرى، كلية العلوم الاجتماعية، قسم الجغرافيا صب 715 مكة المكرمة
2
Real Daily Thermal Deviation of Makkah Almukarramah from the
Mean Daily of Surface air Temperatures of Saudi Arabia.
Prof.: Jehad KERBE*
Abstract:
Serious study of the absolute difference between dry and wet bulb
temperatures enables better understanding of temperature patterns in a
special locality and restores better analysis of internal temperature
deviations. It is well known that dry bulb temperature mean the actual air
temperature affected by its humidity, while on the other hand the wet bulb
temperature means the temperature of the same air if reaches saturation
stage within the same thermodynamic and geographic conditions. Of course,
in the case of the wet bulb, temperature readings are always lower than those
of the dry bulb.
The present study also used the concept of differences in
temperature ranges . Here the means of daily temperature ranges are
calculated for all PME first class Climatological stations of Saudi Arabia. Then
comparison is made in those differences of Makkah with those of Saudi
Arabia.
Showing only crude deviations of temperature ranges in Makkah
stands as less expressive unless they are attributed to those of Saudi Arabia.
Here the crude temperature ranges of Makkah are multiplied by the means of
the internal temperature ranges of Saudi Arabia.
The mean daily temperature ranges of Makkah are compared with
those of Saudi Arabia areas to assess their variability and to obtain an index
for actual temperature ranges for Makkah. This index is important as it helps
showing the characteristics of weather temperature patterns of Makkah.
* Professor KERBE Jehad, Geography Departement, Umm Qurra University,
jkerbe2001@hotmail.com
3
المقدمة :
تعتبر الأبحاث المناخية على مستوى العالم من أهم الأبحاث التي تشرف عليها مختلف المنظمات
العالمية، وتقوم برعايتها مثل : المنظمة الدولية للأرصاد الجوية والهيئة الدولية الاستشارية للعلوم،
وكذلك لجنة علوم البحار التابعة لليونسكو ناهيك عن البرامج الدولية العالمية التي تشرف عليها بعض
والبرنامج العالمي لأبحاث (PIGB) الدول المتقدمة مثال : البرنامج الدولي للجيوسفير والبيوسفير
... (PNEDC) وكذلك البرنامج الفرنسي للدراسات الديناميكية للمناخ (PMRC) المناخ
الخ. وعادة ما تشارك في هذه البرامج عدد من المنظمات الدولية أو الهيئات القومية التابعة للدول
المتقدمة وتتميز مواقعها على شبكة الإنترنت التي يمكن للباحث زيارا والتعرف على تفاصيلها
العلمية.
هناك عدد كبير من المؤشرات التي تدل على تقدم البحث المناخي في الجزيرة العربية،
وخاصة منها تلك الأبحاث العلمية المناخية المقدمة من مختلف الباحثين عن أراضي المملكة العربية
السعودية، والمشكلة لموضوعات رسائل بحوث الماجستير والدكتوراه التي تناولت جوانب المناخ
التحليلي، بالإضافة إلى عدد من البحوث التي أِشرف على رعايتها عدد من أوعية النشر في المنطقة
العربية، وخاصة الجمعيات الجغرافية العربية .
وتبقى الفكرة الأكثر إبداعاً في البحوث المناخية البحتة، هي تلك الفكرة القائمة على تناول
دراسة العناصر المناخية القابلة للقياس على سطح الأرض بالاعتماد على المفاهيم العلمية التي تمثلها
هذه العناصر، خاصة عندما تقارن مع العناصر الأخرى . أي ضرورة أن يتم فهم المغزى من وراء
استخدام هذه القياسات. مثال: فهم مغزى تناول القياسات المطرية، في بحث مناخي ما والمفهوم
العلمي الحقيقي لكمية الأمطار اليومية لدراسة أصيلة مبدعة لهذه الأمطار تعتمد وتستند إلى مفهومها
الفلسفي لا لكوا مجرد أمطار فحسب ، تماماً كما يفعل الباحث عند تطويعه لطريقة إحصائية
رياضية فعليه فهم المغزى الفلسفي والمفهوم الاستدلالي لهذه الطريقة قبل أن يستخدمها في عمله
للوصول إلى هدف علمي ما .
ومن هذا المنطلق تعتبر هذه الدراسة تطبيقاً مباشرًا لأهمية النظر في المدلول الحقيقي لدرجات
الحرارة لكوا من أهم العناصر الجوية بغرض تصميم الطريقة العلمية التي تمكّن من استقراء نتائج
القياسات لمدة زمنية طويلة، وكذلك في خطوة لاحقة تقديم الطرق الاستدلالية الكفيلة بتطوير
التفسيرات العلمية الملائمة بشكل يصبح معه العمل البحثي محاكياً لمتطلبات العصر ودافعاً الباحثين
على تطوير منهجيات مناسبة ترتقي إلى مستوى التقنيات الآلية التي بحوزم من أنظمة وأدوات يأتي
على رأسها الحاسب الآلي.
4
بالإضافة إلى ذلك يعتبر هذا العمل العلمي تطبيقاً حديثاً يعكس الكيفية التي يمكن ا
للوصول إلى نتائج SPSS استخدام " الأنظمة الإحصائية الآلية " الحديثة وعلى رأسها نظام ال
يعتبر الوصول إليها مستحيلاً من الناحية اليدوية وليبرهن إمكانية استخدام بيانات ذات وحدات
زمنية صغيرة " يومية " مما يعني معالجة مئات الألوف من الأرقام وسلاسل متعاظمة من القياسات
التي بدون الوسائل الآلية التقنية الحديثة لا يمكن معالجتها.
أخيرًا، من المسلم به أن دراسة الأحوال المناخية وتفاصيل التغيرات والتباينات الحرارية
لأي بقعة من العالم ذات أهمية خاصة لأعمال التخطيط الحضري والريفي ولاستثمار سطح الأرض
بالشكل الأمثل . ويزداد هذا الأمر تأكيدًا عندما يتعلق ببقعة الإسلام المقدسة التي تستقطب
ملايين البشر كل عام لأداء فريضة الحج وكذلك لأداء العمرة . وتتعاظم هذه الأهمية عندما نعلم
بأن تأثير العنصر البشري حيث يجتمع ملايين البشر في وقت واحد أيام الحج والازدحام السكاني
الناتج من ارتفاع الكثافة السكانية يصبح محتماً ويؤدي الى زيادة الشعور لدى الإنسان بالانحراف
الحراري(*)لعاصمة الإسلام الذي بات من الضروري تقييمه بشكل علمي لوضع الخطط العلمية
واللازمة للتخطيط العمراني المستقبلي والتخطيط للحج بشكل عام أخذا" بعين الاعتبار المناخ
الحراري للعاصمة المقدسة.
وبدأت عمليات الرصد الجوي بمكة المك رمة صبيحة إنشاء محطة بالحرم الشريف عام
1966 م وكانت هذه المحطة التابعة لإحدى الشركات الاستشارية قد أنشأت لتأمين بيانات
الرصد لعمل مخططات السيول ثم وفي عام 1980 م ( 1400 ه ) اعتمد إنشاء محطة الأرصاد
الجوية وحماية البيئة التي سنقوم باستخدام بياناا اليومية لأغراض هذا البحث للمدة من يناير
1986 إلى ديسمبر 2001 م.
الملامح الجغرافية العامة لموقع مكة المك رمة :
تتميز جغرافية مكة المك رمة بكوا حوضه بين جبلية تحيط ا التلال من كل جانب تقريبا"
تزيد ارتفاعها عن 500 م . وتجعل خصائص الموضع المؤثرات الجغرافية الإقليمية والمحلية أكثر
تحكماً في الخصائص الحرارية للمدينة بالنسبة للمؤثرات الخارجية لها، والمرتبطة بالعمل المتبادل بين
مراكز العمل السائدة عادة على الجزيرة العربية وأطرافها . وأخذ بعين الاعتبار إحداثيات مكة
الفلكية على دائرة العرض 521َ 26ً 16 شمالاً وعلى خط الطول 539َ 46ً 8 شرقاً فإا
Thermic Differentiation وھو إذن ليس الاختلاف الحراري Thermic Deviation (*) المقصود بالانحراف الحراري ال
ولا يجب تحميل كلمة الانحراف أكثر من المعنى العلمي المناخي المستخدمة لھ في ھذا البحث .
5
تنتمي بشكل كبير للمناطق المدارية الأكثر تطرفاً في معدلاا الحرارية العامة . وبالنظر إلى المسافة
الخطية للمدينة عن سواحل البحر الأحمر المقدرة ب 65 كيلاً إلى الشرق فإا ليست معزل عن
تأثيرات رطوبة هذا البحر خاصة عندما تنشط فعاليات الخلية القبرصية التي تعمل على تنشيط
منخفض السودان وبالتالي استتباب رياح جنوبية غربية إلى غربية حارة ورطبة تؤثر على السواحل
الشرقية للبحر الأحمر التي تتبع لها جغرافياً مكة المك رمة.
النشاط الملاحظ لأية فعالية اضطرابية من إحدى الخليتين المركزية أو الشرقية للبحر
الأبيض المتوسط يؤدي إلى تغيير الاتجاه العام للجريان الجوي فوق سماء مكة المك رمة وجعلها
تتعرض لتأثيرات غربية حاملة للرطوبة ، هذه الرطوبة التي قد لا تؤدي الدور المخصص لها
كمعدل حراري كما هو الحال بالنسبة للمدن الواقعة على سواحل البحر الأحمر مباشرة كجدة ،
بل تلعب دورًا مخالفاً في تأخير تبدل الحرارة على المقياس اليومي مما يزيد من الآثار السلبية
لدرجات الحرارة ويؤدي إلى الشعور بالضيق الحراري خاصة في الفصول الانتقالية .
دور التضاريس والعمران في مكة المك رمة :
لا يزيد ارتفاع مكة المك رمة عن 350 م ، وتمتد على أراضي حوضية بين تلال جبلية هي
في الواقع مقدمات لجبال الحجاز الطائفية في الشرق تفصل أحياء مكة عن بعضها البعض.
استطاعت بعض أحياء المدينة تسلق سفوح الشعاب المنحدرة من تلالها الجبلية في بعض الأحيان
لتؤكد أن مكة المك رمة ذات شكل عمراني متأثر بالطبوغرافية ومنحصر فيما قد يشبه الحوض
الجبلي الذي نمت بداخله بعض القمم التي تشكل معالم مكة الرئيسية كجبل خن دمة، وجبال منى،
وثور والنور وتلال العتيبية والليث ... الخ
وتتركز التلال الجبلية لمكة في شرقها وشمالها وجنوا ( جبال الطارقي 980 م شرق مكة) أما
الأراضي المرتفعة في غرب المدينة فتشكل تلالاً منخفضة لا تقارن بإرتفاعها مع تلال شرق المدينة
مما يؤكد انفتاح المدينة بإتجاه الغرب والجنوب الغربي بشكل عام.
وتحيط هذه التلال الجبلية أحياناً ببعض من أحياء المدينة وتؤدي إلى تطور نوع من "
الانحباس " في حركة الهواء أكثر مما هو عليه الحال في بعض الأحياء المفتوحة في غرب المدينة ،
وتساعد على زيادة تفاقم الدور الحراري لأحياء كبيرة وهامة من أحياء مكة المك رمة كما في أحياء
العزيزية ، والفيصلية والمعابدة والعتيبية .
يضاف إلى دور التضاريس دور الواجهات العمرانية التي تلعب نفس الدور بالنسبة لطبقة
الهواء الملامسة لسطح الأرض وتؤدي إلى نوع من عرقلة الجريان الهوائي وتفاقم حراري ملاحظ
وسط مكة وعلى طول طرق الاختراق المؤدية إلى الحرم ومثالنا على ذلك شارع إبراهيم الخليل ،
6
شارع أجياد ، شارع عبد الله بن الزبير ، شارع المسجد الحرام ، ناهيك عن أحياء الكثافة
العمرانية العالية التي تعتمد الطراز العمودي للمباني المخصصة لإسكان الحجيج والتي تلعب هي
الأخرى دورًا في هذه " العرقلة " الهوائية فوق سماء مكة المك رمة .
الانتقال للتكلم عن الشروط الديناميكية المحددة للمناخ الحراري لمكة المك رمة يعتبر
خروجاً عن مفهوم هذا البحث وأهدافه وإطاره النظري ، كما أن تطوير شرح المؤثرات الجغرافية
المحلية وبلورا من الناحية العملية لن يؤدي إلى نتائج ، أكثر علمية من النتائج التي سنعرضها في
هذا البحث، الذي يقوم أساساً على مقارنة قياسات مكة المك رمة الحرارية مع قياسات قاعدا
الجغرافية التي تنتمي إليها أي القياسات الحرارية المبينة بواسطة مختلف محطات الأرصاد الجوية
العاملة على أراضي المملكة العربية السعودية للمدة 1986 الى 2001 م .
الدراسات السابقة :
تختلف مناطق وأقاليم المملكة العربية السعودية في عدد ونوعية الدراسات والأبحاث المناخية التي
عرفتها، وهي بشكل عام تنحصر في الدراسات التحليلية لدرجات الحرارة أو لكميات الأمطار .
لم نلاحظ توفر أية دراسة تطرقت إلى موضوع التميز أو التفرد الحراري لمكة المك رمة أو وجود
دراسة علمية تناولت موضوع الانحراف الحراري الذي يعبر عنه في هذا البحث بواسطة بيانات
محطات الأرصاد وحماية البيئة . ونجد غالباً بأن مجموعة الدراسات المناخية تعتمد على الوسطيات
الشهرية وقل أن نجد دراسات مناخية تعتمد على البيانات اليومية وهذا ما يفسر ابتعاد الباحثين
عن مثل هذه المواضيع الخاصة بدراسة "إنحراف" عنصر جوي ما لأن الأمر يتطلب استخداماً
للبيانات اليومية المتاحة حالياً .
وبمراعاة اال المتاح في هذا البحث ولضرورة التقيد بعدم إثقاله بأعمال لا تتناسب مع
طبيعته كورقة علمية فسنكتفي بسرد أهم الأعمال المناخية عن مكة المك رمة التي تعود إلى بداية
تسعينات القرن الماضي .
البحث الذي نشر في العدد( 13 ) من سلسلة بحوث جغرافية الصادرة عن الجمعية الجغرافية
السعودية للجراش ، محمد بن عبد الله ( 1413 ه، 1992 م) تحت عنوان الأقاليم المناخية في
المملكة العربية السعودية تطبيق مقارن للتحليل التجميعي وتحليل المركبات الأساسية لم يدرج
محطة مكة المك رمة من بين محطات الدراسة المعتمدة لعمليات التصنيف والبالغة 54 محطة تتوزع
على أراضي المملكة العربية السعودية . من خلال دراسة الخرائط التابعة للنص وخاصة
الخريطة( 3) المعبرة عن الأقاليم المناخية حسب تحليل المركبات الأساسية وكذلك التحليل المقدم
7
43 ) يتبين بأن مكة المك رمة تتبع هذا الإقليم المناخي الذي عن إقليم مناخ جده ( ص 39
يتسم بقسوته الحرارية بالمقارنة مع باقي الأقاليم التي تم تحليلها من قبل الباحث .
نشر معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي لجامعة أم القرى في العدد 15 من
سلسلة بحوث العلوم الاجتماعية بحثاً لأحمد ، بدر الدين يوسف محمد ( 1412 ه، 1992 م )
بعنوان " مناخ مكة المك رمة " حلل فيها الباحث بشكل جيد مختلف الملامح العامة لمناخ مكة
المك رمة والعوامل الجغرافية والديناميكية المتحكمة في مناخ المدينة فيما يتعلق بأنواع الكتل الهوائية
ومراكز العمل من منخفضات ومرتفعات جوية ، ثم قدم تحليلاً لعناصر المناخ الرئيسية :
الحرارة والرياح والرطوبة الجوية والأمطار . أكدت هذه الدراسة ارتفاع المعدلات الحرارية
ولاحظ في تفصيل معدلات الحرارة العظمى والصغرى أن معدلات الحرارة العظمى في جميع
الشهور تفوق 530 م كما أن سبعة شهور في السنة ( ابريل أكتوبر ) تفوق الدرجة العظمى
فيها 536 م وتفوق في خمسة شهور ( يونيو أكتوبر ) 540 م . بالنسبة لمعدلات درجات الحرارة
الصغرى يلاحظ أا لم تقل في شهر من شهور السنة عن 517 م وهي تزيد عن 520 م في ثمانية
شهور ( إبريل نوفمبر ) وتزيد في شهور الصيف ( يونيو سبتمبر ) عن 527 م.
وفي الدراسات المناخية العامة التي نشرت عن مناخ المملكة العربية السعودية تأتي دراسة
أحمد ، بدر الدين يوسف محمد ( 1993 م ) والمنشورة على صفحات دورية الجمعية الجغرافية
الكويتية العدد 157 التي قدر ا كمية الطاقة التي تتلقاها أراضي المملكة العربية السعودية
وأقصى طول للنهار حسب مختلف عروض المملكة العربية السعودية إلا أن دراسته للحرارة التي
78 ) لم تحاول إظهار تميز مكة المك رمة الحراري أو أن تقيم مقارنة - جاءت على الصفحات ( 59
حرارية بين مختلف محطات الداخل والساحل بقدر ما حاولت أن تضع الخطوط الرئيسية
للتوزيعات الحرارية واستعراض البيانات المتوفرة وبأن الأراضي التي تتعرض للتأثيرات البحرية
تنخفض ا المعدلات الحرارية عن مثيلاا في الداخل القاري وكيف أن البحر الأحمر الذي يتسم
بدفء حرارة مياهه التي لا تقل عن 530 م في فصل الصيف يلعب دورًا هاماً في الحفاظ على
معدلات عالية لدرجات الحرارة الدنيا لمحطات ساحل البحر الأحمر.
وتعتبر دراسة أحمد ، بدر الدين يوسف محمد ( 1997 ) المنشورة على صفحات دورية
Geo Journal : بعنوان
Climatic Classification of Saudi Arabia: an application of factor-Cluster
analysis
ومن أهم الدراسات التصنيفية عن المملكة العربية السعودية خاصة وأا اعتمدت
لعمليات التصنيف المعايير المناخية الرئيسية ومنها سبعة معايير حرارية، كما إا اعتمدت مكة
8
المك رمة من بين المحطات المستخدمة في البحث . ففي حالة التوزيع العاملي للمحطات على المحاور
الرئيسة جاء أكبر تحميل للتباين لمكة المك رمة على المحور الأول ( 1.42986 ) تليها محطة جدة
1.38263 ) أما أكبر تباين سلبي فقد كان يخص مدينة مكة المك رمة على العاملين الثاني (- )
0.73263 ) وكذلك على العامل الثالث (- 1.84359 ) . أما نتائج التحليل العنقودي الذي
اعتمده هذا البحث فتؤكد نتائجه تميز مكة المك رمة في تكوينها عنقودًا خاصاً ا مع محطتين
أخريتين حيث توسطت مركزًا يتراوح بين الجوف ونجران .
هذا الانتماء للمناخ القاري المشوب بالرطوبة يؤكد بأن مكة المك رمة من المحطات التي
يجب تعميق الاهتمام ا وتأكيد إنحرافاا المناخية ومحاولة كشف حقيقة خصائصها الحرارية
بالمقارنة مع القاعدة الكبيرة التي تنتمي إليها وهي الأراضي السعودية.
وقام كل من مرزا، معراج نواب وأحمد ، بدر الدين يوسف محمد (يونيو 2001 ) بنشر
دراسة هامة وتفصيلية لأحوال الطقس والمناخ في الشتاء بمكة المك رمة في الرسائل الجغرافية العدد
253 التي تصدر عن قسم الجغرافيا والجمعية الجغرافية الكويتية كان الهدف منها التركيز على
ضرورة تفادي السيول وتخفيف آثارها التي قد تصادف الحجاج في موسم الأمطار، فقد أكدت
هذه الدراسة على تميز مكة المك رمة بارتفاع درجات الحرارة في كل مواسم السنة وبأن معدلات
المدينة الحرارية تدخل ضمن أعلى معدلات الحرارة في العالم وبأن معدل السعات الحرارية
513.5 م يدل دلالة واضحة على الانتماء للمناطق الصحراوية الانتقالية. لقد قدمت هذه
الدراسة أشكالاً بيانية تعبر عن المدى الحراري للترمومتر الجاف الخاص بالمعدلات الحرارية في
31 ) بالإضافة إلى تتابع المعدلات العشرية لفترة مواسم الأمطار المحتملة، - الصفحات من ( 27
وتعتبر هذه الدراسة من الدراسات التحليلية المباشرة للمادة البيانية الأولية المتوفرة عن العاصمة
المقدسة .
وفي دراسة ت ّ طرف المناخ في المملكة العربية السعودية التي أجراها الدكتور أحمد ، بدر
الدين يوسف محمد والتي نشرت في الكتاب العلمي للندوة الجغرافية الثامنة لأقسام الجغرافية
بالمملكة العربية السعودية ( 2006 م) ، والتي تعتبر بحق دراسة موثقة لتطرف العناصر المناخية
الرئيسية للأراضي السعودية وخاصة منها المطرية والعناصر الاستثنائية كالرياح المحملة بالغبار،
أشار ا بشكل واضح الى انتماء منطقة مكة المك رمة إلى الأراضي التي تحقق أكبر انحرافات حرارية
2000 م وذلك بالنسبة إلى معدلاا الحقيقية. للمدة من 1966
أما دراسة الأحيدب ، إبراهيم سليمان ( 1417 ه ) حول المخاطر الطبيعية في المملكة
العربية السعودية وكيفية مواجهتها دراسة جغرافية ، فقد استعرضت السيول وأحداثها
9
وعرضت قوائم جيدة لها مما يسهم بشكل فعال في دراسة تطرفات المناخ وآثارها المباشرة وغير
المباشرة.
ويجد الباحث نفسه بشكل دائم أمام صعوبات كثيرة مرتبطة بضرورة تغطيه كل الجوانب
المتعلقة بالأدبيات السابقة لأي موضوع علمي قيد البحث، وستبقى هناك بعض الأعمال المهمة
التي ربما لم نتمكن من الوصول إليها وذكرها في هذا المكان الذي من خلاله نتبين بعض الحقائق
التالية :
1. عدم شمولية الأبحاث المناخية التحليلية الحرارية المنشورة عن مكة المك رمة أو عن المنطقة
الغربية للمملكة العربية السعودية .
2. إنعدام الدراسات العلمية الخاصة بمفهوم الانحراف الحراري كما سيأتي تعريفه فيما بعد .
3. الاختلاف الكبير والواضح لمختلف المنهجيات المتبعة في البحوث المناخية الحرارية
التحليلية والمتوفرة عن أراضي المملكة العربية السعودية عن منهجية هذا البحث وأسلوبه
في التعامل مع البيانات الحرارية اليومية لمنطقة الدراسة.
4. عدم توفر أية أدبيات سابقة بلغة أجنبية تتعلق بتناول التميز الحراري لمكة المك رمة بواسطة
مفهوم الانحراف الحراري وتقييم هذا المفهوم بواسطة قرائن مقدمة بشكل أصيل لخدمة
هذا الموضوع وتأكيده بشكل كمي.
وكما أشرنا في مقدمة هذا البحث فإن التناول الحراري لمناخ مكة المك رمة لفترة زمنية مقبولة
علمياً بشكل يؤكد إبراز الانحراف الحراري لهذه المدينة المقدسة ويّقيم مقدار هذا الانحراف
ويسمح بواسطة النماذج تقديره والتنبؤ به بإستخدام قياسات درجات الحرارة فقط، يعتبر
بحد ذاته عملاً قيماً تمكّن الاستفادة منه في تخطيط توسعات المدينة المستقبلية وتطوير عمليات
"التكييف" الصناعي لأجواء المشاعر ومسارات المشاة وأنفاقها. ويبدو اال مفتوحاً بشكل
كبير لمزيد من الأبحاث في المناخ البيئي الحراري عن مكة المك رمة وباقي المدن السعودية من
أجل تقديم دراسات علمية يمكن أن توظّف من قبل المخططين في سبيل استخدام أراضي
المملكة الريفية وخاصة الحضرية منها استخداماً حضارياً أكثر وأشد تلائماً مع المعطيات البيئية
سينعكس ايجابا" على حياة كل فرد في اتمع.
أسلوب الدراسة وأهدافها :
يتبع هذا البحث المنهج الاستقرائي الاستدلالي ويقوم على معالجة البيانات اليومية لمحطة
مكة المك رمة وكذلك لمحطات الرئاسة العامة للأرصاد الجوية وحماية البيئة المنتشرة على أراضي
10
المملكة العربية السعودية كما يبدو من الشكل (أ)(*). وسيكون التحديد العملي لإشكاليات
البحث العلمية إعتبارًا من الوحدات الصغيرة المكونة للمناخ الحراري أي اعتبارًا من الوحدة
اليومية التي تشكل حالة حرارية أو نموذج طقس حراري متفرد ناتج بالضرورة عن تفاعل
العوامل الفلكية المولدة للحرارة مع جغرافية سطح الأرض عند مستوى مكة المك رمة.
وقبل طرح التساؤلات الرئيسية لهذه الدراسة التي ستعبر تلقائياً عن أهدافها نود تقديم
بعض التعاريف العلمية للمفاهيم المستخدمة والمطورة لأغراض منهجية هذا البحث .
أ/ المفاهيم الحرارية الرئيسية المستخدمة :
بداية يجب الإشارة إلى أن هذا البحث يرتكز على مفهوم الانحراف الذي يتطلب تعريفاً
علمياً يسمح بجعل بعض نقاط البحث أكثر وضوحاً للقارئ وأكثر نقاء لأعمال المقارنة.
الانحراف حسب طبيعة هذا المفهوم يعني هنا المسافة المطلقة ( دون اعتبار الإشارة الجبرية )
بالدرجات المئوية بين قيمتين حراريتين هما درجة حرارة الترمومتر الجاف ودرجة حرارة الترمومتر
الرطب وهكذا نستطيع أن نعرف الانحراف الحراري الداخلي لأي محطة رصد جوي بأنه المقدار
الذي إنحرف بموجبه الترمومتر الجاف عن الترمومتر الرطب. الحساب المتعلق بالمعدل الحراري أو
بالسعة الحرارية هو إذن ليس مسافة بل هو فرق مطلق (دون اعتبار للإشارة الجبرية) بالدرجات
المئوية بين درجة الحرارة العظمى ودرجة الحرارة الصغرى فإن كانت الدرجات المعتمدة مطلقة
سمي المدى أو السعة الحرارية في هذه الحالة بالمدى الحراري المطلق أو السعة الحرارية المطلقة .
ولا يجب استثناء العلاقة الحتمية بين الانحراف الحراري الداخلي والسعة الحرارية لحساب
القرينة النسبية للانحراف الحراري الفعلي أو الحقيقي الذي سيأتي شرحه لا حقاً .
1. معدل وسطي الحرارة اليومية للأراضي السعودية : وهو المعدل الناتج عن حساب
"وسطي" معدلات درجات الحرارة الوسطية اليومية لكافة محطات الأرصاد من الدرجة
. الأولى والواردة في الشكل رقم (أ) عدا محطة مكة المك رمة، الجدول رقم 1
(*) ھناك عدد من محطات الرصد الجوي التابعة لوزارة الزراعة والمياه والتي تدعى عادة بالمحطات الزراعية قد تم استبعادھا في
ھذا البحث لأنھ تبين بأن حساب المعدلات الحرارية لأراضي المملكة يعتبر كافياً بإستخدام محطات الأرصاد الجوية فقط .
11
12
2. المدى الحراري للأراضي السعودية : هو الفرق المطلق بين معدل درجة الحرارة العظمى
اليومية ومعدل درجة الحرارة الصغرى اليومية المحسوبة للأراضي السعودية بواسطة كافة
محطات الأرصاد الجوية. من أجل هذا الهدف تم إنشاء مصفوفة عامة بواسطة ال
Add case , Merge Files : وباستخدام التعليمات الناتجة عن التتابع التالي SPSS
مع الاهتمام بتوحيد أسماء المتغيرات الحرارية لملفات كافة المحطات ومن ثم , Data
استخدمت المصفوفة الناتجة لحساب المعدلات الحرارية لأراضي المملكة العربية السعودية
وللفترة من يناير 1986 ديسمبر 2001 وهي مكونة من 157913 فردًا إحصائياً.
الجدول رقم 1 : مقارنة المعدلات الخام الحرارية اليومية بين مكة المك رمة والأراضي السعودية
للفترة من يناير 1986 ديسمبر 2001 م
الأراضي السعودية مكة المك رمة
( 537.9 م ( 5.4 ( - درجة الحرارة العظمى اليومية للترمومتر الجاف 531.7 م ( 8.4
( 524.3 م ( 4.5 ( - درجة الحرارة الصغرى اليومية للترمومتر الجاف 517.4 م ( 7.6
( 530.6 م ( 4.8 ( - درجة الحرارة الوسطية اليومية للترمومتر الجاف 524.6 م ( 8.1
( 523.7 م ( 2.9 ( - درجة الحرارة العظمى اليومية للترمومتر الرطب 517.3 م ( 5.1
( 518.9 م ( 3.3 ( - درجة الحرارة الصغرى اليومية للترمومتر الرطب 511.6 م ( 5.5
( 521.3 م ( 3.1 ( - درجة الحرارة الوسطية اليومية للترمومتر الرطب 514.6 م ( 5.2
وتشير القيم بين قوسين إلى الانحراف المعياري.
3. المعدلات الحرارية اليومية لمكة المك رمة وهي المعدلات الناتجة عن حساب "وسطي" القيم
الحرارية لكافة درجات الحرارة اليومية العظمى والصغرى والوسطية للترمومتر الجاف
والترمومتر الرطب للمدة من يناير 1986 الى ديسمبر 2001 م.
ب/ مفهوم الانحراف والمدى أو السعات :
1- الانحراف الحراري اليومي الداخلي في مكة المك رمة : وهو الفرق المطلق بين معدل درجة
الحرارة الوسطية اليومية للترمومتر الجاف ومعدل درجة الحرارة الوسطية اليومية للترمومتر
الرطب.
13
2- الانحراف الحراري اليومي الداخلي للأراضي السعودية : وهو الفرق المطلق بين معدل درجة
الحرارة الوسطية اليومية للترمومتر الجاف للأراضي السعودية ومعدل درجة الحرارة الوسطية
اليومية للترمومتر الرطب لهذه الأراضي .
3- معدل المدى أو السعة الحرارية اليومية لمكة المك رمة : وهي الفرق المطلق بين معدل درجة
الحرارة العظمى ومعدل الصغرى اليومية للترمومتر الجاف.
4- معدل المدى أو السعة الحرارية اليومية للأراضي السعودية : وهي الفرق المطلق بين معدلات
درجتي الحرارة العظمى والصغرى اليوميتين للترمومتر الجاف للأراضي السعودية .
5- الانحراف الحراري الداخلي : وهو الفرق المطلق بين المعدلات اليومية للترمومتر الجاف
والمعدلات الحرارية للترمومتر الرطب الخاصة بدرجة الحرارة الوسطية اليومية ، إن كان الأمر
يتعلق بمكة المك رمة أو بالأراضي السعودية .
6- معدل الفروق في السعات الحرارية : وهو الفرق بين معدل السعة الحرارية في مكة المك رمة
عن معدل السعة الحرارية للأراضي السعودية .
وباستخدام مجموعة هذه المفاهيم نستطيع إدراك العلاقة المركبة التي تعبر عن القرينة النسبية
للانحراف الحراري الفعلي أو الحقيقي التي حسبت لكل يوم من أيام السنة بواسطة المعدلات
اليومية الحرارية لمكة المك رمة وللأراضي السعودية وحسب مدة الدراسة المذكورة وبالتالي فإن
القرائن اليومية الناتجة تعبر عن القرائن اليومية لسنة حرارية مثالية أو متوسطة أي لسنة تعكس
التباين اليومي للقرائن الحرارية مناخياً :
ج/ الانحراف الحراري الفعلي أو الحقيقي لمكة المك رمة :
= RTDI وقرينة الانحراف هي
X ( ( الانحراف الحراري الداخلي لمكة المك رمة / الانحراف الحراري الداخلي للأراضي السعودية
( المدى الحراري في مكة المك رمة للترمومتر الجاف / المدى الحراري للأراضي السعودية للترمومتر الجاف ) / ( السعة الحرارية في مكة ) ( السعة
الحرارية للأراضي السعودية ) .
RTDI= ( Tmeandm Tmeamwm ) / ( Tmeands Tmeanws)*(Adm/Ads ) / (Adm- Ads )
RTDI= Real Thermic Deviation Indices ,
m = Makkah, s =Saudi Arabia,
Tmeand : Normal of the Daily mean Temperature Dry bulb,
Tmeamw : Normal of the daily mean temperature wet bulb.
Ad : Thermic Amplitude Dry bulb ( Daily maximum Temperature Daily minimum
Temperature )
وبعد ترتيب قيم هذه القرينة الحرارية لمكة المك رمة تبين بأن أقل قيمة كانت 3.4540 وأكبر
قيمة وصلت إلى 14.2983 ، ويجب حالياً محاولة البرهنة على صحة هذه القرائن بواسطة
العمليات الخاصة بالارتباط الانحداري حيث أن درجة اتساق هذه القرائن الحسابية مع بيانات
14
عالية (*) ( R يومية حقيقية كدرجات الحرارة العظمى أو الصغرى والتي يجب أن تتأكد بقيمة ( 2
أو كبيرة للارتباط الانحداري يعتبر خير وسيلة على ذلك كما سنرى فيما بعد .
التساؤلات وأهداف البحث :
طرح التساؤلات العلمية يؤدي إلى بلورة المسائل العلمية التي ستعالج في البحث أو
تسليط الضوء على الإشكاليات العلمية التي اتضحت من خلال المنهجية المتبعة أثناء العمل والتي
تم تصميمها بشكل مسبق بعد توفر مختلف عناصر وبيانات البحث . بالإضافة إلى ذلك فإن هذه
التساؤلات تساعد في التوصل لتحقيق الأهداف وتدل دلالة كبيرة على الأهمية العلمية الكامنة
وراء تناول البحث بأسلوب منهجي أصيل، كما وأخيرًا توجز المفاهيم الفلسفية المستخدمة
للوصول إلى صياغة التغيرات العلمية لكل " إشكالية هدف " توصل الباحث إلى الاستدلال
عليها حسب المنهجية المتبعة ونستطيع في مجال عرض هذا البحث طرح بعض من أهم التساؤلات
كما يلي :
ما هي الصورة الحقيقية الناتجة عن " الفروق " بين المعدلات اليومية الحرارية الجافة ·
والرطبة بين اال الحضري لمكة المك رمة وباقي الأراضي السعودية خاصة وأن مكة
المك رمة تتميز بمناخ حراري أصيل انتقالي حتماً بين المداري الرطب الحار لسواحل البحر
الأحمر والمداري القاري لمناخ المدينة المنورة أي للأوساط القارية للأجزاء الشمالية
لأراضي المملكة العربية السعودية؟
ما هي صورة " الفروق " في الانحرافات الحرارية الداخلية بين المعدلات الحرارية اليومية ·
لمكة المك رمة وباقي الأراضي السعودية التي تعكسها معدلات الوسطيات اليومية لكافة
محطات الأرصاد وحماية البيئة؟
هل تتسق الفروق الحرارية الداخلية لمكة المك رمة مع الفروق في المدى الحراري بين مكة ·
والإقليم القاري الكبير الذي ينتمي إليه متمثلاً بالأراضي السعودية؟
كيف يمكن استخدام مختلف المفاهيم المتعلقة بالتباين والتميز أو التفرد الحراري لمكة ·
المكرمة من أجل التقييم الكمي الفعلي للانحراف الحراري لعاصمتنا المقدسة؟
كيف يمكن التأكد من العلاقات السببية بين القرائن المحسوبة لأيام السنة الوسطية مناخيا" ·
ودرجات الحرارة الحدية اليومية للمدينة؟ ما هي المعادلات التي تعبر عن الارتباط مع
مختلف العناصر الجوية المقاسة حقليا" التي تعبر بقي مها عن التباين الطبيعي التجريبي
الفعلي؟
وھي مربع الارتباط المتعدد أو معامل التحديد وتمثل نسبة التباين المفسرّ . Square R = R (*)
15
نتائج البحث :
أ- الصورة الحقيقية للانحرافات:
1- الصورة الكمية الأولية للانحرافات الحرارية:
أخذًا بعين الاعتبار التعريف الخاص بالانحراف الحراري الداخلي الناتج عن الفرق المطلق
بين درجة الحرارة اليومية الوسطية للترمومتر الجاف ودرجة الحرارة اليومية الوسطية للترمومتر
الرطب ، تم حساب قيم هذه الانحرافات لكل من مكة المك رمة والأراضي السعودية وتمثيل القيم
. ( حسب تتابعها الكرونولوجي على الشكل رقم ( 1
وتدل المقارنة بين مسار المنحنيين بأن هناك فرق دائم بين انحرافات مكة المك رمة وباقي الأراضي
السعودية وبأن هذا الفرق هو أكبر في الأيام الباردة لمكة المك رمة عن الأيام الحارة وبأن هناك
تشابه بين قيم الانحرافات في الفصول الانتقالية القصيرة إثناء العام .
ويعني هذا الأمر أنه ابتدأ من اليوم الأول من العام الوسطي مناخياً وحتى اليوم 105 منه
( حسبت الفروق ابتدأ من المعدلات اليومية للفترة يناير 1986 الى ديسمبر 2001 م ) فإن
الانحراف الداخلي الحراري لمكة المك رمة يعبر عن اشتداد القارية لمكة المك رمة أي عن زيادة
الانحراف الحراري بين حرارا الجافة وحرارا الرطبة بالنسبة لباقي الأراضي السعودية . وهذه
الفترة التي استطعنا تحديدها باليوم، أي بشكل دقيق تعبر إذن عن زيادة هذه الانحرافات من بداية
يناير وحتى منتصف أبريل كل عام. وبالنظر إلى الشكل( 1) يتضح تكرر هذه الصورة من اليوم
330 إلى اليوم 365 أي عملياً مع بداية ديسمبر عندما تنخفض معدلات الحرارة الوسطية
اليومية . وهكذا يمكن القول بأن قيم الانحرافات الحرارية الداخلية لمكة المك رمة أكبر من قيم
الانحرافات الداخلية الخاصة بالأراضي السعودية وذلك من بداية ديسمبر وحتى منتصف أبريل
للعام المناخي الوسطي.
وتنعكس هذه الصورة للأيام الحارة عندما ترتفع معدلات درجات الحرارة الوسطية
اليومية حيث تصبح الانحرافات الداخلية للأراضي السعودية أكبر من مختلف قيم الانحرافات
الداخلية لمكة المك رمة . يلاحظ هذا الأمر من اليوم 145 وحتى اليوم 315 من العام الوسطي
مناخياً أي عملياً مع ايات شهر مايو وحتى منتصف شهر نوفمبر أي أواسط الخريف، حينها ينته
فصل الصيف الجغرافي لمكة المك رمة.
يتضح من خلال ما سبق أن الفصول الانتقالية القصيرة تتحدد عندما تتشابه الفروق في
قيم الانحرافات الداخلية وهكذا بالنسبة لمكة المك رمة فإن الفترة من اليوم 105 إلى اليوم 145
16
تعبر عن فصل الربيع القصير للمدينة أي من منتصف أبريل الى اية مايو. الخريف بدوره يعبر عنه
بفترة قصيرة تمتد من اليوم 315 وحتى اليوم 330 من العام أي عملياً من منتصف أكتوبر وحتى
اية نوفمبر. قصر الفصول الانتقالية يميز مختلف الأقاليم المناخية لأراضي الجزيرة العربية وهو
متعلق بشكل رئيسي بالشروط الجغرافية لهذه المناخات وبالشروط المتعلقة بالموقع بالنسبة لمختلف
مراكز العمل وطبيعة الجريان الجوي السائد. القيم الخاصة بالأراضي السعودية هي قيم وسطية
وفي واقع الأمر هي وسطيات المعدلات الحرارية اليومية لمختلف المحطات العاملة على أراضي
المملكة العربية السعودية ومنه نستطيع أن نفسر ببساطة منحى الفروق الخاصة بالأراضي
السعودية عن منحى مكة المك رمة الذي يظهر تذبذبات واضحة بين يومية لانحرافات الحرارة الجافة
عن قيم الحرارة الرطبة .
سيادة الشروط القارية على 90 % من أراضي المملكة العربية السعودية المحاطة ببحار ضيقة غير
قادرة على ترطيب الكتل الهوائية المحلية أو العابرة ، يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الترمومتر
الجاف عن الترمومتر الرطب ويجعل الانحرافات الداخلية للأراضي القارية أكبر من الانحرافات
الحرارية الداخلية للأراضي التي تتعرض للرطوبة بشكل دائم . يفسر هذا الأمر مناخية مكة
المك رمة الأكثر تعرضاً لرطوبة البحر الأحمر أخذًا بعين الاعتبار موقعها الجغرافي بالنسبة لهذا البحر
وارتفاع تردد الجريان الغربي، الجنوبي الغربي العام على مدار السنة مما يؤكد تعرض مكة للرياح
الرطبة ويدخل عاملاً جديدًا لبنية مناخها وهو الرطوبة الجوية. ويؤكد ذلك قيم الانحرافات عن
الترمومتر الرطب الأقل قيمة عن باقي الأراضي السعودية الأكثر قارية. في الواقع فان توفر عامل
الرطوبة في المناطق المدارية الحدية يؤدي إلى زيادة التفاقم الحراري وضعف الضياع الحروري
بواسطة عمليات الإشعاع الليلي وبالتالي يؤكد ارتفاع قيم المعدلات الحرارية لمكة المك رمه عن باقي
.( الأراضي السعودية كما سيوضحه الشكل رقم ( 2
17
18
2/ السعات بين المعدلات الخام :
تخضع السعات بين المعدلات الحرارية الوسطية اليومية لمكة المك رمة والأراضي السعودية
إلى نفس المنطق المناخي. تزداد السعات مع زيادة قيم المعدلات الحرارية وتقل أيام الفترات الباردة
نسبياً كما هو واضح في الشكل ( 2) الذي أعتمد له ترتب المعدلات ترتيباً تصاعدياً. لاثبات
التزامن بين فروق الانحرافات الداخلية والسعات أو المدى الحراري فقد تم تمثيلها بشكل مرتب
تنازلياً في الشكل رقم ( 3)، ويمثل هذا الشكل قيم الفرق في المدى الحراري والفرق في الانحرافات
الداخلية بين مكة المك رمة والأراضي السعودية. القيم السالبة تعبر عن كون الفروق بالدرجات
لصالح مكة المك رمة أي أن قيم الانحرافات الداخلية والسعات أو المدى الحراري هي أقل في مكة
المك رمة عن باقي الأراضي السعودية ويستثنى من ذلك الفترات الباردة حيث يتحقق العكس
وذلك كصدى مباشر لمختلف العوامل الجغرافية لموضع وموقع المدينة المقدسة.
وتعبر المساحة الفاصلة بين منحني القيم المرتبة لمعدلات الحرارة الوسطية اليومية لمكة
المك رمة وللأراضي السعودية عن هذه الشخصية الحرارية المتميزة للعاصمة المقدسة حيث تتراوح
الاختلافات من 53 م الى 58 م بين مكة المك رمة وباقي الأراضي السعودية وهذا يعتبر في حد ذاته
تفاقماً حراريا" للمدينة تشتهر به خاصة أيام الفصل الحار.
ب- الارتباط بين الفروق الحرارية:
أ) العلاقة بين فروق الانحراف الداخلي والفروق في المدى الحراري بين مكة والأراضي السعودية:
يظهر الشكلان ( 4و 5) هذه العلاقة الانحدارية الخطية القوية بين فروق الانحراف الحراري
الداخلي لمكة المك رمة عن قيم هذه الانحرافات الحرارية الداخلية للأراضي السعودية ( الحرارة
الجافة ناقصا" الحرارة الرطبة ) والفروق في المدى الحراري أو السعة الحرارية بين مكة والأراضي
السعودية .
1) العلاقة الانحدارية في حالة اعتبار فروق الانحراف الداخلي كمتغير مستقل:
تتحقق النوعية الخطية عند إنشاء علاقة الارتباط الانحداري عند البحث عن أعلى قيمة
لاعتمادها وأخذها بعين الاعتبار. لقد وصلت هذه القيمة الى 0.9333 بين فروق (R ل ( 2
الانحرافات الداخلية وفروق المدى أو السعة الحرارية بين مكة المك رمة وباقي الأراضي السعودية،
نستنتج إذن أن 93 % من تباين الفروق الخاصة بالمدى الحراري تف سر بالفروق الخاصة
بالانحرافات الداخلية. ويوضح الشكل رقم ( 4)، معادلة الانحدار بين هذين المتغيرين وللتأكد من
هذه العلاقة الانحدارية الخطية القوية وباعتبار الفروق في الانحراف الداخلي بين مكة المك رمة
لا تتغير وتبقى نسبة 93 % من تباين (R والأراضي السعودية كمتغير تابع فإن قيمة ( 2
19
20
الانحرافات الداخلية مفسرة بواسطة الفروق في السعة الحرارية بين مكة والأراضي السعودية ،
ويوضح الشكل رقم ( 5) معادلة الانحدار بين هذين المتغيرين عندما تكون فروق المدى الحراري
بين مكة والأراضي السعودية متغيرًا تابعا" .
الاتساق الخطي الواضح بين الفروق يسمح بالقول بأن إرتفاع الانحراف الحراري
الداخلي يرتبط ارتباطاً واضحاً بارتفاع قيم السعة أو المدى الحراري وأن زيادة الارتباط
الانحداري وقوته ترتبط بازدياد الفروق الحرارية الداخلية والسعات الحرارية بين مكة والأراضي
السعودية .
2) العلاقة بين معدل درجات الحرارة الوسطية اليومية وفرق الانحراف في المدى الحراري بين مكة
والأراضي السعودية:
أكبر قيمة لها وهي (R يعكس الشكل رقم ( 6)، هذه العلاقة حيث أظهرت قيمة ( 2
0.8646 عندما تم اعتماد الاتساق الخطي بين هذين المتغيرين . يلاحظ إذن بأن 86 % من
التباين في قيم الفروق الخاصة بالانحراف في المدى الحراري بين مكة المك رمة والأراضي السعودية
تف سر بمعدلات الحرارة الوسطية اليومية لمكة المك رمة ، أي أن هذه الفروق ترتبط بشكل مباشر
بالتخالف في قيم الحرارة الوسطية اليومية وهذا ما رأيناه واضحاً عندما تمت المعالجة البيانية
. ( للقياسات الخام الأولية في الشكلين ( 2و 3
21
22
3) العلاقة بين معدل درجات الحرارة الوسطية اليومية وفروق الانحراف الداخلي بين مكة
والأراضي السعودية:
بشكل أكبر مما كانت عليه 0.9784 مما (R الانحدار الخطي بين هذين المتغيرين يظهر قيمة ( 2
يعني في هذه الحالة بأن 97 % من التباين في قيم الانحراف الحراري الداخلي بين مكة والأراضي
السعودية مف سرة بقيم درجات الحرارة الوسطية اليومية لمكة المك رمة . ومن هنا نستنتج بأن
ارتفاع درجات الحرارة اليومية أو انخفاضها يؤثران بشكل مباشر في تغيرات المدى أو السعة
الحرارية وكذلك في الانحرافات الحرارية الداخلية التي تعبر قيمها عن القارية الداخلية للمناخ
الحراري للعاصمة المقدسة.
4) القرينة النسبية للانحراف الحراري الفعلي لمكة المك رمة :
مما سبق فإن الانحراف الحراري هو انحراف مركب من المسافة والمدى أو بين المسافة بين
درجات حرارة الترمومتر الجاف ودرجات حرارة الترمومتر الرطب المتأثرة بالسعة أو بالمدى
الحراري . وهذا الانحراف هو بالضروري نسبي أي يجب أن ينسب إلى قاعدة مناخية أخرى يقارن
ا أثناء حسابه، وهذا ما تم التقديم إليه أعلاه عندما تم عرض طريقة حساب القرينة النسبية
للانحراف الحراري الفعلي .
ويظهر واضحاً من دراسة هذه العلاقة البسيطة بأن المطلوب هو حساب النسبة اليومية
للانحراف الحراري الداخلي في مكة المك رمة من المدى الحراري اليومي الذي يتأثر بشكل مباشر
بالقاعدة المناخية التي تنتمي إليها مكة المك رمة وهي الأراضي السعودية. في الواقع وكما سبق
ذكره فقد تم تشكيل مصفوفة خاصة ا لحساب الوسطي اليومي لكافة المعدلات الحرارية اليومية
لشبكة المحطات الممثلة لهذه الأراضي عدا مكة المك رمة.
السؤال الكبير الذي طرح عندما تم وضع هذه القرينة يكمن في تحديد نسبة الانحراف
الفعلي. هذه النسبة قد تم إيجادها عن طريق قسمة نسب الانحراف الداخلي المتأثر بالقاعدة
المناخية الكبيرة للأراضي السعودية على فرق المدى الحراري بين مكة المك رمة والمدى الحراري
للأراضي السعودية .
( وتتراوح قيم القرنية النسبية للانحراف الحراري الفعلي لمكة المك رمة بين (أكبر من 2 وأقل من 15
تساوي 0.9 التي (R لأيام العام المناخي الوسطي وتتسق القيم المحسوبة بعلاقة انحدارية أسية بقيمة ( 2
تعني بأن 90 % من تباين القرينة النسبية للانحراف الحراري الفعلي تفسر بدرجات الحرارة الوسطية
اليومية . تتأكد إذن صحة هذه القرائن وإمكانية ربطها بدرجات الحرارة لمكة المك رمة حيث تعبر
هذه القرينة عن مقدار انحراف درجات الحرارة المتحققة في مكة المك رمة عن مثيلاا في الأراضي
السعودية أي مقدار انحراف المناخ الحراري وتميز الشخصية الحرارية لمكة عن باقي الأراضي
السعودية.
23
24
النوع الأسي للعلاقة الانحدارية بين درجات الحرارة الوسطية اليومية والقرنية النسبية للانحراف
الفعلي لمكة المك رمة يظهر واضحاً في الشكل رقم( 8)، حيث يلاحظ تزايد هذه القرينة بتزايد
درجات الحرارة الوسطية اليومية مما يسمح الآن بدراسة الارتباط بين هذه القرينة ودرجات
الحرارة الحدية اليومية أي معدلات العظمى ومعدلات الصغرى اليوميتين للتعرف على دور كل
منهما في نشوء واستتاب الانحراف الحراري لأجواء مكة المك رمة.
1) العلاقة بين معدل درجة الحرارة العظمى والقرنية الفعلية للانحراف الحراري الفعلي لمكة المك رمة: -4
يسمح الشكل رقم 9 بدراسة علاقة الارتباط الانحداري بين معدلات العظمى والقرينة
البالغة 0.9043 (R النسبية للانحراف الحراري الفعلي لمكة المك رمة ، ولقد تبين بأن قيمة ( 2
.( تبلغ أعلى قيمة لها في حالة إعتماد الارتباط الأسي التي تتضح معادلته على الشكل رقم ( 9
بأن 90 % من تباين قيم القرينة النسبية للانحراف الحراري الفعلي (R تبين قيمة ( 2
تفسر تباين معدلات درجات الحرارة العظمى اليومية . تؤكد هذه النتيجة ما تم ذكره في الفقرة
السابقة عن الدور الهام لمعدلات درجات الحرارة الوسطية اليومية في تغيرات القرائن ، ويتجدد
عالية مع أحد العناصر الطبيعية (R هنا أهمية هذه القرينة لكوا تتسق بشكل جيد بقيمة ( 2
القياسية أي التجريبية ذلك أن درجات الحرارة العظمى اليومية هي من الدرجات التي يتم قياسها
حقلياً وبشكل يومي كما نعلم .
لا يجب الاكتفاء بالتعرف على دور درجات الحرارة العظمى اليومية في نشوء هذا
الانحراف الفعلي الحراري وتأكده لمكة المك رمة خاصة